اتحاد الكتاب ممثل بمجلس الإعلام وهيئته الوطنية بروتوكول تعاون لمسرحة المناهج المدرسية قناة فضائية للثقافة .. وعودة لمسرحيات الستينات فرنسا تطبع 5 مليون كتاب سنويا لشعب يقرأ بدران : الجوائز والنشر والسفر لن تستمر بالمحسوبية قوافل تجوب المحافظات لمواجهة التطرف متى تنصت ثقافة القوة إلى قوة الثقافة؟ ، تساؤل طرحه الكاتب د. علاء عبدالهادي، رئيس اتحاد كتاب مصر، في حلقة نقاشية عن كيفية مواجهة الإرهاب فكريا. وقد أعلن عبدالهادي أن اتحاد الكتاب سيكون صوته مسموعا ونافذا عبر أعضاء معينين غير قابلين للعزل بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، لمنع تلويث وعي الشعب، وقد كان رئيس الاتحاد عضوا بلجنة الخمسين التي وضعت الدستور المصري الأخير. وسيضمن وجود الاتحاد تحقيق مواد الدستور التي تنص على إعلام يملكه الشعب لا الحكومة، كما سيكون الاتحاد فاعلا بقوة مع النقابات المهنية والجمعيات الكبرى في وضع السياسات العامة للدولة، لأن أمن مصر القومي في أمن مثقفيها. وقد حل الأمين الجديد للمجلس الأعلى للثقافة، د. محمد أبوالفضل بدران ضيفا رئيسيا على اتحاد كتاب مصر، للحديث عن استراتيجيته لتنوير عقول المصريين وإزاحة شبح الإرهاب، بفضل خبرته الطويلة في العمل بهذا المجال سواء بالجامعة أو مؤسسات الثقافة العربية والغربية. اللقاء الذي شهده اتحاد كتاب مصر ليلة أمس، استهل بدقيقة حداد على روح الكاتبة والمترجمة ابتهال سالم. وذكر بدران بأن د. عبد الواحد النبوي وزير الثقافة، ود. محب الرافعي وزير التعليم قد عملا بتفعيل برتوكول التعاون بين الوزارتين لتوصيل التنوير إلى الطلاب في المدارس وإعادة مسرحة المناهج المدرسية والمسرح المدرسي والمشاركة في وضع المناهج التربوية العلمية والاكاديمية بدءاً من مرحلة ما قبل الابتدائية حتى الثانوية العامة لأن هذه المناهج هى التى تؤصل إلى بوتقة عقل التلميذ وأن دور إتحاد الكتاب من الأدباء والمثقفين أن يعقلنوا عقول هذه الأمة. من جهة أخرى، تعهد أبوالفضل بدران بدعم القوافل الثقافية التي تجوب المحافظات محملة بأنشطة فكرية وفنية هادفة. وأكد أمين المجلس بأننا في حاجة إلى ثقافة الحياة وبث روح التفاؤل بين الشعب ولا سيما الشباب والعمل على إعادة العروض المسرحية التنويرية في الستينات بناءً على طلب الفنان محيى اسماعيل الذى حضر الندوة وطالب بإعادة عروض المسرحيات الفنية مثل "اين الليلة العظيمة، بياعين الهوا ، سليمان الحلبي ، بالاضافة لدراسة مشروع إنشاء قناة ثقافية تنويرية عربية. وقد وجه الكتاب من أعضاء الاتحاد انتقادات لاذعة لما يقدم بالإعلام المصري من مواد مسفة تحرض على العنف والفجور بل والشذوذ عبر أغنيات يتداولها الشباب، وانتقدوا أيضا قصور أجهزة الثقافة عن الوصول للمجتمع وتنويره وإمتاعه بالفنون والآداب والمعارف المفيدة والراقية. لكن الأمين الجديد للمجلس الأعلى للثقافة أكد أنه جاء باستراتيجية تكمل ما بدأه سابقوه ، وتعتمد على النزول للشارع وليس المكوث في "الجبلاية" ويعني المجلس الأعلى للثقافة، وهو التوجه الذي هوجم بسببه واتهم بأنه يتدخل بعمل قصور الثقافة، وهنا تساءل مستنكرا: هل نحبس عقول مصر في غرف مكيفة وندعي أننا مجلس الثقافة وأن لنا دورا!؟ وتذكر محمد أبوالفضل ما شاهده بألمانيا من عربات متنقلة تعرض المسرحيات الممتعة للعامة، كما تذكر ما شاهده بدول عربية وغربية من مكتبات مفتوحة بمحطات القطارات ليقرأها العامة، وقال : فوجئت بأن كتب المجلس لا تباع تقريبا، ومعظمها مكدس بالمخازن بالأطنان، وكأن دورنا هو الطباعة وتوزيع المكافآت لمن لا يقرأون، ناهيك عن سوء اختيار الكتب ومضامينها، ولهذا فقد اتخذ قرارا ببيع الكتب بنصف أثمانها، مع تقديم جانب كبير منها كهدية لقصور الثقافة والمكتبات المدرسية والمكتبات العامة لتنوير الجمهور. واتفق "بدران" مع الكاتب بهيج إسماعيل من أننا نعاني تشوها في الإعلام والفن المقدم للمصريين، حتى وصلنا