توفيت في الساعات الأولى من صباح اليوم الاثنين، والدة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بأحد مستشفيات القاهرة بعد صراع طويل مع المرض. وللعلاقة بين الرئيس وأمه في أي دولة بالعالم أهمية خاصة، حيث قال الكاتب الأمريكي دوديج وياد عن ذلك: «الأمهات تعطي إرشادات الزعامة وحب السلطة لأبنائهن.. وهذا ما يساعدهم على التحول إلى زعماء سياسيين.. لكنه لا يعني بالضرورة إيمانهم بالديموقراطية والرأي الأخر». وشهدت مصر على مر تاريخها 6 رؤساء، ولكن قليل من الناس يعلمون عن امهاتهم شيئاً، وذلك نظراً إلى أنه قلما تحدثوا عنهن. - وفيما يلي نبذة عن امهات رؤساء مصر.. 1- محمد نجيب: ولد محمد نجيب بالسودان بساقية أبو العلا بالخرطوم، لأب مصري وأم مصرية، سودانية الأصل والمنشأ اسمها زهرة محمد عثمان. والسيدة «زهرة» سليلة أسرة عسكرية اشتهرت بالشجاعة والإقدام، فقد استشهد والدها «الأميرالاي» العميد محمد عثمان، ضابط مصري تعيش أسرته في أم درمان في إحدى المعارك ضد الثورة المهدية، حيث كان قائدا لحامية بوابة المسلمين بالسودان، ومعه 3 من إخوته الضباط في الجيش المصري بالسودان، أثناء الدفاع عن الخرطوم ضد قوات المهدي عام 1885. وأنجب «يوسف» من «زهرة» 9 أبناء، 3 ذكور هم محمد نجيب، وعلي نجيب، ومحمود نجيب، و6 بنات. وكانت «زهرة» هي الزوجة الثانية ل«يوسف»، حيث تزوج مرة قبلها من سودانية اسمها سيدة محمد حمزة الشريف، وأنجب منها ابنه الأول «عباس» ثم طلقها. وعندما بلغ محمد نجيب 13 عاما توفي والده «يوسف»، تاركا وراءه أسرة مكونة من 10 أفراد، فشعر بالمسؤولية مبكرًا، ولم يكن أمامه إلا الاجتهاد في كلية «جوردن» حتي يتخرج سريعا، وفي الوقت نفسه كان يعمل موظفا صغيرا براتب شهري 3 جنيهات، ليتولى الإنفاق على الأسرة، وهو ما حدث حيث كان «نجيب» يساعد والدته في تربية أشقائه وكان حريصا على أن يستكملوا تعليمهم، وأنفق على زواج شقيقاته وتجهيزهن، وظلت علاقته بوالدته طيبة حتى وفاتها. 2- جمال عبدالناصر: اشتهرت السيدة فهيمة حماد والدة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ب«القوة والصرامة»، حيث كان والدها تاجر فحم معروف في منطقة باكوس بالإسكندرية تزوجها عبد الناصر حسين، وكان شاباً فقيراً في مقتبل عمره وكان يحمل أكياس الفحم لدى والدها، دفعه طموحه للزواج من ابنة التاجر الذي يعمل لديه، وشفعت له وظيفته الأخرى في «البوستة» له وسهلت الأمور. وبعدما تزوجت «فهيمة» من «عبدالناصر» أنجبت جمال أول أولادها، وحصل على نصيبه كاملا من تدليل ورعاية وحنان أمه بأنواعها المختلفة ولم يقاسمه فيها أحد، خاصة أن والده كان يعمل صباحا وليلا ويحصل على 7 أو 8 جنيهات، لذا صبت أمه كل اهتمامها وتركيزها على «جمال». وانتقلت أسرة عبدالناصر إلى منطقة الخطاطبة بالقاهرة، حيث عمل الوالد الجديد في مركز «البوستة»، بينما ظل عبدالناصر صاحب ال5 أعوام في مدرسته الابتدائية بالإسكندرية يراسل والدته لمدة 3 سنوات. وعندما انهى عبدالناصر مدرسته الابتدائية، استعد ليسافر إلى القاهرة ليكون بقرب والدته التي كان يتشوق لرؤيتها، وعندما ذهب إلى البيت وجد سيدة أخرى تدعى عنايات الصحن، ليكتشف أن والدته توفيت في أبريل 1926، أي قبل عدة أسابيع دون أن يخبره أحد، وأدرك أنه كان يرسل الخطابات إليها وهي متوفية. وحزن عبدالناصر كثيرا عندما علم أن أبيه حضر إلى الإسكندرية وتزوج سيدة أخرى دون أن يمر سنة على وفاة والدته، وأيضا دون أن يخبره. 