*فاروق عاش بعقدة زواج أمه الملكة من أحمد حسانين وإيمانها بالسحر جعله«الملك الأكثر اضطرابًا فى الأسرة العلوية » *السادات ومحمد نجيب أمهما «سودانية »و «ست البرين » سبب هجوم هيكل على السادات وغضب أنصار السادات على هيكل *والد عبدالناصر أخفى عن جمال خبر وفاة أمه فعاش سنوات يكتب لها مقالات فى كراس صغير *«ابن سنية » لقب أطلقه المتظاهرون بسخرية على محمد مرسى.. الحقيقة أمه اسمها «منيرة » ومن عائلة «البراغيث » *لماذا ذهب السيسى إلى بيت والدته«الحاجة سعاد » ليلة انتخابه رئيسًا لمصر! فى الشام يسمونها «الماما » بألف ولام التعريف تقديرًا لمكانتها داخل الأسرة، وفى الأحياء الشعبية يعتبرون «الغلط فى الأم »هو ذروة الصراع بين رجلين، أما «القرآن الكريم » فأولى آياته الفاتحة تسمى «أم الكتاب »، وفى المسيحية تجلت معجزة ميلاد عيسى من أمه مريم بروح من الله دون زواج، وفى حياتك أنت تذهب بك الدنيا وتجىء وتصطدم بنذالات البشر أو تمل من المشاعر الزائفة أو تفرح فتريد من يشاركك الفرحة دون خصم ضريبة فلا تجد سوى والدتك فى مكانها بالمنزل تصلى أو تدعو أو تبتسم فى رضا القرب من الله.. الوحيدة القادرة على أن تعود بك إلى إنسانيتك قبل أن تصطدم بالمجتمع وتعقيداته. وفى كل عام ينشغل المجتمع بقصص الأمهات المثاليات، اللاتى كافحن من أجل تربية أبنائهن، ولا يستطيع الإعلام تغطية ملايين القصص فى بلد يعشش فيه الفقر، وتترعرع فيه الخرافات، وتنعدم فيه روح العلم والتقدم، بحيث تصبح تربية الأبناء عملً بطوليًا من أول المدارس التى لا تعلم مروراً بالمسجد الذى يكرر نفس الخطب منذ مئات الأعوام إلى الإع ام الذى لا يعلم أحد بأى شىء «إلا نادراً » إلى توفير فرص العمل فى بلد يعتمد العشوائية منهجًا ثابتًا فى إدارة الأعمال. على أن هناك قصصًا لأمهات أخريات لم تؤثر علاقتهن بأبنائهن على مستقبل أسرة فقط بل على مستقبل وطن فى بلد تلعب فيه السمات الشخصية للحاكم دورًا محوريًا فى صياغة الأحداث أكبر كثيرًا من دور المؤسسات أو الأفكار. نتحدث عن «أم الرئيس » أو تلك التى أنجبت ولدًا فتمنت أن يكون طبيبًا أو ضابطًا أو إعلاميًا أو أى مهنة من المهن التى يحترمها المجتمع، لكن الأقدار أو الانتخابات جعلت من ابنها هذا «رئيسًا للجمهورية » ليظل تأثيرها عليه وعلى شخصيته باديًا - بلا شك – فى طريقة تفكيره ومشاعره طيلة حكمه للبلاد. حكم مصر بعد ثورة يوليو اثنان أمهما ليست من أصول مصرية «سودانيتان »الأولى هى أم اللواء محمد نجيب أول رئيس للجمهورية بعد ثورة يوليو 1952 اسمها«زهرة عثمان »، وهى الزوجة الثانية لوالد محمد نجيب الذى أنجب منها ثلاثة آخرين، وتوفى الوالد ومحمد نجيب فى الخامسة والعشرين من عمره واكتفت والدته بالبقاء«ربة منزل » والعمل على تربية أبنائها إلى أن دخل نجلها الأكبر محمد إلى الكلية الحربية حيث استقرت معه فى القاهرة بعد أن عاشت سنوات زواجها الأولى فى السودان، وعلى قدر تواضع شخصية محمد نجيب