توقع رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، أنه من الممكن أن تشهد الأشهر المقبلة وجودا عربيا مباشرا وقويا في سوريا بعد موقف التحالف العربي في اليمن، مؤكدا في الوقت ذاته أنه غير متخوف على الوجود المسيحي في الشرق. وقال جعجع في مقابلة عبر قناة "فرانس 24 " الفرنسية: "إن هناك أمرا مستجدا لا يجب تجاهله وهو قيام التحالف العربي الذي بدأ بشن ضربات جوية في اليمن انطلاقا من تمدد مجموعات مسلحة تابعة للحوثيين من جهة وللرئيس السابق علي عبد الله صالح من جهة أخرى، وبتقديري لم تعد المسائل بالسهولة التي كانت فيها سابقا، فإن كانت ايران أو روسيا تدعمان الأسد بشكل مباشر أو غير مباشر، من الممكن أن نشهد في الأشهر المقبلة وجودا عربيا مباشرا وقويا في سوريا، واذا اتخذ هذا القرار سيكون وجودا حاسما". وعن الأزمة السورية واستمرارها منذ 4 سنوات حتى اليوم وتغير المزاج الدولي تجاه نظام الأسد، قال جعجع : "أنا أخالفك الرأي لا بل لدي معطيات مناقضة، فبعض الدول تحاول أن تتعاون مع النظام الأسدي في ما يتعلق بمعلومات عن "الداعشيين" الذين يأتون منها الى سوريا، ولكن هذا ليس معناه إطلاقا أن هذه الدول غيرت من موقفها، والمثل الأبرز أتى في مقابلة للرئيس الأمريكي باراك أوباما حين سئل: لماذا لا تتدخل أميركا في سوريا؟ فأجاب أنه من الأجدى أن تتدخل الدول العربية لقمع ما يقوم به الأسد وتخفيف الارهاب عن الشعب السوري". وأضاف جعجع أنه منذ أسبوعين أو ثلاثة كان لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري تصريح غامض بهذا الشأن، فأتت ردود الفعل بريطانية، فرنسية وأوروبية شاملة لتوضح موقف كيري وتقول ان موقفنا من الأسد نهائي وبأن لا مكان له في مستقبل سوريا. وتابع قائلا: لذلك لا أعتقد أن هناك تغيرا في الموقف الدولي من نظام الأسد بل على العكس بعد إنجاز الاتفاق النووي أعتقد أنه ممكن أن يزداد الضغط على النظام السوري كي يرحل الرئيس الأسد وتبدأ عملية سياسية معينة، نحن جميعا بانتظارها، في سوريا". وعلى صعيد آخر، أكد جعجع أنه غير متخوف على "الوجود المسيحي في الشرق لأن ما يحدث ليس عملية ممنهجة المقصود بها المسيحيين تحديدا، بل هي تطورات تاريخية تحدث وللأسف بأثمان باهظة جدا انسانيا، اجتماعيا وماديا، ومن هذا المنطلق أعتقد أن مصير مسيحيي الشرق سيكون من مصير مجتمعاته، إما أن تؤدي هذه الأزمات الى الوصول الى مجتمعات تعددية، حرة وديمقراطية وبالتالي يكون مصير المسيحيين محفوظا، وإما أنها لن تصل وبالتالي سيكون مصير المسيحيين وغير المسيحيين وكل الأحرار من مسلمين ومسيحيين وباقي الطوائف مجهولا". وأكد جعجع أن الإرهاب محكوم عليه مسبقا لأنه يأتي بعكس منطق ولغة التاريخ، للأسف قد يتمكن هذا الإرهاب من إلحاق خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات والمجتمعات والثقافة والمتاحف والآثار، ولكن لفترة قصيرة وبشكل محدود، لأنه في نهاية المطاف منطق البشرية والانسانية هو الذي سيسود، من هنا ليس لدي تخوف كبير. وقال: "علينا الصمود ومواجهة هذا الإرهاب بأوجهه كافة أي إرهاب "داعش" وإرهاب الأنظمة الديكتاتورية الذي يكون في بعض الأوقات أكبر حين يستعمل مثلا الأسلحة الكيماوية". وعن انعكاس الاتفاق النووي على علاقة ايران بالدول الخليجية وعلى لبنان، أجاب جعجع : "من