لولا ذكرياتى فى مصر ما كتبت كل تلك المؤلفات طرد اليهود من مصر أضعف الاقتصاد المصرى السادات غير مسار مصر ..ومبارك رسخ خطوات السادات ثورة يناير أبهرت العالم ثم انقلبت الأوضاع سجن الصحفيين و حكم إعدام مئات الأشخاص أضر بصورة مصر لا يوجد مؤامرة من الإعلام الغربى ..و الإعلام المصرى فى تراجع لست متنبئ لأعرف مستقبل مصر..ومشاكلها لن تحل فى ليلة وضحاها عنف داعش مرفوض ..ويقع على الحكومات بعض المسئولية " فندق المهرجان " و عصر الإسكندرية الذهبى هو الفرنسى المولع بمصر ، و الذى وضع 150 مفردة فى حبها ب " قاموس عاشق لمصر " ، وجعلها بطلة كتبه و رواياته .. هو الكاتب الكبير و الصحفى بجريدة لوموند " روبير سوليه " الذى حل بمصر ، ضيفا على المعهد الثقافى الفرنسى ، ليطلق أحدث رواياته " فندق المهرجان " . روبير سوليه كاتب وروائي فرنسي لبناني الأصل، ولد في مصر عام 1946، وتعلم في مدارسها حتي نهاية المرحلة الثانوية عام 1962، ثم هاجر إلي فرنسا وهناك درس الصحافة والأدب الفرنسي، وعمل بعد تخرجه بجريدة اللوموند حتي وصل إلي رئاسة القسم الثقافي بها . و برغم أنه يحيا الآن فى فرنسا ، و لكن مصر لم تتركه فهى تحيا بكل نصوصه أدبية كانت أم تاريخية . و فى حوار مفتوح بالثقافى الفرنسى أدارته د. أمل الصبان رئيس المجلس الأعلى للثقافة ، تحدث الكاتب عن شعوره بالنوستالجيا ،وطفولته فى " هليوبليس " و التى شبهها بإسكندرية صغيرة ، و تحدث عن التنوع الذى شهدته مصر فى هذا الوقت و خاصة الإسكندرية و عصرها الذهبى ، من أصحاب الديانات و الثقافات المختلفة و تعايشهم جانبا سويا فى سلام ، و قال " لولا ذكرياتى فى مصر ما كنت كتبت كل تلك الأعمال .. لطفولتى و ذكرياتى فى مصر تأثير كبير ، و رواياتى و أعمالى تتغذى عليها " . بين سنوات السادات والفرعون المخلوع استعاد سوليه الحقب الزمنية التى مرت على مصر منذ عام 1956 و حتى سقوط الفرعون ، قائلا أن عام 56 كان هاما و فاصلا و كان يبلغ من العمر 10 سنوات وقتها و حزن كثيرا لمغادرة الفرنسيين ، فكان يدرس فى مدارس فرنسية ، و تم طرد مدرسينه و زملائه ، ووقتها لم يعى مغادرة اليهود فكانوا جزءا صغيرا من نسيج الشعب ، و لكن مغادرتهم أضعفت الاقتصاد المصرى، فى حين تركت هزيمة 67 أثرا سيئا على مصر ، و تبخرت بعدها فكرة العروبة ، و بدأت السعودية تدخل الساحة تتحكم البترودولارية و الأفكار الأصولية . و عن فترة السادات و الذى كتب عنها فى كتاب السيرة " السادات " قال أنه اختار الكتابة عنه و دراسة مرحلته التاريخية لأن سنوات السادات هامة للغاية لمعرفة ما يحدث اليوم ، فهو حاول ان يمحو حقبة عبد الناصر خاصة بعد 73 ، و اصبح حليفا لأمريكا بدلا من روسيا ، و سعى لتطبيق الليبرالية الاقتصادية بدلا من الاشتراكية ، و فتح الباب للأخوان المسلمين و عقد المعاهدة مع إسرائيل ،كل هذ الأحداث غيرت سير البلاد من وجهة نظر سوليه . بينما قام مبارك بتعضيد العلاقات مع أمريكا ، و تعضيد السلام مع إسرائيل ، و كذلك بالنسبة لنظام السوق المفتوح