أعلن الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة -إيسيسكو-، أن الإرهاب، بكل أشكاله وبمختلف مستوياته، هو ظاهرة إجرامية عالمية لا علاقة لها بأية حال من الأحوال بثقافة أو دين أو شعب من الشعوب، موضحاً أن الإرهاب ينبع من الغلو والتطرف والانغلاق والتشدد ورفض الآخر وعدم الاعتراف بالاختلاف معه وكراهيته وإعلان الحرب عليه، ومشيراً إلى أن مما ساعد على تفشي الإرهاب، إلى جانب عوامل عديدة، التطورُ التكنولوجيُّ للإعلام الذي ساهم إلى حد كبير، في زيادة حدة هذه الظاهرة، واتساع رقعة انتشارها، وارتفاع عدد المجندين من الأطفال والشباب في عملياتها الإجرامية. جاء ذلك في كلمة وجّهها المدير العام للإيسيسكو إلى مؤتمر افتتح اليوم في القاهرة، حول دور الإعلام العربي في مواجهة الإرهاب، يعقده المعهد الدولي العالي للإعلام في أكاديمية الشروق، وقال فيها : « أمام الخطورة المتزايدة لظاهرة الإرهاب، فقد أصبح لزاماً على المجتمع الدولي بكل مكوناته، من هيئات ومنظمات حكومية وغير حكومية، ومجتمع مدني ومؤسسات إعلامية ودينية وثقافية، تكثيف الجهود للتصدي للإرهاب بكل حزم وشجاعة وإحساس عميق بالمسؤولية، وهو الأمر الذي يقتضي قيام تحالف دولي، ليس على المستويين الأمني والعسكري فحسب، بل على المستويات الدينية والفكرية والثقافية والعلمية والإعلامية». وتحدث في كلمته التي ألقيت بالنيابة، عن أهمية هذا المؤتمر الذي ينعقد في مرحلة وصفها بأنها بالغة الصعوبة على الصعيدين الإقليمي والدولي، تفاقمت فيها الأزمات التي تهدد استقرار المجتمعات الإنسانية، والتي تخل بالأمن والسلم الدوليين، وفي مقدمتها انتشار العمليات الإرهابية ونزعات التطرف والغلو والطائفية المقيتة في مناطق متعددة من العالم العربي، مما ينعكس على رسالة الإعلام بجميع وسائله، وعلى الأداء المهني الإعلامي، وعلى الدور الذي يضطلع به الإعلام في نشر الحقائق وتغطية الأحداث وتنوير العقول وإشاعة الثقافة البانية والفن الراقي،والمتعة البريئة. وذكر أن من تداعيات هذا التأثير السلبي على الإعلام، أن وجدت وسائل الإعلام نفسَها واقعة تحت ضغوط هائلة تدفع ببعضها في أحايين كثيرة، نحو الانحراف عن الرسالة الإعلامية الجادة وأهدافها السامية والانجراف مع التيارات التي تعتمد التضليل والتدليسَ ونشر الأباطيل، إنْ لم تكن تصطنعها وتلفقها ابتداءًا، لخدمة أغراض ليست بريئة، ولتنفيذ سياسات لا تخدم أهداف الإعلام البناء ولا رسالة السلام العادل. وأوضح أن الإعلام وسيلة لنشر السلام، ولتعزيز قيم الحوار بين الثقافات والحضارات والتسامح والتعايش بين الأمم والشعوب، وطاقة للبناء وقوة للنماء. واستدرك قائلاً : « ولكن إن حاد الإعلام عن جادة الحق والصدق، وتَجَافَى عن النزاهة، وافتقد الموضوعية، أصبح طاقة للتدمير، وقوة لإفساد الحياة ولنشر الفوضى الهدامة التي يستغلها خصوم الحق وأعداء السلام، لزعزعة الاستقرار، ولإثارة الاضطرابات في المجتمع». وذكر أن رسالة الإعلام المتمثلة في مضامين الصحافة المكتوبة والمرئية والمسموعة والصحافة الإلكترونية، وفي الاتصال في دلالاته الأكاديمية ومفاهيمه الوظيفية، هي رسالة إنسانية تنموية، ورسالةً جامعةً شاملةً تقوم على التنوّع في المعارف والتعدّد في المهارات والتعمّق في المفاهيم التي تشكل حجر الأساس في الثقافة العامة السائدة، والقدرة على التحليل والتعليق واستخلاص النتائج والوقوف على حقائق الأمور، وإقامة جسور التلاقي والتقارب بين طوائف المجتمع الواحد، وبين الأمم والشعوب، باعتبار أن الإعلام هو الأداة التي توجّه المجتمع نحو آفاق التقدم والتطور والنمو المتكامل المتوازن المستدام، مؤكداً أن الالتزام بأخلاقيات الرسالة الإعلامية والتقيد بالضوابط القانونية وبالمبادئ الإنسانية، يكسبان وسائل الإعلام القوة والمناعة للتغلب على التحولات جميعًا، ولتجاوز الآثار السلبية المترتبة عليها. واختتم الدكتور عبد العزيز التويجري كلمته بقوله : « إذا كانت التحولات المجتمعية الحالية هي من القوة بحيث تؤثر في رسالة الإعلام، فإن مسؤولية القائمين على وسائل الإعلام تَتَضَاعَفُ إزاء التعامل مع ما هو سلبيٌّ من هذه التحولات، وتوجيهه نحو خدمة المجتمعات، لتكون الرسالة الإعلامية رسالةً إنسانيةً، تنشر قيم الاعتدال والوسطية، وتشيع ثقافة الحوار والسلام، وتساهم في توعية المواطنين، خاصة الأطفال والشباب، بخطورة الأهداف الشريرة للجماعات المتطرفة».