قبل أشهر من الانتخابات العامة في أوغندا، تطالب المعارضة، وقيادات المجتمع المدني، بتعديلات دستورية لإلغاء تمثيل الجيش في البرلمان، باعتبار أن المؤسسة العسكرية، يجب أن تظل علي الحياد السياسي، بينما يصر الحزب الحاكم على أن الجيش "حامي الديمقراطية"، وتمثيله داخل البرلمان يمنع أي "انقلاب عسكري". "نريد حذف كلمة (جيش) من بين ممثلي البرلمان".. هكذا استهل وانديرا أوغالو، محامي "المنتدى من أجل التغيير الديمقراطي"، أكبر أحزاب المعارضة في أوغندا، حديثه لوكالة "الأناضول". وتطالب المعارضة بتعديل الفقرة (ج) من المادة (78)، في دستور البلاد لعام 1995، التي تنص على أن للبرلمان ممثلة (نائبة) في كل حي، وتمثيل خاص للجيش والشباب والعمال، والأشخاص ذوي الإعاقة، وغيرهم من الجماعات. ويمثل حزب "حركة المقاومة الوطنية" الحاكم في البرلمان الحالي 259 نائبا، مقابل 37 لحزب "المنتدى من أجل التغيير الديمقراطي"، و10 نواب ل"حزب المؤتمر الشعبي لأوغندا"، و15 ل"الحزب الديمقراطي"، وناب واحد لكل من حزبي "جيما"، و"المحافظين"، إلى جانب 43 من أعضاء البرلمان المستقلين، و10 بحكم المنصب، و10 نواب يمثلون الجيش. وأعرب "أوغالو" عن اعتقاده بأنه عبر إلغاء تمثيل الجيش في البرلمان، "سيتم إعفائه من السياسات الحزبية"، مضيفا: "في نظام التعددية الحزبية، نعرض الجيش إلى موقف خطير للغاية". وأضاف الناشط المعارض "إننا نسلبه من أحد مميزاته الأساسية، ميزة أن الجيش يجب أن يكون تابعا لكل سلطة مدنية إلى ما لا نهاية". ومضى قائلا: "لست على علم، بأي برلمان في العالم حيث ينتخب الجيش ممثلين للجلوس في البرلمان". وبدأ تمثيل الجيش في البرلمان الأوغندي عام 1994، حيث يتم اختيار ممثلين من المجلس العسكري، الذي يترأسه الرئيس يوري موسيفيني، ويضم جميع أعضاء القيادة العليا للجيش، وأشخاص خدموا في مناصب كبار ضباط الجيش، وجميع مديري المؤسسات العسكرية، وقادة الألوية والكتائب، والضباط الذين يقودون وحدات عسكرية مماثلة. وتبرر الحكومة تمثيل الجيش في البرلمان، بأنه "ينبغي أن يشارك في العملية السياسية في البلاد من أجل ضمان الاستقرار". وقبل 9 أشهر فقط قبل الانتخابات العامة، المقررة في فبراير/ شباط 2016، بدأت لجنة الشؤون القانونية والبرلمانية، برئاسة ستيفن تاشوبيا، مناقشة مشروع قانون التعديلات الدستورية، الذي تقدمت به الحكومة في أواخر أبريل/ نيسان الماضي. ويهدف مشروع القانون إلى تغيير اسم اللجنة الانتخابية في البلاد إلى "اللجنة الانتخابية المستقلة"، وإعادة هيكلة الهيئة الانتخابية، وتحديد الإجراءات التي تحكم عزل أعضاء اللجنة. ويسعى مشروع القانون أيضا إلى رفع سن تقاعد القضاة، كما يخول للجنة الخدمات القضائية تعيين بعض الموظفين القضائيين، وتأسيس مجلس للرواتب والمكافآت، من بين أمور أخرى. لكن التغييرات التشريعية المقترحة المتعلقة بالهيئة الانتخابية لا تزال الأكثر إثارة للجدل، لا سيما وأن البلاد تستعد للانتخابات العامة. وفي المقابل، اقترحت أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني 17 تعديلا على لجنة الشؤون القانونية والبرلمانية للنظر فيها، ومن بينها إلغاء التمثيل البرلماني للجيش. وفي 2 مارس/ آذار الماضي، استلمت رئيسة البرلمان الأوغندي، ريبيكا أليتوالا كاداغا، نص الإصلاحات الانتخابية ال17 المقترحة، التي وافقت عليها "منظمة الحوار بين الأحزاب". وتتألف المنظمة من جميع الأحزاب السياسية في البلاد، ومن