فى الحقيقة والتاريخ فإن علاقته بوالدته لم تكن سوى أكثر من علاقة عادية الجانب الوحيد فيها المختلف هو أن الأم كانت على رأس رافضى انفصال السودان عن مصر بعد عام 54 ، وهو ما ذكره محمد نجيب ضاحكًا فى أحد حواراته لمجلة المصور فى نفس العام. أم الرئيس أنور السادات كانت أيضًا سودانية، لكنها لعبت دورًا أكبر بكثير سواء فى حياة السادات الشخصية أو فيما كتب عنه بعد مغامراته المثيرة فى عالم السياسة التى انتهت بمقتله فى عام 81 .. كانت أم السادات تسمى «ست البرين » وعلى عكس أم نجيب السودانية التى لا توجد لها أى صور فى أى أرشيف يحتفظ الأرشيف الصحفى لصورة وحيدة للسادات مع والدته أثناء وجوده فى المصيف أواسط الخمسينيات، وهى ابنة رجل يسمى «خير الله » كان ممن وقعوا فى أسر العبودية، وساقه أحد تجار العبيد فى أواسط إفريقيا بدلتا النيل، وعندما تم إلغاء نظام الرق تم اعتاقه، وقد ورثت «ست البرين » عن أبيها تقاطيعه الزنجية وهو ما أكسب السادات ملامح مميزة جدًا بين رؤساء مصر بسمرته الشديدة التى تلونت بحمرة داكنة على مر السنين وتوالى المناصب، عاشت ست البرين فى الخرطوم لكن زوجها «والد السادات » الذى كان يعمل فى الخرطوم رغم أصوله المصرية كان يرسلها إلى «ميت أبو الكوم » لتنجب هناك، وبالفعل سافرت أربع مرات إلى هذه القرية فى محافظة المنوفية لتنجب الأشقاء الأربعة «محمد وطلعت وعصمت ونفيسة ،» وكان السادات محبًا بصورة كبيرة لوالدته،وحكاياتها الثرية عن استغ ال الأجانب للفقراء فى السودان وعن تجارة العبيد وعن عذابات هؤلاء فى رحلات تهجيرهم على سفن شراعية، وقد قال السادات: إن هذه الحكايات هى أكثر ما دفعه ل انخراط فى العمل السياسى ومقاومة الإنجليز ثم الانضمام لتنظيم الضباط الأحرار، أيضًا فقد كانت والدته شأن معظم السودانيين محبة للغناء والفن، وكانت تحفظ مئات الأغنيات بلهجات مختلفة، الأمر الذى جعل السادات طيلة حياته محبًا للفن بعد أن ورث هذا عن والدته، وبلغ حبه للفن حد قيامه بالتمثيل وظهور صورته كبطل مسرحية لم تنل حظها من النجاح فى أواخر الأربعينيات، فى عام 85 استأجر السادات شقة لوالدته فى منطقة حدائق القبة لتكون إلى جواره حيث كان متواجدًا بصورة شبه دائمة فى مقر مجلس قيادة الثورة، وقد توفيت والدته فى نفس العام بين يديه حيث كانت تحضر له فنجانًا من القهوة ببن يأتى خصيصًا من السودان اعتاد السادات عليه منذ شبابه لكن «صينية القهوة » اختلت من يدها وماتت على الفور، رغم أنها كانت بصحة جيدة ولا تشكو أى أمراض، هناك رواية لم يتم توثيقها ذكرها ذات مرة الكاتب الراحل موسى صبرى عن قصة طويلة كتبها السادات بخط يده يعبر فيها عن فجيعة رحيل والدته، لكن أحدًا غيره لم يذكرها، لكن فى كتاب«خريف الغضب » أعاد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل قصة والدة الرئيس السادات إلى الضوء بحديثه عن تكوين السادات وتأثير والدته «الزنجية » عليه، وكيف أثر هذا فى تكوين السادات