هو النهر الرئيسي في غرب أفريقيا.. يمتد طوله إلى حوالي 4200 كم، وتقدر سعة حوضه ب 1، 1 مليون كم2، ينبع في غينيا، يعبر مالي والبلد المسمى باسمه قبل إتمام مساره في نيجيريا. في مالي، هو، بلا منازع، الشريان المغذى الحقيقي للحياة في بلد ليس لديه ساحل بحري.. يمر عبر العاصمة باماكو ومدن تمبكتو وجينيه وغاو، وموبتي (في الشمال) ويمتد على واحدة من أكثر المناطق التي تغمرها المياه في الكوكب تسمى "دلتا الداخلية".. إنه نهر النيجر تمثل الأرض التي يشع عليها هذا النهر قرابة 35 الف كم2 في مالي حيث تتيح للحيوانات والنباتات البقاء في بيئة سكنية ملائمة وتوفر موارد لا تقدر بثمن لنحو مليون شخص ينظمون حياتهم حوله، خاصة المزارعين ومربي الماشية، والصيادين غالبا شبه الرحل الذين يتنقلون حسب المواسم. عندما ينتهي موسم الأمطار في آب/أغسطس، الصيادون من حراس "ملكة المياه " يأخذون قواربهم للصيد، حيث توقم على هذه الحرفة عملية استهلاك و تصدير الثروة السمكية. وتوجد منطقة الصيد الرئيسية في مالي، في دلتا الداخلية، وتمثل 80 إلى 90% من الانتاج الوطني. وعندما تكون الفيضانات في مستوياتها القصوى يبلغ الصيد السنوي من الأسماك 130 ألف طن، وفقا للبيانات الرسمية. هو إذن "رئة" مالي التي تجلب المياه والرواسب ليستفيد أيضا منها المزارعون. فعلى ضفافه في منطقة باماكو يمكن رؤية نساء غالبيتهن من المسنات يعتنين بزراعة الخضروات، والقطن والبنجر والبصل والطماطم بفضل مياه النهر قبيل جمع الحصاد ثم بيعه إلى المطاعم أو سكان باماكو . وعلى بعد أمتار قليلة من المزارعين، التقت الاناضول "الغاسلين".. رجال ونساء يقومون بغسل الملابس على حافة النهر، عادة ما يقومون بذلك فى الصباح الباكر، وأيديهم مليئة بالملابس الخاصة بعملائهم من سكان باماكو. "أغسل البنطلون الجينز مقابل 50 فرنك مالي (0.1 دولار) بينما الغطاء 250 فرنك مالي (0.5 دولار) "، تقول احدي العاملات أثناء فركها بقوة لسراوال. ومع ذلك، من المنبع إلى المصب، مياه نهر النيجر تستنزف بسبب الاستغلال المفرط والتغيرات المناخية والسدود الكهرومائية المنتشرة في مسارها. في هذه الفترة من السنة، تتحرك المياه بقوة بسبب الموجة الأولى من الامطار التى تعلن عن موسم الشتاء، في حين تقلل السدود الكهرومائية الواقعة عند منبع النهر كثيرا من كمية الأسماك التي تصل إلى باماكو. " أنا هنا منذ الساعة الثانية بعد الظهر، ولكن لم اتمكن طيلة 3 ساعات من صيد كمية كبيرة من الأسماك. السدود الكهرومائية التي نحدثها هنا وهناك على النهر تتسب في عدم وصول الأسماك" إلى باماكو، يقول عثمان كونتا، صياد التقته الأناضول في العاصمة المالية. التوازن في حوض النهر يتعرض هو الآخر لعملية تآكل واختلال كبيرة منذ سنوات بسبب عمليات الإزالة المفرطة للرمل والحصى من قبل ما يقارب 15 ألف صياد للرمال يذهبون للغوض يوميا لاستخراج الرمال والطين المستخدم في عمليات البناء والتوسع العمراني في باماكو، كما نبهت دراسة حديثة لباحثين من معهد البحوث للتنمية، وهي هيئة فرنسية علمية. وبحسب المصدر نفسه، فقد أدت عملية التجريف هذه أيضا إلى انخفاض كمية الطمي التي توفهرا مياه النهر ما أدى بالتالي إلى تسجيل تراجع في الاراضي الصالحة للزراعة، فضلا عن انخفاض إنتاجية صيد الأسماك. التاكل السنوي لحوض النهر يبلغ اليوم حوالي عدة سنتيمترات سنويا تضاف إليه التغيرات المناخية التي تهدد سلامة النهر. وسبق خلال فترة الجفاف الكبير بين 1984-1992 أن انخفض مستوى النهر بشكل كبير كما فقد بضعة كيلومترات من طوله. وإزاء هذا الوضع، كثفت مؤخرا منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) من مشاريع إنقاذ نهر النيجر، مشددة على الحاجة الملحة للحفاظ على هذا "الموقع الاستثنائي" حتى يتعايش فيه دوما في وئام الإنسان والطبيعة. لكي يبقى على الانسان التوقف عن استنزاف النهر بشكل مفرط كي يواصل الاستفادة من ثرواته.