يقوم الإنسان منذ القدم بممارسة نشاطاته الاقتصادية المختلفة، وأثناء قيامه بهذه النشاطات يتعامل مع البيئة فيؤثر فيها، ولكن مع مرور الوقت زادت حاجات الإنسان ،مما أدى إلى زيادة معدل نموه الإقتصادي ،وبالتالي زاد اعتماده وتركيزه على البيئة وتغيرت سلوكاته في تعامله معها ،فظهرت بذلك مشكلات البيئة العالمية والمحلية التي تعد من أكثر المشكلات إلحاحا في الوقت الحاضر،نظرا لتفاقمها السريع وتضاعف نتائجها، وأيضا بالنظر إلى تعقيدها وتصاعد حدة أثارها ،حيث تمتد لتشمل مختلف أوجه الحياة الإنسانية متجاوزة بذلك الحدود السياسية للدول . لقد اهتمت الدراسات بالموارد الطبيعية ( الماء والهواء والتربة ) كمكونات للبيئة وقد تناست ان من اهم العناصر التى تبنى عليها الموارد البيئية هى الإنسان ،وانه هو المحرك الاساسى فى استخدام كافة الموارد الطبيعية ومؤثر بصفة مباشرة وغير مباشرة على البيئة ، وقد قال بيتر دراكر (أي منظمة، من أي نوع، لها مورد واحد حقيقي: الإنسان) لا يمكنك أن تدير أي منظمة بدون إنسان، هذه حقيقة لا يمكن أن تغيب عن أي صاحب عمل أو مدير، فما دام هناك عمل وأهداف مطلوب إنجازها، فلابد أن يتم ذلك من خلال آخرين، حتى إذا تم العمل من خلال أجهزة وآلات، فإن الإنسان هو الذين يشغلونها، وإذا كانت هناك موارد كثيرة في العمل مثل الأموال، والآلات، والخامات، والمباني، والأراضي، والفن الإداري، فإن الإنسان هو مورد أيضًا، بل الأهم؛ أنهم المورد الذي يقوم بتشغيل باقي الموارد في أي منظمة، ويطلق على الإنسان الذى يعمل داخل المنظمة المورد البشرى، وقال بريان تراسي (يمكن للناس فعل أشياء مدهشة، إذا ما تمت إدارتهم بطريقة جيدة، وتم تحفيزهم بطريقة صحيحة). لن تجد شخصًا لا يهمه أجر وظيفته، فكلنا نستمد من أجرنا قيمًا ومعاني كثيرة، فمن الأجر نعيش ونشبع احتياجاتنا الأساسية، ومنه قد نشعر بقيمة اجتماعية، ومنه قد نشعر بتحقيق الذات. وعلى مستوى المنظمة، فإن أجور العاملين تمثل ما يطلق عليه ميزانية (أو موازنة) الأجور، وهو في نفس الوقت ما يمثل الجانب الأساسي في تكلفة العمالة، وتمثل تكلفة العمالة أحد التكاليف الأساسية للمشروع. وفي الجانب الآخر، يمكن القول أن التصميم الجيد لأنظمة الأجور يمكنه أن يساعد على رفع إنتاجية وأرباح المنظمة، وعليه يمكن القول أن نظام الأجور هو بمثابة سلاح ذو حدين، إذا أحسن تصميمه وإدارته كان لصالح الشركة، وإن أسيء تصميمه وإدارته كان وبالًا عليها، ومن هنا يستمد نظام الأجور أهميته في المنظمة. ما هي الأجور؟ الأجر هو مقابل قيمة الوظيفة التي يشغلها الفرد، وهناك مفاهيم مرتبطة بالأجر يحسن التفريق بينها، ومن أهم المفاهيم والمصطلحات المرتبطة بالأجر ما يلي: المرتب: هو ما يحصل عليه الموظف، وهو ما يصرف شهريًا في الغالب. الأجر: هو ما يحصل عليه العامل، وهو ما يصرف يوميًا أو أسبوعيًا. إلا أن هذه التفرقة قد اختفت تقريبًا، وأصبح اللفظان مترادفين، وأن كليهما هو مقابل لقيمة الوظيفة التي يشغلها الفرد. إجمالي الأجر: وهو ما يستحقه الفرد من أجر (كمقابل للوظيفة)، قبل خصم أي استقطاعات. صافي الأجر: هو عبارة