وجعله أميل للأغنياء على حساب الفقراء، وكيف عاش منبهرًا بالغرب، ولماذا تزوج بعد ذلك من سيدة شقراء «هى السيدة جيهان السادات » وقد امتلأ الكتاب«الذى وزع ملايين النسخ فى الشرق والغرب عند طباعته فى أوائل الثمانينيات بجمل أغضبت محبى السادات وعاتب هؤلاء هيكل بقسوة شديدة على عبارات عديدة اعتبروا أنه كان لا ينبغى عليه الوصول إليها مهما بلغت عداوته مع السادات، ومن بين هذه العبارات أو أكثرها وضوحًا وقسوة فى الكتاب ما كتبه هيكل كالتالى ليوضح تأثير علاقة السادات بأمه على شخصيته «يمكن تصور حالة الصبى أنور الذى كان مجبرًا على رؤية أمه تعود إلى مستوى العبودية وتخدم البيت . وفى حين كانت مصر كلها قبل ثورة 1952 تتحدث عن أم الملك فاروق «الملكة نازلى »وعلاقتها المتوترة بابنها الملك بعد زواجها من رئيس الديوان أحمد حسانين باشا، وكيف أثرت هذه العلاقة فى شخصيته وجعلته شديد الاضطراب فى آخر سنوات حكمه إلى جانب ما عرف عن شخصية نازلى من شغف بالسحر إلى درجة دفعتها لوضع أحشاء ديك مذبوح أسفل سرير فاروق ليلة زفافه، وهى كلها تفاصيل جعلت منه الملك الأكثر اضطرابا فى كل أسرة محمد على، حدث العكس تمامًا مع الرئيس جمال عبدالناصر الذى أطاح بالملك فاروق والملكية من مصر إلى غير رجعة، ارتبط الرئيس جمال عبدالناصر بأمه«فهيمة حماد » بعلاقة طيبة وطبيعية رغم وفاتها وهو فى سن العاشرة، كانت أمه هى ابنة تاجر فحم من الإسكندرية هو «محمد حماد ».. عمل والد جمال عبدالناصر لدى تاجر الفحم هذا لزيادة دخله إلى جانب عمله الأصلى فى «البوستة » - مكتب البريد – ودفعه طموحه إلى الزواج من ابنته، ووافق التاجر لما لمسه من صدق ورجولة ونقاء فى شخصية عبدالناصر حسين الموظف الشريف المصر على كسب قوته من عمل يده، وعندما كبر جمال عبدالناصر ودخل المدرسة الابتدائية سافر إلى قرية «الخطاطبة »، وتوفيت والدته ولم يتم إخباره بهذا، وعرف عندما عاد ووجد زوجة أبيه الثانية «عنايات الصحن » وأخبروه أنهم خشوا عليه من تأثير هذه الصدمة لذلك لم يخبروه بيوم الوفاة، ترك هذا أثرًا فى نفس عبدالناصر من ناحية أبيه بعد أن تزوج من أخرى عقب وفاة أمه مباشرة، وبحسب ما رواه هيكل عن عبدالناصر فى أكثر من كتاب، فإن الفتى الصغير ظل شهورًا يكتب رسائل لأمه مما أوجد لديه حاسة أدبية نهمة للقراءة منذ صغره. لا توجد فى التاريخ الإنسانى علاقة ابن بأمه أسوأ من العلاقة التى ربطت بين الرئيس المخلوع حسنى مبارك وأمه «نعيمة إبراهيم ..» كانت هى سيدة فلاحة طيبة من ضمن مئات الف احات الطيبات ال اتى يزرعن الأرض ويقمن على شئون أولادهن فى قرية كفر المصيلحة، وفى الوقت الذى تتمنى فيه أى أم أن يصبح ابنها حتى فى منصب «سيادة المحافظ » حتى تقر عينها بمنصب ابنها ووصوله إلى أعلى المراتب، فإن وصول حسنى مبارك إلى الحكم تزامن معه وصوله هو شخصيًا إلى أعلى المراتب فى العقوق والنكران و «قلة الأصل » لم يذكر مبارك أمه فى حوار منذ صعوده إلى