بقلم صلاح بديوي اتصلت بمصدر في الشئون المالية والإدارية في وزارة الداخلية،وسألته عن مدي تأثير ثورة 25يناير المجيدة،علي أعداد الضباط والجنود العاملين بالوزارة،فأجابني أن أعدادهم زادت بمعدل عشرة آلاف جندي وضابط ،ولم تتناقص علي عكس ما يعتقد البعض،وأن المرتبات التي يتقاضونها باتت تقترب من الضعف بعد الثورة عن قبلها. وعلي الرغم من ذلك ،نجد رجال الشرطة عاجزين عن القيام بواجبهم،واللصوص يعربدون،ويعيثون فسادا ،في شتي أرجاء الوطن،ووصل الأمر بهم ،أن يختطفوا الأفراد، ويطلبوا الإتاوات،وهو منطق إن استمر،فسيعود بنا إلي عهود من الإنحطاط ،مرت بها مصر من قبل. ومنذ أسبوع قال لي موزع اللبان،أنه كان قادما تجاه القاهرةالجديدة فجرا،من الجنوب نواحي التجمع الثالث، ومتجها للشمال تجاه التجمع الأول،وفوجئ بمجموعة من اللصوص يسيطرون علي دورية شرطة، ويأمرون ضباطها وجنودها بالانبطاح أرضا علي وجوههم،ويستولون علي أسلحتهم وأموالهم وملابسهم ويفرون هربا ً،وأقسم لي الرجل بأغلظ الأيمان أن هذا الأمر حدث أمامه،ويوميا نسمع روايات ونقرأ عن لصوص استوقفوا ضباط ورجال شرطة واستولوا علي سلاحهم أو أموالهم. وبالطبع تلك الأفعال الإجرامية الآثمة لا تسعدنا ونرفضها،ولابد من أن يتم القبض علي مرتكبيها وإخضاعهم للمحاكمة،لأن هيبة الشرطة من هيبة الوطن وأمنه. وخلال الأيام التي سبقت عيد التضحية والفداء،تابعنا تظاهرات علي مستوي الدولة،نظمها أمناء شرطة، للمطالبة بحقوق مالية وميزات اقتصادية لهم،علي الرغم من أن وزارة الداخلية قالت أنها ضاعفت رواتبهم ،وهو ما نفته تلك الفئة من الشرطة،ووصفت تلك الزيادات المالية التي يتحدث عنها المسئولون بالوزارة بأنها زيادات خادعة، لكون أنها تتم علي الأساسي من المرتب،مطالبة الوزارة بمساواتها بالضباط. ودور أمين الشرطة مهم للغاية في العملية الأمنية،وعلي كاهل أمناء الشرطة تقع مسئولية كبيرة،وقد يقول قائل ولماذا يتظاهرون الآن ؟...الإجابة ببساطة أن هؤلاء الأمناء كانوا يعتمدون بالأساس قبيل تفجر ثورة 25يناير المجيدة،يعتمدون علي مد أيديهم لكافة فئات الشعب من أجل استغلال نفوذهم والحصول علي الأموال،وأحدهم قال لي أنه كان يكسب يوميا ألف جنيه علي الأقل،وعقب تفجر الثورة تغيرت الأوضاع ،وبات من المستحيل،أن يعود الأمناء ليفعلوا ما كانوا يفعلونه في الماضي ،وبالتالي فإن رواتبهم الحالية لاتكاد تكفيهم . وما دفع العبد لله الذي يكتب إليكم للاتصال بالشئون المالية والإدارية بالوزارة ،أنني استيقظت من نومي صباح عشية وقفة عيد الأضحى المبارك ،لكي أفاجأ باللصوص هاجموا منطقة سنترالات شرق القاهرة بالتجمع الأول،ونزلوا للبيارات التي توجد بها الكابلات النحاسية لخطوط الهواتف ، بعد أن طفشوا الأقفال التي تغلق أبوابها الحديدية ب"الأجنات"، وقاموا بقص كابلات النحاس،وحملوها علي عربة نصف نقل ولاذوا فراراً . وقد ترتب علي ذلك ،قطع الخدمة التليفونية عن ستة آلاف خط تليفوني بمنطقة