بينها حزب الرئيس يوري موسيفيني "حركة المقاومة الوطنية" الحاكم، و"المنتدى الاستشاري الوطني لمنظمات المجتمع المدني"، الذي تم تشكيله بالتحديد للتفاوض على الإصلاحات الانتخابية المقترحة مع الحكومة. غير أنه من المرجح أن تواجه الدعوة لإلغاء تمثيل الجيش في البرلمان، معارضة شديدة من حزب موسيفيني الحاكم. من جهته، قال النائب عن الحزب الحاكم والعقيد المتقاعد في الجيش، فريد موسيغى، إن "الجيش هو طليعة هذه الديمقراطية التي نتمتع بها، فلماذا تريدون حرمانهم (العسكريين) من هذا الحق؟ هذا أمر غير صحيح". وأضاف في حديث لوكالة الأناضول، إن "وجودهم (نواب الجيش) في البرلمان رمزي، ويربط العلاقة بين الشعب والجيش". ويعتقد "موسيجى"، وهو واحد من بين 27 مقاتل في "جيش المقاومة الوطنية"، الذين هاجموا ثكنة للجيش عام 1981 في بداية سنوات الحرب الخمس ضد نظام ميلتون أوبوتي، أنه ليس الوقت المناسب للجيش لمغادرة البرلمان. وأشار إلى أن مؤيدي التعديل، ليسوا هم الذين جلبوا الجيش الجمعية الوطنية، و"ينبغي عليهم أن ينتظروا حتى يصلوا إلى السلطة، ثم يمكنهم إبعاد الجيش من البرلمان". وأضاف: "طالما بقي حزب حركة المقاومة الوطنية في السلطة، سيبقى الجيش في البرلمان". ويحتاج مشروع القانون إلى موافقة ثلث نواب البرلمان البالغ إجمالي عدد مقاعده 386 مقعدا، ويهيمن نواب حزب "حركة المقاومة الوطنية" الحاكم على 259 منها. وبمجرد أن يمرر البرلمان مشروع القانون، يصبح قانونا برلمانيا. ثم يتم إرساله إلى الرئيس، الذي يصدق عليه ليصبح قانونا. من جهته، أوضح "فوكس أودوي"، وهو برلماني آخر في الحزب الحاكم، أن هناك سببا لتمثيل الجيش في البرلمان. وقال في حديث لوكالة الأناضول "واضعو دستور عام 1995، كانوا يتعاملون في الأساس مع انقلابات مستمرة، كانت السمة المميزة للسياسة الأفريقية". وأضاف "حاول الدستور الأوغندي علاج ذلك عن طريق جعل الجنود جزء من العملية التشريعية". وعرفت أوغندا الانقلابات والاستيلاء العسكري على السلطة، ولكن أكثرها شهرة، ونجاحا انقلاب عام 1979، عندما استولى الجيش على السلطة في الوقت الذي كان يحضر الرئيس ميلتون أوبوتي مؤتمر دول الكومنولث في سنغافورة، ثم عين الجيش اللواء عيدي أمين دادا رئيسا للحكومة العسكرية الجديدة. وأشار النائب "أدوي" إلى أنه بالنظر إلى (عمليات) استيلاء الجيش السابقة العنيفة على السلطة التي شهدتها البلاد، "لا يمكن إنكار وجود الجيش كمساهم في الاستقرار النسبي الذي كنا نتمتع بها خلال السنوات الثلاثين الماضية". وفي هذا الرأي، وافقه العقيد المتقاعد "موسيغى"، الذي يعتقد أن "الحكومات السابقة أطاح بها الجيش لأنه كان مستبعدا (غير ممثل) في البرلمان". ومضى قائلا: "لكن الجيش سد هذه الفجوة، التي تم خلقها بواسطة المستعمرين". من جانبه سخر من هذا التبرير، ميدار سينوغا، وهو نائب معارض، ووزير العدل والشؤون الدستورية في حكومة الظل (حكومة غير موجودة على الخريطة التنفيذية ومهمتها توجيه النقد للحكومة القائمة على رأس عملها، وتشكل من قبل حزب غير مشارك في الحكومة التنفيذية وعادة ما يكون الحزب الثاني في البلاد). وقال لوكالة الأناضول "الانقلابات لا تحدث لأن الجنود ليسوا في البرلمان، فهذه وسيلة تافهة للنظر إلى الأمور". وبدروه، قال تشارلز روموشانا، الرئيس السابق للمكتب السياسي في قصر الرئاسة، إن "كل الأنظمة التي كانت تحكم أوغندا كان لها جناح عسكري"، مشيرا إلى أن "الحزب الحاكم لا يختلف عنها".