عن الأجر بعد خصم الاستقطاعات، أي هو الأجر الذي يستلمه الفرد في يده، وتمثل الاستقطاعات التي تخصم من الأجر في الضرائب، ونصيب وظيفة الفرد من التأمينات المختلفة (مثل تأمينات البطالة، والرعاية الصحية، والعجز، والمعاش). الأجر النقدي: هو المقابل النقدي، لقيمة الوظيفة والعمل المكلف به الفرد. الأجر العيني: هو مقابل غير مادي، يظهر في شكل خدمات تقدمها الشركة للفرد، ومن أمثلتها الرعاية الطبية، والعلاج، والمواصلات، والسكن، والملابس، ووجبات الطعام أثناء العمل، وهي بالرغم من أنها تأخذ الشكل غير المادي في تقديمها، إلا أن تكلفتها يمكن حسابها ضمن ميزانية (أو موازنة) الأجور. هل الأجور مهمة؟ بالطبع نعم... فالأجور ذات أهمية بالغة سواء على مستوى الفرد، أو على مستوى المنظمة. وتتمثل أهمية الأجور على مستوى الفرد في: أنها وسيلة لإشباع الاحتياجات المختلفة للفرد، سواء كانت احتياجات أساسية لمعيشته وبقائه، أو لشعوره بالأمان، أو للاندماج في العلاقات الاجتماعية، أو باعتبارها الوسيلة المناسبة للشعور بالتقدير من قبل المؤسسة التي يعمل بها، أو كوسيلة يقيس بها تقديره واحترامه لذاته؛ وبالتالي تحقيق بعض الرفاهية للموظفين، والحفاظ على رضاهم عن المؤسسة وولائهم لها. أما على مستوى المنظمة، فإن الأجر ذو أهمية بالغة؛ لأنه يؤدي الوظائف التالية: 1. الأجر هو وسيلة المنظمة، لجذب الكفاءات المناسبة للعمل بها. 2. الأجر هو وسيلة المنظمة، للإبقاء على أفضل الكفاءات العاملة حاليًا بها. 3. الأجر هو المقابل العادل للعمل، وهو الوسيلة لإشباع العدالة بين العاملين. لابد أن يتناسب الأجر أو الدخل بصفة عامة مع معدلات التضخم داخل المجتمع لكى يضمن عدالة التوزيع وان تعيش الأفراد بدخول مناسبة تقضى حاجاتهم الضرورية والاستهلاكية ويكون بها جزء للادخار لمواجهة الأزمات التى قد يتعرضون لها. ما هو دور كل من إدارة الموارد البشرية والمديرين التنفيذيين في الأجور؟ ينصب دور إدارة الموارد البشرية في عملية تصميم نظام الأجور وإدارته، وتقييم الوظائف ودراسة الأجور في المؤسسات الأخرى، أما المديرون التنفيذيون يقومون (بعد الاسترشاد بنظام الأجور) باقتراح فئات الأجر التي يمكن أن يبدأ بها العاملون الجدد، واقتراح زيادات الأجور والبدلات والعلاوات قبل إقرارها من إدارة الموارد البشرية، كما أنهم يقدمون معلومات لإدارة الموارد البشرية؛ لكي تقوم بتقييم الوظائف. وقال بريان تراسي (عزز ما تريد أن تراه يتكرر، فإن المكافأة تساعد على الإنجاز) إذا كان بعض مفكري الإدارة يُرجعون فشل أو نجاح المنظمات إلى الإدارة بقولهم: "فتش عن الإدارة"، فإننا نقول: "فتش عن العنصر البشري"، الذي يعتبر الأساس لنجاح الإدارة؛ فالعنصر البشري ببنوده المختلفة، وعلى رأسها الأجور أحد أهم محاور برنامج الإصلاح الإداري. فالعنصر البشري يشكل أحد أهم عناصر الإنتاج، التي تؤثر بشكل مباشر على نجاح المنظمات على اختلاف أنواعها وبلوغها لأهدافها، فهو يبعث مظاهر النشاط والعمل في المنظمة، إضافة إلى أنه يلعب دورًا هامًا وحيويًا في تحقيق الأهداف والخطط الموضوعة، بدءًا من الأعمال