3- أنور السادات «ست البرين» والدة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، سودانية الأصل، تزوجت والدتها وجاءت إلى مصر وعاشت في مدينة ميت أبو الكوم، قبل أن تنجب البرين التي تزوجت من والد السادات الذي أعادها مرة أخرى إلى السودان. وتزوج الد السادات «ست البرين» حينما كان يعمل مع الفريق الطبي البريطاني بالسودان، لكنه عاش وترعرع في قرية ميت أبو الكوم. وكان السادات مائلاً بشدة إلى جدته أكثر من والدته، حيث فتنته وسيطرت عليه وكانت سبباً رئيسياً في تكوين شخصيته. وقال السادات في كتابه «البحث عن الذات»، أن «جدته كانت تحكي له قصصا غير عادية قبل النوم، لم تكن قصصا تقليدية عن مآثر الحروب القديمة والمغامرات، بل كانت عن الأبطال المعاصرين ونضالهم من أجل الاستقلال الوطني، مثل قصة دس السم لمصطفى كامل بواسطة البريطانيين الذين أرادوا وضع نهاية للصراع ضد احتلالهم لمصر، ووقتها كان صغيرا لم يكن يعرف من هو مصطفى كامل، لكنه تعلم من خلال التكرار أن البريطانيين أشرار ويسمون الناس». ولم يشعر السادات بحنان والدته، حيث انشغلت عنه فحينما سافر والد السادات عام 1914 إلى السودان سافر مع زوجته الجديدة ست البرين ولم يكن مستعدا لمشاكل الولادة، فكان كلما اقتربت ست البرين من موعد الولادة أرسل بها زوجها إلى أمه في مصر لتلد تحت رعايتها في رحلة مرهقة تستقل عبرها باخرة نيلية حتى تصل إلى الشلال وتواصل رحلتها سيرا حتى تصل إلى محطة القطار بأسوان ومن هناك تسافر إلى ميت أبو الكوم لتضع مولودها. وكان ميلاد السادات في ديسمبر 1918 كانت رحلة شاقة وعجيبة، وبعد أن مكثت ست البرين مع وليدها محمد أنور السادات فترة الرضاعة تركته وعادت إلى السودان، وفقد السادات أمه وتولت جدته رعايته. 4- حسني مبارك: نعيمة إبراهيم، سيدة ريفية أمية، هي والدة الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك، تنتمي لقرية كفر مصليحة بمحافظة المنوفية. وقالت تقارير إعلامية أن والدة مبارك لم تتلق أي قدر من التعليم، فقط حاولت أن تجتهد بمهارات الفلاحة المصرية، لتوفر لأولادها قوت يومهم دون أن تشعرهم بالحاجة أو الفقر. وكانت نعيمة شأنها شأن جميع الأمهات، لم يكن لها حلم في الحياة، إلا أن يكون أولادها أحسن حالاً منها، وشاركت زوجها الحاجب بإحدى المحاكم حلمه في أن يتبوأ أولادها ال5 «محمد، وفوزي، وعصام، وسامية، وسامي» وظائف كبيرة. وأشارت التقارير إلى أن العلاقة بين مبارك ووالدته لم تكن وطيدة، حيث كانت في حياته وكأنها لم تكن على الإطلاق، لم يكن يودها، وقد تجمدت العلاقة بينه وبينها منذ كان طالبًا في الكلية الحربية، إذ تردَّد عليها مرة كل 3 شهور، ولم تكن الزيارة تستغرق إلا عدة ساعات يعود بعدها إلى