و اللليبرالية الاقتصادية . و انتقالا إلى ثورة يناير ، قال أن ثورة مصر أبهرت العالم ، و تبعها العالم فى بث مبار ، على عكس ليبيا و تونس ، و قال سوليه عن ذلك : " شعرنا أن التاريخ يكتب أمامنا " ، و نقلت وسائل الإعلام العالمية روح الحماس و الوحدة الوطنية و السخرية و المبادرات الإيجابية ، لتنقل كل ما هو جميل فى مصر . و قد نقل سوليه تفاصيل ال 18 يوما التى هزت العالم فى كتابه " سقوط الفرعون " و لكنه ما لبث إن لاحظ بعدها انقلاب روح الوحدة الطائفية ، و تغير كل شئ ، قائلا أن المصريون نضجوا الآن و استوعبوا أن الثورات لا تحدث هكذا ، والديمقراطية لا تتحقق بالانتقال السريع بعد سلطة ديكتاتورية . الإعلام مؤامرة أم حرية أكد سوليه أن ليس هناك مؤامرة من وسائل الإعلام الغربية ، و أنها تعمل بحرية و لا يسيطر عليها الحكومات و لا تتلقى الأوامر ، و لا تفعل شئ سوى أنها تحاول نقل الحقيقة فى مصر بحلوها و مرها . و أضاف : ليس حقيقى ان وسائل الاعلام الغربية لم تهتم بحرق الكنائس فى 2013 ، و نقلها لقمع الجيش و الشرطة فى اعتصام رابعة ، هو اهتمام بحقوق الإنسان . كما أشار سوليه لوجود تأثر فى وسائل الإعلام بوجهة النظر الرسمية ، فالصحف الأمريكية تتأثر بوزارة الخارجية الأمريكية ، و الصحف الفرنسية و فى الغرب تتأثر كذلك ولكنها تعود و تختلف ، فهناك صحفيين فرنسيين يختلفون مع سياسة هولاند تجاه سوريا . أما عن الصحافة المصرية ، فقال أنه لا يتتبعها ، و كان يتابع التلفزيون المصرى فقط فى 2011 ، و قال أن ما يعرفه من أصدقائه فى مصر ، أن الصحافة المصرية شهدت تحرك جيد فى 2011 و 2012 ، ثم ما لبثت أن عادت للوراء ، قائلا : لا يسرنى أن يكون هناك صحفيين فى السجن ، و أنا أحرص على صورة مصر . و تابع : لا أحب شخصيا قناة الجزيرة ، و لكن طردهم و اعتقال صحفييهم بهذا الشكل مرفوض ، و قال أن القاضى الذى حكم على مئات الأشخاص بالإعدام فى دقائق لا يعرف الضرر الذى سببه لصورة مصر . مستقبل مصر عندما سئُل سوليه عن رؤيته لمستقبل مصر ، قال لست متنبئ ، أنا صحفى وكاتب و مؤرخ و لكنى بالتأكيد لست متنبئ . أما عن مشكلات مصر الأساسية فهى تتمثل كما يراها سوليه فى الأمن و الاقتصاد قائلا : لا يوجد سياح و كأن كل ما يتم لإبعادهم ،كما أوصى بصرف ملايين الدولارات لإصلاح المنظومة التعليمية ، منتقدا عدم وجود حرية و فكر نقدى فى مصر ، مشيرا أنه يتفق مع السيسى فى ضرورة تجديد الخطاب الدينى، مؤكدا أن الطريق طويل و كل هذا لن يصلح بين ليلة و ضحاها . و قال سوليه : لم أقل أبدا أن المصريين لا يستحقون الديمقراطية ، و تعليق الغرب على مشاكل حقوق الإنسان لانهم يرون ان المصريين يستحقون الحرية ، عندما تحب بلد فأنت لا تتعامل معها كسائح ، أو ضيف أنت تريد أكثر لهذه البلد و للمصريين . وعن قاموس عشق مصر ، قال أن الكتاب صدر عام 2001 ، و من وقتها حصل الكثير ، و تغيرت وجهة نظره للعديد من المواضيع ، متمنيا إصدار طبعة جديدة . و أكد أن مصر بها ثروات بشرية و ثقافية و الامكانات المتاحة فيها رائعة لو تم استغلالها ، مؤكدا أنه اندهش لدى زيارته للصعيد ، و رأى الأمل فى وجوه أطفاله الباسمة ، مشيرا أنه يمتلئ بالأمل كلما زار مصر ، قائلا : مصر مليئة بالمآسى و الأخطاء و لكن هناك دولة وثقافة و مجتمع صلب و عتيد ..