القاهرةالجديدة-ومن بينها خط العبد لله الذي يكتب إليكم - ،وأدي ذلك أيضا إلي انقطاع خدمات الإنترنت و الاتصالات ،وشل الحياة عن القاهرةالجديدة ،وعزلها عن بقية أرجاء الجمهورية ،وإلحاق خسائر فادحة بشركة التليفونات،وغالبية أصحاب المحال التجارية ،وأعمال الانترنت ،والمصالح الحكومية ،والفنادق بتلك المنطقة،والمصيبة أن إصلاح ما أفسده اللصوص يستغرق شهرا علي الأقل،مع العلم أن الكابلات التي استولوا عليها ثمن الكابل مائتي ألف جنيه ،بيد أن اللصوص بعد سرقته يذهبون به لتجار ذهب وصاغة ليبيعوه إليهم ببضعة مئات أو آلاف الجنيهات،حيث يخلطونه بخام الذهب. أذن ما الذي يجعل رجال الشرطة لا يقومون بواجبهم علي الوجه الأكمل للمحافظة علي القانون؟ وللإجابة علي السؤال نقول :أنه علي بعد نصف كيلو متر،من السنترالات التي تمت سرقتها،يوجد مركز شرطة كبير مزود بكافة الإمكانات، وكان يكفي أن تجوب سيارة المنطقة منه فجرا ،وعلي متنها عدة جنود أو أمين شرطة لتوقف تلك السرقات،وتمنع إهدار أموال الوطن بهذا الشكل،ولقد تحاورت مع عدة ضباط في مراكز وأقسام شرطة،وقالوا لي أنهم ممنوعون من تأدية واجبهم تجاه الوطن والشعب ،ممنوعون من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة لأسباب لايعلمونها. ولفت هؤلاء الضباط انتباهي ،أن ضباط الشرطة وجنودها ،هم فقط الذين يتعرضون للاعتداءات من قبل اللصوص،بينما ضباط الجيش لا يقترب منهم أحد ،علي الرغم من أن اللص ما يهمه مصلحته ولا يعنيه من يسرقه،وهو ما يجعل المرء يصل لإستنتاج ،مفاده، أنها أمور محكمة التدبير،ومخططة ،ومعد لها جيداً . لقد بات الوضع الأمني بمصر في منتهي الخطورة الآن ،لأنه وصل إلي نهب مقارات وهياكل وبني تحتية تتعلق بالدولة المصرية،وتعطيل مصالح الناس ،في ظل منع الأمن عن أداء رسالته،ومن الواضح أن ثمة رسالة يريد من يديرون مصر الآن أن تصلنا ،ألا وهي أن الجيش هو الوحيد القادر علي تحقيق الأمن لمصر، ولا مانع عندنا طبعا أن نتقبل تلك الرسالة بقبول حسن،من منطلق أن الجيش هو جيش الشعب،ولكن للرسالة بقية وهي الأهم . تلك البقية تقول لنا بوضوح ،أن الجيش هو الوحيد القادر علي حكم مصر،وحفظ أمنها ،واستقرارها ،وأن ترك الجيش تلك السلطة لمجلس رئاسي ،أو أي شكل من أشكال الحكم فلنقل علي مصر السلام ،وذلك لكون أن الجيش وهو يدير مصر الآن ،يحدث أيضا الانفلات الأمني ،فما بالنا لو سلم الجيش السلطة لمدنيين . وعلي الرغم من أن هذا المنهاج،الذي يبلغنا به الجيش،فيه من التفكير الخاطئ والمرفوض الكثير،لأسباب بسيطة منها،أن الجيش هو جيش الشعب،وأن الشعب هو الذي يبني مؤسساته ومنها مؤسسة الجيش نفسها،إلا أننا نوافق عليه شريطة أن يتم كل شيء بشكل ديمقراطي ،يلبي طموحات الشعب ،وأن تعود الشرطة من جديد لتعمل بجد في خدمة الشعب ،وتحمي مقدرات الوطن ،ويشعر الناس بالأمن والآمان .ونقول لإخواننا في المجلس الأعلى للقوات المسلحة ،كفي انفلاتا أمنيا ...ورسالتكم وصلت.