كليته. وتوفيت والدة مبارك في 22 نوفمبر 1978، وكان وقتها نائبًا لرئيس الجمهورية، وأقام مبارك ليلة عزاء لوالدته، على أن يتلق العزاء تلغرافيًّا على قصر عابدين حيث كان يعمل، واقتصر العزاء على الرجال فقط. وفجرت صحيفة «الفجر» مفاجأة من العيار الثقيل في أعقاب ثورة 25 يناير، حينما كشف المحامي نبيه الوحش للصحيفة أن والدة مبارك رفعت دعوى نفقة ضده عام 1960 لامتناعه عن مساعدتها في الإنفاق على أشقائه. وأضاف الوحش أن «الدعوى حملت رقم 20 لسنة 1960 أحوال شخصية محكمة شبين الكوم الجزئية وهي عبارة عن دعوى نفقة حصل عليها منذ سنوات المحامي نبيه الوحش من أحد العاملين بالمحكمة». 5- محمد مرسي: منيرة عبد الدايم حسن حسين، والدة الرئيس الأسبق محمد مرسي، تنتمي لأسرة من مركز ههيا بمحافظة الشرقية، وهي ربة منزل، وكانت علي صلة وثيقة ب«آل الباز» قرابة ومصاهرة. ولوالدة مرسي 3 أشقاء من الأب والأم، هم حسين عبد الدايم حسن حسين، وزبيدة عبد الدايم حسن حسين، وعبد الله حسن حسين. توفيت «منيرة» عام 2010، وحضر تشييع الجنازة مجموعة من أعضاء مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين. جدير بالذكر أن عائلة الباز معروفة باسمة سادات جمهورية مصر العربية، ويقدر عددهم ببضعة آلاف، وتواجدوا في قريتي صبيح و العواسجة مركز ههيا محافظة الشرقية، ثم انتشروا إلى عدة قرى ومدن أخرى خاصة في القاهرة و الجيزة.. وهم أحفاد السيد مسيل أبو العطا الباز الذي يتواجد مسجده وضريحه بقرية صبيح مركز ههيا. 6- عبدالفتاح السيسي: لم تكن السيدة المصرية سعاد إبراهيم محمد البالغة من العمر 20 عاما عند ولادتها لطفل صغير في صبيحة يوم 19 نوفمبر من العام 1954، تعلم أن هذا الطفل سيكون الرئيس السادس لمصر. وكانت تتمنى السيدة سعاد أن يصبح عبدالفتاح السيسي طبيبا أو مهندسا. وأقامت الحاجة سعاد مع زوجها سعيد السيسي، في الطابق الثالث بالمنزل الذي بناه الجد الحاج حسين خليل السيسي، رقم 7 بعطفة البرقوقية من شارع الخرنفش الواقع على جنبات شارع المعز لدين الله الفاطمي بحي الجمالية جنوبالقاهرة. أنجبت سعاد 8 أبناء، 3 ذكور هم أحمد، وعبدالفتاح، وحسين، و5 بنات، هن زينب، ورضا، وفريدة، وأسماء، وبوسي. واعتبر الرئيس عبدالفتاح السيسي نفسه محظوظا بسبب والدته، وكما قال في حملاته الانتخابية الرئاسية لوسائل الإعلام المصرية إنه كان فخورا بها، فهو يراها شديدة الحكمة والإيمان بالله، وكان تدمع عيناه من أجلها إذا سئل عنها. واعترف السيسي بارتباطه الشديد بوالدته، فبعد أن قرأ بيان 3 يوليو الذي أعلن فيه عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، وبسؤاله عما قالت له، أجاب «والدتي في حالة سِنّية لا تسمح لها بأن تقرأ الأحداث، وأنا مرتبط بها ارتباطاً شديداً، وهي سيدة مصرية أصيلة جدا بكل معنى الأصالة، وربتني على الاعتماد على الله والرضا بالقدر». ويتذكر السيسي والدته وكيف أثرت فيه فيقول: «علمتني التجرد.. وأول ما تعلمت التجرد في أحكامي، لذلك زاد حبي إليها، وزاد احترامي وتقديري العظيم لها. علمتني وحتى الآن رغم ظروفها تعلمني».