قبل سنة من الآن وجد فريق عمل سينمائي يحمل ميزانية ضخمة نفسه عاجزاً عن تصوير أي مشهد من الفيلم الذي كان ينوي تصويره، حيث كان موقع التصوير في تونس حيث اندلعت بداية الربيع العربي أوائل العام الجاري فحوصر فريق العمل العالمي في وسط الثورة التي سرعان ما أخذت خطواتها داخل العالم العربي بالكامل. وبعد مرور 12 شهراً الآن على هذه الأحداث المتصاعدة انتهت تونس من إجراء انتخاباتها وظهر الفيلم الذي يجسد ملحمة عربية على شاشات السينما.
وهو فيلم "الذهب الأسود" أو "Black Gold" الذي وّحد جهود السينما الأمريكية والهندية مع عدد من المواهب السينامئية العربية، حيث تجسد أحداث الفيلم الصراع بين قبيلتين عربيتين حول السيطرة على الصحراء العربية في حقبة اكتشاف النفط مع بداية عام 1930 وهو ما يشابه الفيلم الشهير "لورانس العرب" أو "Lawrance of Arabia".
ويأمل منتجي الفيلم أن يصل الفيلم من خلال الأحداث التي يؤرخ لها إلى المستوي الذي يحظي باهتمام الجمهور الغربي والجمهور في الشرق الأوسط في نفس الوقت.
وتقول الممثلة الهندية فريدة بينتو التي اشتهرت بعد دورها في فيلم "Slumdog Millioaire" والتي تلعب دور الأميرة ليلي في فيلم الذهب الأسود أنها قررت البقاء في تونس بعد اندلاع ثورتها عقب بدء تصوير مشاهد الفيلم تضامناً مع الشعب التونسي.
وأضافت الممثلة الهندية التي تبلغ من العمر 27 عاما أنها لو فكرت في وسيلة للتضامن مع أصدقائها التونسيين الذين قضت معهم أوقات سعيدة على مدار شهر فإن أنسب طريقة ستون بقائها إلى جوارهم في ثورتهم.
بينما يجسد الممثل الفرنسي الجزائري طاهر رحيم دور أمير في أحد العائلات العربية الذي خُير بين التمسك بالتقاليد والعادات وبين فرص الحياة في عالم جديد فتحه النفط أمامه وقال أنه من السهل أن نري التشابه بين أحداث الفيلم التي تدور حول الصراع بين الشباب والكبار وبين الأحداث السياسية التي تدور في المنطقة، ويعتبر هذا الأمر مصيراً محتماً.
وأضاف "لقد بدأنا تصوير الفيلم قبل أسابيع من قيام الثورة في تونس وكان أمراً غريباً مدي التشابه بين الفيلم والأخبار".
وبينما أشتهر رحيم كثيراً بعد تمثيله في فيلم "رسول" في عام 2009 إلا أنه رفض أن يعتبر نفسه الممثل العربي الأول الذي يمثل في فيلم من صنع هوليوود حيث قال أن هذا الشرف يعود إلى الفنان عمر الشريف الذي أدي دوره في فيلم "لورانس العرب" كما أنه كان موجود في افتتاح الفيلم.
ويذكر أن رحيم عُرض عليه أداء دور الأمير نسيب الذي لعبه الممثل الأسباني أنتويو بانديرس في الفيلم عندما كان الفيلم مجرد فكرة مطروحة من قبل صانع الفيلم التونسي طارق بن عمار البالغ من العمر 35 عاماً.
ويذكر أن بن عمار هو الرجل الذي أقنع المخرج العالمي ستيفن سبيلبرج والمخرج جورج لوكاس لتصوير فيلميهما "Star Wars" و"Indiana Jones" في بلاده تونس.
وقال أن الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي تخلي عن منصبه في نفس اليوم الذي صور فيه فريق العمل مشهد تخلي الأمير نسيب أو بانديرس عن امبراطوريته لزوج ابنته ليكون مستقبل البلاد، ويضيف بن عمار أن هناك عدد من التشابهات المثيرة للانتباه في الفيلم.
ويقول المخرج الفرنسي جان جاك أنويد أنه يتذكر عندما كان يجلس في موقع التصوير بمنطقة الحمامات بتونس وكان يجري حواراً مع شبكة سي سي إن الأمركيية عندما سألوه عن الثورة فقال أنه يشعر داخل المكان أنه يعيش في عام 1930 ولكنه عندما ينظر خارج موقع التصوير فهو غير متأكد تماماً مما يحدث.
وأشار أنويد أن فريق عمله الذي كان من التونسيين كان يشارك في أحداث الثورة في المدن التونسية مما أضاف بعداً فكرياً أعمق للفيلم وجعل أحداثه تتحدي الزمن، كما أنه كان يريد تصوير هذا الفيلم منذ زيارته الأولي للمنطقة منذ عشرين عاماً ولكنه اكتشف أن هناك مجتمعاً صعباً للغاية أكثر مما كان يتوقع.
وأكد على أن العالم لا يفهم هذه المنطقة بشكل جيد فهم لا يفهمون قدر الكرم والضيافة لدى العرب، وكان سعيداً للغاية وكان يرغب بشدة لتصوير فيلماً عن هذه المنطقة من العالم وكان لا يطيق صبراً لأنه شعر أن هناك أمراً ملحاً لتصوير مثل هذا الفيلم.
وقال الممثل الانجليزي مارك ستورنج أن دور عمار الذي لعبه في الفيلم يعتبر دوره الثالث الذي يظهر فيه في دور شخصية عربية، ويأمل أن يحصل الممثلين العرب على الفرصة لتمثيل أدوار من ثقافات مختلفة، حيث قال لماذا لايحصل العرب على الفرصة للعب الأدوار التي يريدون القيام بها سواء كانوا من الجزائر أو قطر أو أي مكان في العالم العربي.
وقد تم عرض الفيلم للمرة الأولي أثناء فعاليات مهرجان الدوحة للأفلام السينمائية، كما تم تصوير عدد من مشاهد الفيلم في الدوحة وقامت أيضاً قطر بتمويل إنتاج الفيلم من خلال معهد الدوحة لصناعة الأفلام.