أفراد من الأجهزة الأمنية كانوا يأتون للصلاة معي في رابعة العدوية لو نطقت الأرض ستقول إن من فهمها الإسلام هم علماء الأزهر نعمل على ترجمة معاني القرآن إلى البرتغالية لا يمر أسبوع إلا ويدخل عدد من البرازيليين في الإسلام "الإسلاموفوبيا" ليس لها أثر في البرازيل أعلن الشيخ عبد الحميد متولي رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية في البرازيل عن برنامج عمله خلال فترة توليه واستعداداته لشهر رمضان الكريم، بعد فوزه رئيسا لمشايخ وعلماء البرازيل وهي أعلى سلطة دينية شرعية للمسلمين هناك مطلع الشهر الجاري خلفا للشيخ خالد تقي الدين. تخرج متولي في جامعة الأزهر الشريف وحصل على رسالة الدكتوراه في علم مقارنة الأديان منها، كما تولى إمامة مسجد رابعة العدوية بمدينة نصر لعدة سنوات، حتى انتقل للعمل بالإمامة والخطابة في المسجد الكبير بمدينة "ساو باولو" بالبرازيل. وفي حواره مع شبكة الإعلام العربية "محيط" أوضح أن الهجمات الإرهابية الأخيرة في أوروبا كان لها أثر في البرازيل لكنها لم تضر الجالية المسلمة، منتقدا تقصير الدول الإسلام بحق قضايا الأقليات وخاصة أمريكا اللاتينية مما يسمح لبعض الجهات أن تكون خطرا على الدعوة والدعاة. وكشف عن تفاصيل توليه مسئولية مسجد رابعة حتى عام 2007 وما قدمه من خدمات وزيارات مسئولين بجهاز أمن الدولة للمسجد وما وجهوه له من حديث عن خطبه. إلى تفاصيل الحوار.. في البداية.. ما خطة عملكم في المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بعد فوزكم برئاسته؟ أعددنا برنامج وخطة المجلس تقوم على جانبين أساسيين وهما الدعوة والدعاة، فالدعوة التي تحتاج إلى وسائل وإصدارات دعوية وفتاوٍ تتفق مع الواقع وأحوال الناس الذين يعيشون في هذا المجتمع.. وتم عمل لجان من أهمها لجنة الفتوى التي تضم مجموعة كبيرة من أصحاب رسائل الدكتوراه وغيرهم من أهل التخصص في علم الفقه. وسيصدر المجلس كل عام إصدارات تتضمن الخطب والدروس والفتاوى التي تمت خلال العام لمدة الأربع سنوات القادمة، أيضا نهتم بأن نقوم بترجمة لمعاني القرآن وتجمع كل المعاني الموجودة وتصحيح بعض الأخطاء بها مع استخدام الأسلوب المناسب والمعاصر لهذا البلد، وهذه الترجمة ستكون من اللغة العربية إلى البرتغالية وسيكون في هذه اللجنة متخصصين في اللغتين حتى يتم العمل على أكمل وجه. أما ما يخص الدعاة.. فنحتاج إلى إقامة دورات تدريبية لمساعدة الدعاة الجدد على معرفة الواقع وأحوال الناس في البرازيلوأمريكا اللاتينية حتى يتسنى لهم الاجتماع على النهوض بالدعوة الإسلامية فيها. اعتدتم على تقديم دروس يومي الجمعة والثلاثاء.. ما القضايا والمواضيع التي تناقشوها خلال ذلك؟ الدروس تكون أيام الجمعة والثلاثاء مساءً والسبت صباحًا، فالجمعة يكون حوار مفتوح لجميع الأسئلة في جميع العلوم، والسبت مخصص للنساء يدور حول تفسير معاني القرآن الكريم والاستفادة منه، الثلاثاء يدور حول الدروس المستفادة من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا مهم لتربية الشباب وتهذيب أخلاقهم والتأسي بالنبي وأصحابه الكرام. ماذا عن معتنقي الإسلام الجدد.. كيف تتعاملون معهم؟ هناك لجنة في المجلس مسئولة عن المسلمين الجدد وتقام لهم دورات تثقيفية وتعليمية وتحفيظ للقرآن الكريم لكل من يعلن إسلامه لتعليمهم ما تيسر من كتاب الله وتعريفهم على مبادئ الإسلام حتى يحسن إسلامه، وفي المرحلة القادمة سيكون هناك اهتمام كبير بالمسلمين الجدد من خلال إعداد برنامج متكامل في جميع العلوم الدينية لتثقيفهم الثقافة الصحيحة وتفهيمهم الإسلام الوسطي المعتدل حتى يكونوا مثلا وقدوة لهذا الشعب. وكم تبلغ نسبتهم؟ ولا يوجد إحصاء محدد بنسب دخول البرازيليين إلى الإسلام ولكن لا يمر أسبوع إلا ويدخل عدد كبير في دين الله، وهذا يعتمد أولا على توفيق الله والإخلاص في الدعوة والصدق في معاملة هؤلاء البرازيليون لأن المعاملة تؤثر فيهم أكثر من الكلام بالكثير، فالمعاملة الحسنة هي الطريق إلى أن يدخل الناس في دين الله أفواجا. هل من مشكلات تواجه عملكم الدعوي؟ البرازيل هي الدولة الأولى عالميًا في الحرية الدينية، وقد أقمنا مؤتمرا لمناقشة هذا وحضر فيه جميع ممثلي الأديان وكان مؤتمرا موفقا، والحقيقة أن البرازيل تحقق بالواقع والفعل الحرية الدينية وحرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية وهذا من فضل الله علينا. كيف تتعاملون مع الشعب البرازيلي الذي يدين أغلبه بالكاثوليكية؟ الشعب البرازيلي الشعب له أصول عربية وأكثر من 35% من اللغة البرتغالية ترجع معانيها إلى أصول عربية، فالثقافة العربية والبرازيلية تعد أنها واحدة وهناك اتفاق في كثر من الجوانب بين المسلمين وبين العادات والتقاليد في هذه البلاد خاصة أن الشعب البرازيلي يحب الاستضافة والكرم ويحب الإنسانية وينمي قيمها ونهنأ فيه بجوانب كثيرة مفقودة في غيرها من الدول، كما أن الجالية العربية انصهرت في المجتمع لعدم وجود عنصرية بل وجدوا الراحة والطمأنينة والسلام والتواضع. هل ترى أن انتشار "الإسلاموفوبيا" في الغرب يؤثر سلبا على أوضاع المسلمين في البرازيل تحديدا؟ "الإسلاموفوبيا" ليس لها أثر في هذه البلاد كشعب برازيلي أصيل له علاقة كبيرة بالمسلمين لأنه منذ أن نشأت هذه البلاد كان هناك العبيد الأفارقة الذين كان لهم أثر كبير في تعليم البرازيليين وتثقيفهم، ثم الهجرات العربية منذ أكثر من مائة وخمسين عام والتأثير الموجود بين الثقافتين العربية والبرازيلية يمحو مثل هذه الأمور تماما؛ إلا إذا كان هناك قلة فليس لها أي أثر وليست من أصل هذه الدولة، والبرازيل تتصدى لهذه الأمور ويهنأ الجميع هنا بكل الاحترام والتقدير من جميع الجهات. كيف استقبل البرازيليون الهجمات الإرهابية الأخيرة في أوروبا.. وهل تعاني الجالية المسلمة من أي مضايقات على إثرها؟ لا شك أنها كان لها أثر كبير في هذه البلاد، لكن عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وهذه الأحداث جعلت الكثير من البرازيليين يسألون عن الإسلام ويتعرفون عليه، ولعلهم يأتون إلى المسجد باعتقاد أن هناك قنابل ومفرقعات فيفاجئون بحقيقة الإسلام وقيمه ومبادئه وعدله وأخلاق الرسول الكريم وتاريخ المسلمين المشرف، فما يحملهم إلا أن يدخل الكثير منهم في دين الله أو أن تتغير وجهة نظرهم. هل هناك تقصير في العالم الإسلامي تجاه قضايا الأقليات في أوروبا؟ نعم هناك تقصير للعالم الإسلامي تجاه قضايا الأقليات خاصة أمريكا اللاتينية لبعدها، وهذا الأمر يجب أن يحسم خاصة أن هناك بعض الجهات تتعامل مع بعض الأفراد وهذا خطأ، يجب أن يكون التعامل مع المؤسسات الجامعة المعترف بها في الدولة، وهناك بعض الجهات التي تخدم بعض الأفكار التي يخشى منها ومن أفرادها فيما بعد أن تسبب خطرا على الدعوة والدعاة في هذه البلاد. توليت إمامة مسجد رابعة العدوية لعدة سنوات.. كيف كانت تلك الفترة والخدمات التي قمتم بها في العمل الخيري؟ بدأت العمل كإمام وخطيب للمسجد منذ أواخر التسعينات حتى عام 2007، وقتها كان المركز الطبي فقط أربعة أدوار خلال تولينا وصلت العيادات والمستشفيات إلى سبعة أدوار وتم افتتاح دار المناسبات الكبيرة وأصبحت هناك ثلاث دور بدلا من أن كانت واحدة فقط، كما تم تجديد المسجد والحديقة والأسوار وأدينا مهمتنا الدعوية في المكان بكل ثقة وإخلاص. هل واجهتم عوائق خلال تلك الفترة؟ لم تكن هناك عوائق أبدا من الدولة وكان الجميع يساعدنا لكلمة الحق، حتى الأجهزة الأمنية الموجودة كان الكثير منهم يجلس معي وخاصة جهاز أمن الدولة، كان كثير من مسئوليه يأتي ليصلي معي ويقولون هذا الكلام الذي تقوله إن كنت تحسب على أي جماعة لم تكن أبدا في هذا المكان، لكنك عندما تقول هذا من قلبك فكلنا معك ونحب أن نأتي لنستمع لكلمة الحق. هذه كلمة حق أقولها فكثير من مؤسسات الدولة يأتون إلى المسجد ويجدون أن هذا المكان للراحة والاستفادة العلمية، والمكان برواده المخلصين الذي يسعون دائما لخدمة الإسلام والدعوة الإسلامية أقدم لهم كل تقدير وإعزاز وأن يكون هذا المكان دائما منارة للإسلام والمسلمين. كيف يمكن مواجهة ظاهرة الإلحاد في المجتمعات العربية؟ الإلحاد ليست ظاهرة جديدة بل قديمة الأصول والحقيقة أن كلما ضعف الوازع الديني تنتشر مثل هذا التيارات لضعف العقيدة، فيجب ترسيخ العقيدة الصحيحة في نفوس أبنائنا وتعليمهم منذ الصغر حتى لا يصابوا بهذه الآفات والأمراض. الجماعات المتطرفة مثل تنظيم "داعش" يعتمدون في الترويج لأفكارهم على آيات من القرآن الكريم وكتب من التراث كيف يمكن الرد على تلك الأفكار؟ الجماعات المتشددة يقعون إما في سوء فهم لآيات الله أو نتيجة الجهل، فكلا طرفي الأمور ذميم، فمن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين كما قال الرسول، المهم ليس تعليم الدين بل فهم الدين ولن يكون هذا الفهم إلا بفهم علماء الأمة فكما قال الرسول "العلماء ورثة الأنبياء"، فالمهم متابعة هؤلاء والجلوس معهم وتصحيح المفاهيم لهم. رفض الأزهر من قبل تكفير التنظيم وما زالت ردود الأزهر والإفتاء على أفكاره ضعيفة.. فما هو تعليقك؟ الأزهر مؤسسة عالمية تؤتي ثمارها في جميع بقاع الأرض والجميع يشهد بهذا ولكنه دائما في مواجهة مع أهل الباطل الذين يريدون أن ينزعوا الثقة من الأزهر وعلمائه ولن يستطيعوا، لأن الأزهر سماء لن يستطيع أحد أن ينال منه، وإن كانت هناك بعض الأمور التي تشوه رجال الأزهر ولكن نقول أن هذا مثل الغثاء سرعان ما يزول (فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض). الأزهر ورجاله قد لا تسمع بهم كثيرا في أرضهم في مصر، لكن جميع بقاع الأرض إذا استنطقها الناس ستنطق أن من فهمها وعلمها الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها هم علماء الأزهر الشريف أصحاب الفهم الصحيح والاعتدال في الإسلام وسماحته دون الانتظار إلى شكر أو مقابل من أحد، وإنما مؤسسة الأزهر والأوقاف تخدمان الدين والدعوة والإسلام والمسلمين من أجل إعلاء كلمة الحق وتبليغها إلى الناس كافة. وما هي خطة المجلس للفترة المقبلة واستعداداتكم لشهر رمضان؟ نستعد لشهر رمضان بالدعاة الوعاظ والقراء الذين يأتون كل عام إلى البرازيل لإمامة الناس في الصلاة، وتبعث وزارة الأوقاف المصرية بقرائها وأيضا وزارة الأوقاف والدعوة الإرشاد من المملكة العربية السعودية سترسل قراء في هذا العام، وكذلك تتواجد كافة المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي وتعتمد دعاتها للبرازيل سواء الكويت ورابطة العالم الإسلامي ووزارتي الأوقاف المصرية والسعودية كلهم لا يألون جهدا لخدمة الدعوة في البرازيل، ولا ننسى الأزهر الشريف بمبعوثيه الذين كان لهم السبق في هذا البلاد.