نشعر بالأمل و لكن لا يجب ان نظل مكتوفى الايدى ، و من حق المصريين الحصول على حقوقهم . أحداث باريس وداعش لم يخلو الحوار من التطرق لأحداث باريس و إرهاب داعش ، و قال روبير سوليه أن تطرف داعش يرفضه الجميع . أما عن السبب وراء تحول هؤلاء للعنف ، قال سوليه : أنا من مهاجرى الجيل الأول ، و كانت لغتى الرئيسية و ثقافتى فرنسية فلم يكن من الصعب لى الاندماج فى فرنسا ، درست الصحافة و عملت به ، و لم أشعر بأى كراهية ، الكثير من العرب و المسلمين ينعمون بالأمن فى فرنسا ، و لكن البعض انضموا لداعش ، و بعضهم من اصل فرنسى و ليس عربى فقط ، و يتم غسل عقولهم ليعودوا حاملى الكشلنكوف ، نحن جميعا ضد التطرف و هو أمر غير مقبول . و أضاف :أعتقد ان الحكومات يقع عليها جزء من المسئولية ، عندما لا تستطيع أن تدمج الشباب، ولكن الحل لا يقبع فى الغرب ، الحل فى العالم العربى المسلم ، الذى ينتج أشياء غير طبيعية يجب ان نتساءل عنها ، فمشكلة سوريا خاصة بسوريا بعيدا عن الحكومات الغربية ، قائلا :عشرات الصفحات الغربية تناقش سقوط الجنسية عمن يثبت قيامه بأشياء ارهابية ، يجب ان نفكر اولا لما يفجروا انفسهم . و قال أن الشرطة الفرنسية احيانا تقوم بأخطاء ، و لكن ليس هناك تعذيب فى أقسام البوليس ، رافضا المقارنة بين مصر و باريس فلكل بلد خصوصيتها . فندق المهرجان قال سوليه عن روايته " فندق المهرجان " أن هذا الفندق ليس مصر ، و هو يمثل مخيلته فقط ، و أحداث الرواية تقع في مدينة ساحلية خيالية تدعى "ناري" ، و الفندق يعد هو " الجنة المحرمة " الذى يحلم بها طفل صغير ، فهو غير مصرح بالدخول فيه سوى للأغنياء ، و يصور الفجوة بين عالميين ، هذا الفندق الفخم غالى الثمن و قاطنيه من الأغنياء ، و فقراء المدينة ، و التحولات الذى سيشهدها عبر عقود طويلة . و رغم قول سوليه أن الفندق ليس مصر ، و لكن يبدو جليا من الرواية أن مدينة نارى بأوصافها تستحضر فى أذهاننا مدينة الإسكندرية و عصرها الذهبى فهى احتضنت طوائف مذهبية و ثقافات عديدة تعايشت متجاورة فى سلام ، و لكن أى قصة حب بين رجل و امرأة من طائفتين مختلفتين كان مصيرها دوما الفشل . و عندما حقق الطفل حلمه أخيرا ودخل الفندق ، عندما كان يلعب مع أصدقائه كان يسمون ممر الفندق " قناة السويس " ، و كانت الأحاديث داخل الفندق تدور حول الأحوال فى مصر ، و تستعرضها خلال فترة الرواية التى تتركز بين أعوام 1956 و 1970 ، و نرى كيف يتأثر الفندق بالتحولات الكبرى التى عصفت بمصر و المنطقة العربية ، و فى أواخر 20 صفحة بالرواية قفز الروائى فى نظرة سريعة للأحداث من السبعينات و حتى 2011 ، و ما آل إليه الفندق من التحول فى النهاية لمقر المحافظة ، و التهام النيران له فى الثورة الشعبية فى 2011 .