منذ أن شبت أظافر "حسنى. م. ح" حتى بلغ 23 سنة وهو يعلم أن "عواطف. ا" البالغة من العمر "18 سنة" الطالبة بالصف الثالث الثانوي هي زوجة المستقبل, فلقد كانا يلعبان سويا منذ صغرهما "عريس وعروسة" وكانت أمه تقول له حينما كان طفلا أن "عواطف" ستكون زوجته حينما يكبر , فراح الفتى يفرض عليها حمايته خاصة إنها كبرى أبناء خاله العزيز. وها هي الآن الوردة تفتحت, وكساها الرحمن بجمال طبيعي جعلها مثار منافسة شباب قرية "العبابدة" في محافظة قنا الصعيدية , وبالطبع هو أولى بها من غيره فهي ابنة خاله , لحمه ودمه , تربيا سويا وعاشا سنوات الصبا يلهوان خلف أشجار "الصفصاف" التي كانت تحوط بمنزلها البسيط الكائن بجوار الترعة , وكم أمضيا أوقاتا بريئة يلهوان تحت شجرة التوت التي تتوسط بيت خاله , وكان لا يساوره أبدا شك أن عواطف ستفترق في يوم ما عنه , بل إن مجرد مثل هذا الكلام كان يؤرق حياته , لأنه مرفوض جملة وتفصيلا ولا يمكن تصوره . أمضي طفولته وهو يعرف تلك الأمور اليقينية "عواطف لحسنى وحسنى لعواطف " خاصة في تلك القرى الصعيدية التي يلتزم الناس فيها بأن يتزوج الأبناء فيها بأقاربهن.
ولكن تلك اليقينية التي كان يعيشها "حسنى" لم تكن تستشعرها "عواطف" فهي بنت سلكت طريق التعليم حيث أنها طالبة في الصف الثالث الثانوي العام , وتحلم بالالتحاق بإحدى كليات القمة لتصير صحفية أو مهندسة أو طبيبة , وبالطبع تخرج من نطاق القرية الضيق إلى أفق أرحب في المدينة وهناك يأخذها فارس أحلامها إلى عش الزوجية. أما "حسنى" فقد كان بمثابة أخ لها , لم تشعر نحوه قط بمشاعره نحوها , خاصة أنه تسرب من التعليم , ولا زال أمامه شوط كبير في الحياة لم يحققه , الطريق بينهما مختلفة تماما , ولذلك فهي لا تفكر أبدا في الزواج منه.
لم يدرك "حسنى" مشاعرها نحوه وراح بتشبث بوعد قديم , وها هم الأطفال صاروا كبارا ووجب تنفيذ الوعد فراح يطلب من أمه أن تفاتح خاله في الزواج منها.
الأم بالطبع رحبت ولكنها شكت في أنها لن تقبل , فهي بحاجة لإكمال تعليمها وتوجهاتها صارت لا تناسبه , إلا أنه أصر , فرضخت الأم وفاتحت خاله في الأمر , حيث رحب بالموضوع ولكنه أخبرها أنها هي صاحبة القرار الأخير في الموضوع , والدنيا تغيرت ولابد أن يتغير هو معها ولا يمكن إجبار فتاة على زواج لا ترضاه.
ثم عاد الخال يبلغ أخته أنها ترفض الزواج الآن , وهى تبغي إكمال تعليمها , تفهمت الأم حرج شقيقها , وراحت تبلغ ابنها أن البنت ترفض الزواج الآن . وأنها لا تناسبه فتطلعاتها كبيرة ولا تنظر إلى أحوال أهلها.
لم يصدق حسنى أن تكون هذه هي النهاية , ورفض تماما تصور أنها قد تكون زوجة لشخص آخر , راح يطلبها من خاله فكرر عليه نفس الكلام , إذن لابد من أن يناقشها هي نفسها في الأمر عسى أن يقنعها بالموافقة. طلب منها أن تحضر إلى بيته لأن أمه تريدها في أمر خاص, وبالطبع اختار وقتا لم تكن الأم موجودة فيه في البيت. ولما حضرت عواطف , أغلق الباب , سألته عن أمه فقال أنها ستحضر حالا , سألها عن أسباب رفضها الزواج منه , تبللت عرقا , لكنها صارحته , أخذ يوبخها بشدة ويؤكد لها حبه الشديد لها , إلا أنها أصرت على الرفض , في برهات فكر في اغتصابها ووضع الجميع في أمر محرج يجعلها تقبل بالزواج منه , وراح يشرع في اغتصابها, رفضت بشدة وأخذت تصرخ بشدة أيضا مما دعاه لخنقها في محاولة لكتم صوتها إلا أن ما كتم روحها التي خرجت لبارئها في الحال. ماذا يفعل فلقد ماتت حبيبته دفاعا عن الشرف, الحب لا ينفع الآن , هكذا قال لنفسه المهم الآن النجاة من حبل المشنقة , على الفور حفر حفرة وألقاها بداخلها ثم هندم ملابسه وخرج للشارع ينتظر تكشف الجريمة ويرصد الأجواء. إلا أن روح "عواطف" التي زهقت دفاعا عن الشرف, أصرت على القصاص حيث شاهدها الجيران تدخل البيت وهو ما أدلوا به للنيابة التي راحت تضيق الخناق على العاشق القاتل حتى خر معترفا بجريمته.
نجحت الأجهزة الأمنية في ضبط المتهم واستخراج الجثة من المنزل، وأخطرت النيابة العامة التي تولت التحقيقات، وصرحت بدفن الجثة.
وهكذا لم يفهم "حسنى" أن الحب هو إيثار الحبيب على النفس وبذل التضحيات لإسعاده, وأن تصرفه كان أنانيا للغاية.