تحل اليوم 22 ابريل الذكرى الثالثة والثلاثون لرحيل الفنان القدير عبد الوارث عسر الذى وافته المنية فى مثل هذا اليوم من العام 1982 عن عمر ناهز 88 عاما بعد حياة حافلة بالعطاء الفنى . «كلنا في الهوى عباسية»، قالها الفنان الراحل وهو يؤدي دوره في فيلم «شباب امرأة»، فصارت مثلًا متداولًا. عبدالوارث عسر، من مواليد «الدرب الأحمر»، بجي الجمالية في عام 1894، أصول والده ريفية من «الدلنجات» محافظة البحيرة، حفظ القرآن الكريم منذ الصغر وتعلم تجويده، وكان والده يعمل بالمحاماة، وعلى صداقة كبيرة مع الزعيم سعد زغلول، وبعد دخول الانجليز مصر، استقال والده من المحاماة لأنه رفض التعامل مع سلطات الاحتلال. وبعد وفاة والده ساعده الزعيم سعد زغلول، في الالتحاق بوزارة المالية في وظيفة «كاتب حسابات» واستقال في سن 40 عامًا للتفرغ للفن، وانتقل للإقامة بحي الدقي. كان عسر يمتلك شخصية منظمة ومرتبة جدًا وحجرته كانت صومعته التي لا يستطيع أحد الاقتراب منها سوى زوجته فقط، وفى الفترة الأخيرة من حياته ضعف بصره فكان حفيدة الفنان محمد التاجي، هو من يقوم بقراءة الكتب والسيناريوهات له. كان عبدالوارث عسر، يحب أن يقرأ في حجرته بهدوء وتركيز عال جداً، وكان يقوم بالتدرب على شخصيته في فيلم «ليلة من عمري»، حيث كان يؤدى مشهد الأب الذي أصيب بالشلل ، فكان يدرب نفسه وكأنه أصيب فعلاً بالشلل. وحاول برفقة صديقيه سليمان نجيب ومحمد كريم النهوض بفن التمثيل والتأليف وتدريب الوجوه الجديدة فتمكن من تعليم الممثلين فن الإلقاء حيث كان يدرس بالمعهد العالي للسينما عام 1959 مادة الإلقاء وألف كتاب "فن الإلقاء" الذي يعد من أهم الكتب عن تعليم التمثيل حتى الآن. ولم يكتف عبد الوارث عسر بالتمثيل بل كتب العديد من السيناريوهات وقدم العديد من الأعمال الإذاعية وقد حصل على جائزة أفضل سيناريو عن فيلم "جنون الحب" وعلى جائزة الدولة التقديرية ووسام الفنون من الرئيس السادات. أكثر من 300 فيلم الفنان الراحل قدم أكثر من 300 فيلم، وكتب العديد من السيناريوهات إلى أن جاءت أم كلثوم، وقدم معها تمثيلاً وكتابة سيناريو في فيلمي «سلامة»، و «عايدة»، وبعدها جاءت مرحلة الانتشار السينمائي فقدم «دموع الحب»، و«يوم سعيد» و «حب في الظلام» مع فاتن حمامة عام 1953، وفيلم «عيون سهرانة» مع شادية 1956، و«شباب امرأة» مع تحية كاريوكا، و«صراع في الوادي» و «الأستاذة فاطمة». شارك في آخر حياته بالمسلسل التليفزيوني"أحلام الفتي الطائر" مع الفنان عادل إمام البدايات كانت بدايته السينمائية مع موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، حيث قدم عبدالوارث عسر أول أفلامه «دموع الحب» عام 1935، وبعدها تألق مع الثنائي عبدالوهاب والمخرج محمد كريم، وتتابعت أفلامهم مثل: «يوم سعيد»، «يحيا الحب»، «ممنوع الحب» وكان يكتب السيناريوهات الخاصة بهم. عسر كان تميمة الحظ لعبدالوهاب؛ حيث كان يحرص الثاني على اشتراكه في جميع أفلامه، وحينما كان بصدد تمثيل فيلمه الجديد آنذاك «رصاصة في القلب» عام 1944، وجد عسر أن السيناريو لا يوجد به دور ملائم له ورفض الظهور مع صديقه عبدالوهاب. ولكن موسيقار الأجيال طلب منه أن يضيف دورًا جديدًا في النص المكتوب يقوم بأدائه، وهو ما رفضه تمامًا حتى لا يفسد فكرة الفيلم ويتسبب له في ضرر كبير، فأراد أن يرضيه وقرر قراءة السيناريو من جديد وبالفعل تمكن من اختيار دورًا صغيرًا للغاية. الدور الذي اختاره عبدالوارث عسر كان دور «الشحات»، فتعجب عبدالوهاب وقال له: «هل تقبل دور الشحات؟»