التنفيذية المباشرة في المستويات التنفيذية وصولًا إلى الإدارة العليا، أي أن أداء الأفراد في العمل يساهم في تحديد نوعية الأداء الكلي للمنظمة. يقول هارفي فايرستون: (تستطيع أن تحصل على أفضل ما عند الآخرين، عندما تقدم أفضل ما عندك)، وقال بريان تراسي (وظيفة القائد هي أن يضمن أداء ممتازًا للمهمة العملية) تمثل المكافآت جزءًا من العقد بين صاحب العمل والموظف، وبناء على هذا العقد، فإن الموظف يوافق على القيام بوظيفة معينة، في مقابل الحصول على نوع من المكافأة (ويشمل ذلك المرتب أو أية مزايا أخرى). ومن الممكن أن تشتمل المكافآت بمفهومها الأوسع، على بعض العناصر الأخرى مثل: توقعات الترقية، وفرص التدريب، والرضا عن العمل، وغير ذلك، وتلعب كل هذه العناصر دورًا في اجتذاب العاملين الذين ينتمون إلى المستوى المطلوب، والحفاظ عليهم وتحفيزهم؛ وبالتالي مستوى عالي من الأداء، فإن التأكيد هنا يكون على الاستراتيجيات والأنظمة والعمليات اللازمة لتحقيق هذه الأهداف. قال كريم عبد الجبار: (إنني لا أحصل على مقابل ضخم، لكوني الهداف الأول بالفريق، إن هدف التنافس هو الفوز، إنني أحاول أن أفعل ما يجب عليّ فعله لكي نفوز فحسب، وقد يكون هذا أي شيء وفي أي وقت، مثل الدفاع أو الارتداد أو التمرير، إنني أشعر بالرضا لكوني لاعبًا بالفريق). وقال بريان تراسي ( إن أهم موردين للقيمة اليوم هما الوقت والمعرفة، وعليك أن تكتشف طرقًا جديدة كل يوم لاستخدامها بطريقة أفضل). إدارة نظام الأجور: وقال كلود إم. بريستول (الجهد الدائم العازم الأكيد، هو الذي يحطم كل مقاومة، ويزيح من أمامه جميع العقبات). تحت هذا العنوان، يتم معالجة بعض القضايا والمشاكل المترتبة من عملية تقييم الوظائف، كما يتم معالجة قضايا خاصة بتسعير نظام الأجر، وصيانته، وإضفاء المرونة عليه، وفقًا للتغييرات التي تحدث في الشركة، والصناعة، والمجتمع. يقول صن تزو: (القائد الماهر هو الذي يقود اتباعه، وكأنه يقود رجلًا واحدًا في يده)، يقول أ. د. سيد الهواري: ( تنظر منظمة القرن ال 21 إلى مواردها البشرية على أنها أغلى أصول وليست مجرد عناصر إنتاج، تختارها بعناية وتدربها باستمرار وتضع لها حوافز فعالة وتوفر مناخًا صالحًا للعمل وتضع نظم تقييم سليمة كل ذلك اقتناعًا بأن الفرق الحاسم بين منظمة القرن ال 21 ومنظمة القرن ال 20 هو الموارد البشرية "الماهرة والمحفزة" تمامًا). يقول د. ستيفن سترالسر: ( عملية تعيين موظفين والاحتفاظ بهم دائمًا ما تكون بمثابة جانب مهم من أي مشروع، وفي عالم الأعمال والمشروعات اليوم، أصبحت هذه المهمة أكثر تعقيدًا وأهمية من أي وقت مضى، فبيئة الأعمال والمشروعات في تغير مستمر، ولابد أن يتسم المديرون وأقسام الموارد البشرية بالمرونة التي تكفي للتلاؤم مع هذه التغيرات ). الخلاصة : ان الإدارة الناجحة فى المؤسسات تقوم على العنصر البشرى فهو الركن الاساسى والعامل على تقدمها وتنميتها ونموها وتحقيق أهدافها . يجب على إدارة المنشاة ان يكون تقديرها للأجور مكافئ للجهود التى يبذلها العاملون ، وان تراعى الزيادة فى معدلات التضخم حتى توفر له حياة كريمة هادئة .