خلال الأسبوع الماضي صدر أمر بوقف وطباعة جريدتي صوت "الأمة" و"الصباح بأمر من جهات رقابية رغم نص الدستور المصري على عدم فرض أي رقابة على الصحف أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها، وهو ما اعتبره متخصصون في الشأن الإعلامي تهديدا لحرية الصحافة ومخالفة صارخة لنصوص الدستور. فقبل يومين منعت مطابع "الأهرام" طباعة جريدة "الصباح" بسبب مقال للدكتور أحمد رفعت بعنوان "كيف تكون طفلاً للرئيس في 9 خطوات"، تناول تحدث فيه عن محمد بدران رئيس حزب مستقبل وطن الذي رافق السيسي خلال افتتاح قناة السويس الجديدة بعد حوار له مع الجريدة ذاتها. وخلال العام الحالي صدرت قرارات بمصادرة ومنع طباعة أربعة أعداد من جرائد مختلفة بدأت بجريدة الوطن والتي كانت لها أكبر نصيب من المنع ففي عددها المنشور في 11 مارس الماضي تناولت في تقرير لها تهرب 13 جهة سيادية من دفع الضرائب وعلى رأسها الرئاسة، وبعدها تمت مصادرة الطبعة الأولى للعدد ومنع طباعة الجريدة أو توزيعها حتى اضطر مجلس تحرير الجريدة لتغيير التقرير بموضوع آخر. وفي عددها السنوي الذي حمل عنوان "7 أقوى من السيسي" وضم مقال لعلاء الغطريفي مدير تحرير الجريدة تحت عنوان "الضابط ابن القصر" الذي صدر في 11 مايو، حتى جاء القرار بمنع طباعة العدد بأمر من جهات سيادية وانتهى الأمر بحذف المقال وتغيير المانشيت الرئيسي للجريدة إلى "7 أقوى من الإصلاح". الأمر تكرر مع جريدة صوت الأمة في عدد 14 أغسطس، والذي حمل عنوان "أحزان الرئيس" وتناول الموضوع تفاصيل حول تدهور الحالة الصحية لوالدة الرئيس عبد الفتاح السيسي، حتى تدخلت جهة رقابية وأمرت بفرم نسخ الجريدة المطبوعة وحذف المادة المختلف عليها إلى موضوع آخر بعنوان "مصير البلدوزر". وشهد العام الماضي أيضا عدد من المصادرات كان أحدها من نصيب جريدة الوطن بعد نشرها تقريرا عن الذمة المالية للرئيس عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع آنذاك، وقرارات مشابهة طالت أيضا صحف المصري اليوم وصوت الأمة والوادي. مخالفة للقانون ياسر عبد العزيز الخبير الإعلامي، قال إن الإجراءات التي تجري بحق بعض الصحف من منع طباعة أو اعتراض على مواد منشورة، تتناقض مع الدستور ولا سند لها من القانون، لافتا إلى أن الرقابة على الصحف مرفوضة إلا في أوقات الحرب وغير مسموح بتدخل السلطات الأمنية أو الإدارية لتقييد حق أي صحيفة في الصدور وهذا الأمر يعبر عن "خُشونة " تجاه الصحافة. وطالب بإقرار قانون تنظيم الصحافة والإعلام الموحد الذي أنجزت اللجنة الوطنية لإعداد التشريعات الإعلامية مسودته، مشيرا إلى أنه بعد إقرار هذا القانون سيتم تحديد آليات محاسبة وسائل الإعلام والصحفيين من خلال الأطر المهنية والنقابية. غير دستورية الدكتور فؤاد عبدالنبي أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنوفية، قال إن المنع والمصادرة مخالف للدستور وانتهاك صارخ لجملة من مواد الصحافة التي ينص عليها دستور 2014 في ستة مواد وهي (70،71،72، 211،212،213) وهي نصوص دستورية كفلت حرية الصحافة والطباعة والنشر، بالإضافة إلى نص الدستور في المادة 65 والتي كفلت حرية الرأي والفكر للمواطنين وحق التعبير عن الرأي بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير. وأضاف أن ذلك يخالف المادة 67 من الدستور التي ضمنت حرية الإبداع الأدبي والفكري لجميع المواطنين، موضحا أن هناك مجموعة من النصوص الدستورية التي كفلت حرية الرأي والتعبير ومصادرة الصحف أو وقفها، ولفت إلى أن نص المادة 71 حددت حالتين فقط لوقف الصحف أو مصادرتها وهي الحرب أو التعبئة العامة، مشيرا إلى أن المادة تنص على أنه "يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها، ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها في زَمن الحرب أو التعبئة العامة". وتابع عبد النبي "في غير هاتين الحالتين لا يجوز للجهات المعنية في البلد فرض الرقابة على الصحف أو وسائل الإعلام"، مضيفا أن المادة 72 تلزم الدولة أيضا بتوفير المساواة وتكافؤ الفرص عند مخاطبة الرأي العام وما صدر فهو انتهاك أيضا لهذه المادة فهناك مخالفة لحرية الرأي والتعبير التي كفلها الدستور في 55 مادة منه". ونوه إلى أن الصحافة عجزت عن تحجيم قانون الإرهاب الذي خص الصحافة في خمس مواد وهي 28و29 و35و36و37 ، قائلا "القائمين على الصحافة في مصر عجزوا عن أن يضمنوا حقوقهم وحرياتهم فقانون الإرهاب وضع قيود على حرية الصحافة والإعلام والنشر وكذلك الفكر والتعبير والرأي". وقال "إزاء الأحداث الراهنة وقانون الإرهاب والموافقة المبدئية على قانون 94 لسنة 2015 فما يحدث هو أثر من أثار ما ستشهده المرحلة القادمة من تقليم أظافر والحد من الحريات في الإعلام المرئي أو المسموع أو المطبوع. وأشار إلى أن هناك تقييد في الحقوق والحريات الموجودة في 55 نص من الباب الثالث في الدستور، تتناول الحقوق والحريات والباب الرابع من مواد 94 حتى 100 تتحدث عن سيادة القانون والقضاء باعتبارهما ضمانات أساسية لحماية الحقوق كل هذه المواد يتم تهميشها وتنحيتها جانبا في المرحلة القادمة. البلشي: لم نتلقى شكاوى خالد البلشى رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، قال إن مثل تلك القرارات هي عودة للرقابة على الصحف، كما أنها مخالفة للدستور الذي تم إقراراه وينص على عدم جواز الرقابة أو المنع أو التعطيل بحق الصحف، داعيا كل الصحف ألا تستسلم لقرارات منع طباعة أو حذف مواد من العدد لأنه لا يحق لأحد أن يتدخل في ذلك. وأوضح أنه ليس من حق أي جهة أن تصادر جرائد خصوصا وأن الدستور واضح في ذلك. وطالب بوقفة جادة ضد هذه المحاولات لفرض سقف جديد للصحافة وأن تتحكم السلطة فيها وتضع لها حدود، واصفا التعامل مع أخبار الرئيس على أن لها وضعا خاصا بالكارثة على حرية الصحافة. وقال إن الجرائد يتم مخاطبتها وطلب التغيير منها فتستجيب دون الرجوع لنقابة الصحفيين حتى أنهم لم يتقدموا بشكاوى. ودعا الجرائد التي تمت مصادرة إعداد منها أو مُنعت من نشر مواد بعينها، أن تتقدم بشكاوى للنقابة لكي تحقق في تلك التدخلات.