لأفلام محمد رمضان والسبكي ، والتي تحوي مضامين مضرة للغاية بالمجتمع ويشاهدها كل أفراد الأسرة، لأنها تدخل عبر التليفزيون في شكل إعلانات ومواد درامية. وقد واجه أمين المجلس انتقادات لاذعة بغياب الشباب عن لجانه المتعددة، وقال أنه يعمل حاليا لضخ دماء جديدة من المبدعين من كل الأعمار، وفتح الباب لاتحاد الكتاب للمشاركة بعضو في كل لجنة، مؤكدا أنه بصدد استحداث لجان جديدة . واستدعى محمد بدران شكوى أحد أولياء أمور الطلاب بجامعة أسيوط، وكان آنذاك يشغل منصب عميد كلية الآداب، وقد حمله مسئولية ميول ابنه التكفيرية، قائلا أن ابنه كان بارا بأبويه حتى دخل الجامعة، وبالفعل يعترف "أبوالفضل" أن الصعيد به أكبر نسب التوجه للتطرف وهي مسألة يجب حلها باقصى سرعة وحكمة. وقال بدران أن المسألة في كيف تعود المجتمع على التفكير بدلا من التكفير والتفجير، مؤكدا على طرح الكاتب أحمد الشيخ والذي أبدى أسفه من هجرة العقول المصرية للخارج، ولدينا مهندس مصري استطاع تصميم محطة مترو برلين التي يخرج منها يوميا 1200 قطار لأرجاء أوروبا، ولازلنا نعاني بأزمات طاحنة بالنقل في مصر!! وفي ألمانيا، عاش أمين المجلس تجربة هامة حيث اجتمع المثقفون بالجامعات بعد انهيار سور برلين وقرروا تأهيل الشباب الألماني لتقبل الآخر والمجتمع، وكانت البرامج تطبق بمحطات الترام والشوارع والجامعات، وحصدت نتائج متميزة، إذا فالحلول ليست مستحيلة. وقد وجهت أسئلة لبدران عن جوائز الدولة التي تمنح بمنطق الشللية والمحسوبية، بحسب الكتاب، وقال أنه يتضامن مع الشاكين في عدم عدالة الآلية الحالية، وأكد أنه بحث آلية جديدة بالتعاون مع وزارة الثقافة، كما أبدى اتفاقه التام مع حالة التسيب بمنح التفرغ التي لا يبدع الكاتب فيها شيء، وتعتبر فرصة للتكسب لا أكثر على نفقة الدولة، وتعهد بأن تكون فرص السفر للمؤتمرات والمهرجانات مفتوحة للكفاءات وليس لأشخاص بعينهم كما كان يجري من قبل. وتساءل الفنان محيي إسماعيل: لماذا لا تفتحون قصور الثقافة والتي تبلغ 570 قصرا، لتقدم المسرحيات والنصوص الرائعة، قديمها وجديدها، ولماذا نترك المجتمع للمسرح التجاري الذي صار يسطح وعي المصريين ويعلمهم "الهيافة"! وهي نقطة أكد عليها الكاتب سعيد الصاوي بقوله أن بلادنا تحتاج لعودة إنتاج الدولة للدراما والمسرح لأن القطاع الخاص أفسد أذواق المصريين. أما الكاتب صفي الدين ريحان فقد كان نقده أشد قسوة، وقال اننا لازلنا نعيش زمن "حظيرة المثقفين" التي تفاخر وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني بأنه أدخلهم فيها، فيما تحدثت د. نوران فؤاد عن أهمية استبعاد منطق الشللية والفساد بالمجلس الذي تعمل به، مستنكرة أن يكون عاملا فنيا رئيسا للجنة الشباب! وقد تساءل أحد الكتاب المشاركين: هل يعقل أن تطبع فرنسا 5 مليون كتاب للفرنسيين، وتطبع مصر 40 ألف كتاب للوطن العربي كله؟! أما الكاتبة نوال مهنى فأبدت أسفها من خلو الدراما الرمضانية من أية قيم تراثية أو حضارية او اجتماعية، وترويجها للعنف والجريمة فقط. وقد أكد رئيس اتحاد كتاب مصر أن نسيج الوطن لابد أن يعلم كل خيط فيه موقعه ودوره لنصنع حضارة، وأن الدولة باعتبارها محتكرة استخدام العنف وفق القانون بحق المجرمين يجب أن تواجه الإرهاب، لكن المواجهة لن تكون مجدية إلا إذا انتشرت ثقافة التنوير والإيمان بالتعددية والتسامح والتوغل بمقومات الشخصية المصرية الثرية. ووجه الكاتب جمال التلاوي لضرورة التحاور مع الشباب المصري وليس قمعه، لأن القمع لن يفيد وسيزيد من أعداد المتطرفين الذين ينضمون مع جماعات بعينها تحت تأثير اضطهاد أقرانهم، ويسهل جذبهم لمساحات بعيدة عن الوطن والإنتماء إليه والتغرير بهم. وأكد التلاوي أن المثقفين لا يحاربون الإرهاب وهم بغرفهم الضيقة، وأن واجبهم يحتم عليهم النزول للناس بالشارع عبر تقديم لوحة أو كتاب أو مسرحية أو قطعة موسيقية تنمي الحس الجمالي والوعي والتفكير وتشحذ الخيال والأمل.