، فأجابه بكل رضا: «علشان عيون عبدالوهاب أقوم بدور الشحات». حكاية غزل البنات اشترك عبدالوارث عسر بدور ثانوي في فيلم «غزل البنات» مع نجم الكوميديا نجيب الريحاني عام 1949، ورغم أن دوره لم يتعد بضعة مشاهد، إلا أن دوره المحوري كان في الكواليس. منتج العمل ومخرجه الفنان أنور وجدي توجه ذات يوم إلى عسر ليخبره أنه غير راض عن سيناريو الفيلم الذي وضعه الريحاني؛ فهو مكتوب بأسلوب مسرحي بحت، بينما أسلوب الكتابة للسينما يختلف تمامًا، ورجاه أن يتدخل لدى الريحاني لأنه يخجل من مفاتحته في الأمر احترامًا وتقديرًا لقامته الفنية الكبيرة. ورحب عبدالوارث باقتراح وجدي وأكد أنه سيتواجد خلال جلسة مناقشة السيناريو ليحاول إقناع الريحاني، وما حدث بعد ذلك رواه عسر في هذا التسجيل النادر. الاسرة والبنات تزوج من حكمت المكاوي وأنجب منها ابنتان وهما لوتس عسر وهاتور عسر. أما عن حفيده فهو الفنان الكوميدي محمد التاجي الذي أمتعنا بالعديد من الأعمال الفنية المميزة والتي يبلغ عددها تقريبا 64 عملا فنيا آخرهم والذي يعرض في رمضان حاليا مسلسل ابن حلال، ومسلسل دهشة، كما قام بدور العمدة في مسلسل قضية صفية الذي عرض في عام 2010، وله العديد من الأعمال الفنية المميزة التي شارك فيها. محمد التاجى قالوا عنه : يقول حفيده الفنان محمد التاجى الذى رافقه خلال العشرين عاماً الأخيرة من عمره.. فى لقاء مع مجلة الإذاعة والتليفزيون فى مايو 2010:" جدى كان عاشقاً للغة العربية وكان متفقهاً فيها، وكذلك الشعر والأدب، لذلك للمسرح لأنه الأقرب لكل هذه الفنون، فإلتحق عام 1912، بفرقة "جورج أبيض" وكان أول دور له فى مسرحية "الممثل كين" والذى دربه على التمثيل "منسى فهمى"، وكان يؤدى مع فرقة "جورج أبيض" الأداء الكلاسيكى .. الأمر الذى لم يكن يروق له، لذلك اتجه إلى فرقة "عزيز عيد وفاطمة رشدى" حيث الطبيعية فى الأداء وهو من رواد هذه المدرسة، وهناك التقى بالمخرج ومدير الفرقة "عمرو وصفى" الذى وجهه إلى أداء شخصية الأب رغم أنه كان فى مقتبل العمر لم يتعد ال 20 عاماً، وقال له "عمرو وصفى" إن هذا الدور هو الذى سيبقى وفيه استمرارية .. فظل عجوزاً فى جميع أعماله .. وقد استمر فى المسرح وأسس مع "سليمان نجيب" فرقة "أنصار التمثيل" وكانوا يقومون بترجمة المسرحيات من الإنجليزية والفرنسية، كما كتب مع "سليمان نجيب" أربع مسرحيات والعديد من التمثيليات الإذاعية ومازالت عندى فى أرشيف خاص بجدى" . وعن سؤال التاجى ان كثير من الناس يعتقدون أن الفنان "أحمد عبد الوارث" ابنه ، قال التاجى ان جده له بنتان فقط هما "لوتس" و "هاتور" وفى هذه الفترة كانت الأسماء التركية منتشرة فأراد أن يكسر القاعدة ويسمى أسماء فرعونية فاختار "لوتس" و "هاتور". عشقه للقرآن الكريم يضيف التاجى :" أهم ما تركه قبل وفاته هو تسجيل القرآن الكريم كاملاً مجوداً بصوته لصالح إحدى شركات الإنتاج، وللأسف فإن هذا التسجيل النادر لم يرى النور حتى يومنا هذا برغم حلاوة صوته وهو يقرأ القرآن الكريم" . المرض والوفاة أصيب عسر بغيبوبة كاملة، بعدما توفيت زوجته في 3 مايو 1979، وكانت بنت خالته يحبها جدًا ومرتبطًا بها إلى أقصى درجة، وبعد وفاتها حزن حزنًا شديدًا عليها ودخل إلى المستشفى في شبه غيبوبة كاملة، وظل فترات طويلة بمستشفى «المعادى للقوات المسلحة»، وأمر الرئيس الراحل أنور السادات بعلاجه على نفقة الدولة .