ترأس الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة"إيسيسكو" جلسة عمل عقدت في إطار المؤتمر الدولي الخامس لزعماء الأديان العالمية والتقليدية في مدينة أستانا، عاصمة جمهورية كازاخستان، لمناقشة "تأثير الدين على الشباب : التعليم والعلوم والثقافة ووسائل الإعلام". وألقى المدير العام للإيسيسكو كلمة أكد في مستهلها إن الشباب هم رجال الغد الذي سيتحملون المسؤولية للإسهام في إيجاد الحلول للمشاكل الصعبة الحالية، والبحث عن التسوية للأزمات المتفاقمة القائمة التي تعاني منها البشرية اليوم أشدَّ المعاناة، وهم الذين سينهضون برسالة الحوار الإنساني في مناحيه المتعددة، وسيساهمون في بناء السلام العالمي الذي ينقذ الإنسان من أهوال الحروب ومصائب الصراعات. وأوضح أن تأثير الدين على الشباب من خلال مؤسسات التعليم ومنتديات الثقافة ووسائل الإعلام، بالغ الفعالية، إذا كان مبنيًا على قواعد سليمة، تجعله عاملا ً من عوامل إزالة أسباب التوترات، ومعالجة الصراعات، وبناء الثقة بين الأمم والشعوب، وتعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات. وبيّن أن الشباب المؤمن بدينه، المعتز بانتمائه إليه، والسائر على هديه في حياته الخاصة والعامة، بروح سمحة ومتسامحة، هو العنصر الرئيسُ والأقوى من عناصر السلام الروحي، الذي هو القاعدة الراسخة للسلام، بالمفهوم العميق وبالمدلول الشامل. وأكد أن القيم الدينية السمحة التي لها التأثير القويّ في توجيه حياة الأفراد والجماعات، هي التي تزدهر بها الحياة الإنسانية. ولذلك كانت العناية بالتربية الدينية، منذ المراحل التعليمية الأولى، ووفقًا للمنهج المستقيم وبالطرق السليمة، هي المدخل إلى بناء الشخصية السوية في تكوينها والقوية في إرادتها والقادرة بإنجازها على الإبداع، ليس في مجالات العلم والمعرفة فحسب، وإنما في ميادين النهوض بالمجتمع وتطويره، وفي أساليب التعامل مع الناس بروح التسامح والوئام، بعيدًا عن الكراهية والعنصرية اللتين تجلبان الشر، وتؤديان إلى الصراع والصدام اللذين يخلان بالسلام الإنساني. وقال المدير العام للإيسيسكو: « إذا كنا نُعنى جميعًا بالعمل من أجل تعزز قيم الحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات، فإن من المنطلقات إلى ذلك، مراجعة المناهج الدراسية من أجل أن تكون القيم الدينية السمحة محورًا رئيسًا لها، بحيث تُعطى الأهمية للتربية الدينية المنفتحة والقائمة على الأسس المنطقية التي لا تَتَعَارَضُ مع حقائق العلم، ولا تَتَجَافَى عن مبادئ الدين. لأن السلام ينشأ في العقول، فكلما كان للدين تأثيرُه الإيجابيّ في العقل والوجدان، كان له دورُه المؤثر في السلوك والممارسة وفي الحياة العامة. فالدين هو روح الحياة، والمقوّم الأول للشخصية الإنسانية. ولذلك فلا سلام عادلا ً وشاملا ً إذا لم يكن للقيم الدينية تأثيرٌ في صناعته، بصورة أو بأخرى. لأن الدين سلام في النفس، وسلام في الأرض». وشدد على ضرورة تربية الشباب على القيم الدينية السمحة بعيدًا عن التشدد والانغلاق، موضحًا أن هذه التربية هي البداية الصحيحة لتربية الأجيال الصاعدة على ثقافة السلام التي تقوم على التقارب بين الشعوب في أفق التعايش السلمي، وأن بث روح القيم الدينية السمحة في مقررات التعليم ومناهج العلوم ومبادئ الثقافة ورسالة الإعلام، هو المنهج القويم لبناء السلام، ولتعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات. واختتم الدكتور عبد العزيز التويجري كلمته بقوله : « هذا المنهج هو القاعدة التي يقوم عليها الحوار بين القيادات الدينية والسياسية، وتلك هي البداية الصحيحة للمرحلة الطويلة التي نقطعها معًا على طريق الحوار الديني والثقافي والحضاري، سعيًا منا، وبإرادة مشتركة، لنشر ثقافة العدل والسلام، وتعزيز قيم التعايش والتسامح. وهو الهدف الجامع بيننا نحن أعضاء هذا المؤتمر الذي أصبح اليوم من المعالم البارزة للسياسة الحكيمة التي تنهجها هذه الدولة المتطورة والناهضة، التي تفتح صدرها لدعاة الوئام ورسل السلام وحملة الرسالات الدينية الهادية إلى سبل السلام».