المناصب السياسية الكبيرة باختياره نائبًا للسادات ثم بوصوله إلى الرئاسة، وتجاهلها تمامًا ومنع زيارتها له وأمر حراسه ب «طردها » لما حاولت مرة زيارته فى القصر الجمهورى، والأدهى أنه«اضطر لدفع مبلغ ثلاثة جنيهات و 40 قرشًا لها شهريًا للتصالح بعد أن رفعت عليه قضية نفقة لعدم كفاية المعاش ». الجديد والمثير والذى ينشر لأول مرة فى علاقة مبارك «الابن الضال والرئيس الفاسد والديكتاتور المختل » أن والدته برغم مقاطعته لها كانت تخشى عليه لدرجة أنها - وكانت تؤمن بالسحر والأعمال- ذات مرة منجم لبنانى حضر إليها برفقة أخو مبارك الأصغر «عصام » وعندما سألته عن مصير مبارك أخبرها أنه لابد أنه يقابله لتحذيره من شىء خطير لابد أن يتحسب له، استطاع عصام الذى كان لا يطيق مبارك ولا يطيقه مبارك أن يحدد موعدًا بين مبارك، وبين هذا المنجم اللبنانى «لا يزال على قيد الحياة بالمناسبة » وفى اللقاء قال العراف اللبنانى لمبارك «نهاية حكمك سوف تكون من نقطة دم فى السويس » ولم يفهم مبارك ما يقوله ولا معنى نقطة الدم التى فى السويس وطرده بعد أن سبه هو «ومن أرسله »... لكن هذه الحكاية انتشرت جدًا بعد ثورة يناير، وبعد أن سال أول دم من الشهداء فى السويس وأصبحت ذات مغزى فظيع بين عائلة مبارك ومقربيه.. هذه الحكاية تداولها علاء وجمال وسوزان وبقية أفراد العصابة فى همس بعد أن سقط حكم العائلة المجنونة التى كانت تحلم أيضًا بالتوريث للنجل ! محمد مرسى الرئيس الإخوانى الذى حكم مصر عامًا واحدًا لم تكن علاقته بأمه ذات أى أهمية، ذلك أنه هو نفسه لم يكن يحمل أى أهمية فلم يكن يحكم من الأصل بل كانت الجماعة ومكتب الإرشاد كما يعرف الجميع، فقط يمكن الإشارة لأن «ابن سنية » اللقب الذى كان يطلقه عليه المتظاهرون سخرية وازدراء كعادة المصريين فى الاحتجاج لم يكن دقيقًا فمرسى ليس ابن سنية حيث إن أمه هى «منيرة عبدالدايم » وقد توفيت فى عام 2009 قبل صعود مرسى للرئاسة، ولم يكن فى حياتها ولا حياته ولا علاقتهما أى شىء له معنى أو مغزى من أى نوع، فقد كانت سيدة عادية فى قرية العدوة، تزوجت رجلً عاديًا من «بطن العبيد » المنتمى لعائلة«البراغيث » وأنجبا شخصًا يدعى محمد مرسى عاش وصعد للرئاسة وسجن وهو لا يعرف ماذا يفعل بالضبط! الرئيس عبدالفتاح السيسى هو أكثر رؤساء مصر ارتباطًا بوالدته «الحاجة سعاد إبراهيم محمد » حيث صرح فى أكثر من لقاء إعلامى بارتباطه الشديد بها وتقديره لدورها الكبير فى حياته، «الحاجة سعاد » شديدة التدين وتحفظ القرآن الكريم وحرصت على تنشئة أبنائها على التدين المعتدل السمح.. «الرئيس » يحرص على زيارة والدته بصفة منتظمة فى بيت الأسرة بحى الجمالية كانت الزيارات تتم يوميًا إلى أن أصبحت أسبوعية بسبب مشاغل الرئاسة، الرئيس زار والدته ليلة انتخابه رئيسًا لمصر بصحبة شقيقه القاضى وقرأ القرآن ودعا والدته للدعاء له فدعت طوي لً.. وهو دعاء يعتقد السيسى جازمًا أنه طريقه إلى النجاح والثبات والتوفيق.