في أقصى غرب دمشق، مجاعة وحصار يفتكان بآلاف المدنيين في بلدات شمال غرب دمشق في مقدّمتها بلدة مضايا، التي ملأت الدنيا، وشغلت السوريين خلال الأيام الماضية، من خلال أنباء وصور المحاصرين من أبنائها، الذين قضى منهم العشرات جوعاً وبرداً، فيما ينتظر آخرون الموت أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي. حصيلة قتلى التجويع الذي يمارسه النظام وحلفاؤه .ترتفع يوما بعد يوم ما بين الجوع والبرد. وصمة عار في جبين الإنسانية كشفت مدى التخاذل الدولي، وكيف غلّبت المصالحه السياسية بين الأطراف المتنازعة وبين الرئيس السوري بشار الأسد على حساب المدنيين الأبرياء الذين يموتوا جوعاَ. وتحول المدنيين من السوريين في "مضايا" لهياكل عظمية نتيجة لحصارها، ليزداد تعداد الموتى بعد أن قتل الآف بالنار والرصاص ليكون الموت البطيء آخر سلاح بشار . مضايا تخلف المجزرة التي ارتكبها النظام السورى في مخيم اليرموك، ويخشى كثيرون أن تسلّم "الراية" لمدينة دير الزور، في أقصى شرق سورية، التي دخلت عامها الثاني من مأساة التجويع والحصار التي يرزح تحتها آلاف المدنيين، في مساحة لا تتجاوز الأربعة كيلومترات مربعة، على يد كل من تنظيم "داعش" حيال الأحياء التي لا تزال تحت سيطرة النظام، من جهة، فيما يفرض الأخير حصاراً مماثلاً على الأحياء التي انتزع التنظيم السيطرة عليها، من جهة ثانية، ما خلق أزمة إنسانية يدفع ثمنها منذ عام مدنيون، وجدوا أنفسهم أسرى حصارين ومشروعين يتصارعان للسيطرة والنفوذ على جغرافية غنية بالبترول، والموارد. وكان تنظيم "داعش" قد انتزع السيطرة على أحياء داخل مدينة دير الزور في أواخر عام 2014، كانت بحوزة فصائل المعارضة السورية المسلّحة، إثر هجوم شنّه في أواسط ذاك العام، بدأ من شرق المحافظة، حيث مدينة البوكمال على الحدود مع العراق، مروراً بالميادين، أكبر مدن ريف المحافظة التي باتت جميعها تحت سيطرة التنظيم، باستثناء المطار العسكري وعدة أحياء في المدينة، لاتزال تحت سيطرة قوات النظام. منها أحياء: الجورة، القصور، هرابش، والتي تضم نحو 150 ألف مدني، فيما تضم الأحياء، التي تقع تحت سيطرة التنظيم نحو 15 ألف مدني. تعدّ محافظة دير الزور من أكبر المحافظات السورية لجهة المساحة، وتضم حقول النفط الرئيسية الكبرى في سورية من حيث كمية الإنتاج، فضلاً عن كونها محافظة زراعية بامتياز؛ إذ يمرّ في جغرافيتها نهر الفرات، الذي أقامت عليه فرنسا إبان احتلالها لسورية في العشرينيات من القرن الماضي، جسراً معلقاً كان يعدً أيقونة هذه المدينة قبل أن يدمره طيران النظام في منتصف عام 2013 ويخرجه عن الخدمة. يصف الإعلامي محمد الخليف الوضع داخل دير الزور بالمأسوي، ويضيف في حديث مع "العربي الجديد": انعدمت كل وسائل الحياة داخل المدينة، حيث ندرة وغلاء الأغذية والأدوية، ووسائل التدفئة في فصل الشتاء، وتخلّف التعليم، فاضطر عدد كبير من أبناء المدينة التي كانت تضم نحو 700 ألف نسمة إلى هجرها داخل وخارج سورية، ومن بقي منهم يعانون جراء صراع النظام وتنظيم "داعش . ".