المبكر جدا تقدير ما ستكون ارتدادات الاتفاق النووي الاميركي - الايراني، وخصوصا أنه لم ينجز بعد، فهو مشروع اتفاق، ولدينا حتى شهر يونيو لنعرف ما اذا كان الاتفاق سينجز بشكل دقيق وعلمي وبأي تفاصيل، ولكن المؤشرات الأولية تدل على أن أمريكا وكأنها تفاهمت مع إيران حول الملف النووي، وبالمقابل ستتفاهم مع الدول العربية الأخرى على ملفات المنطقة الأخرى وفي طليعتها الملف اليمني والسوري واستطرادا الملف العراقي، اذا فلننتظر". واستبعد ان "ينعكس تأثير الاتفاق النووي على الداخل اللبناني لأن لا علاقة مباشرة له، فالأمريكيون لم يسايروا الايرانيين حول ملفات المنطقة، وبالتالي لماذا سيقدم الايرانيون على الافراج على ملف الرئاسة اللبنانية؟ طالما أن الأمريكيين ودول الغرب لم يعطوا إيران شيئا لا بل هم بصدد استرجاع بعض الملفات الأخرى كالملفين اليمني والسوري واستطرادا أجزاء من الملف العراقي". وعمن يقف وراء عدم انتخاب رئيس جمهورية قوي في لبنان، قال: "ان الجواب بسيط جدا، من يقاطع جلسات انتخاب الرئيس، فحتى الآن لم ينتخب هذا الرئيس لعدم اكتمال نصاب هذه الجلسات، فمن يغيب عنها يمنع الانتخاب وبالتالي يعطله". وعن انتظار الفرقاء اللبنانيين الضوء الأخضر أو كلمة السر من ايران أو السعودية، أجاب: "كما تبين حتى الآن، نحن لم نغب عن أي جلسة انتخاب للرئيس، وبالتالي لم نكن بانتظار لا ضوءا أخضر أو أصفر أو برتقاليا، هناك كتلتان تتغيبان عن جلسات الانتخاب". وأضاف: "باعتقادي أن كتلة عون لا تنتظر ضوءا أخضر من أحد ولكن لديها رأيها في الموضوع بينما كتلة حزب الله مرتبطة بالاستراتيجية الايرانية العريضة في المنطقة التي هي في موقع هجومي كامل وشامل من المحيط الى الخليج، لذلك لا يذهب نواب حزب الله الى المجلس، فلنقل نحن بانتظار تليين ايران موقفها لتوحي لنواب حزب الله بالتوجه الى المجلس أو أن يغير العماد عون موقفه ويشارك في هذه الجلسات لانتخاب رئيس". وعن المرحلة التي وصل اليها الحوار بين "التيار الوطني الحر" و"القوات"، شرح ان "هناك مسارات عديدة لهذا الحوار انطلاقا من انقطاع تواصل دام 30 عاما بين الفريقين، فالسرعة ليست نفسها على جميع هذه المحاور، هناك تقدم كبير على بعض المحاور مثلا على صعيد التعاون البرلماني أو اتخاذ مواقف واحدة من بعض القضايا الآنية المطروحة، بينما في ملفات أخرى كالملف السياسي فإن التقدم بطيء انطلاقا من التموضع السياسي المختلف تماما، ولكن إن كان التيار أو القوات كلاهما لديهما القناعة والنية الكاملة لاستمرار هذا الحوار حتى النهاية". وعن امكانية مطالبة "التيار الوطني الحر" بإقناع "حزب الله" بالتخلي عن سلاحه، قال رئيس حزب "القوات اللبنانية": "في الوقت الحاضر للأسف، يفصلنا عن حزب الله محيطات من الفروقات في وجهات النظر السياسية، نحن في العالم اللبناني البحت بينما حزب الله في عالم آخر تماما، فعلى سبيل المثال لا الحصر قام السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله مؤخرا بهجوم ساحق على المملكة العربية السعودية بينما نحن نرى أن السعودية هي في طليعة أصدقاء لبنان ولم تأل جهدا في مساعدتنا، اذا هجوم نصرالله يأتي انطلاقا من معطيات واعتبارات غير لبنانية، وهذا أمر لا يمكن ان نقبله". وعن تفسيره لاستمرار حوار "حزب الله" - تيار "المستقبل" رغم هجوم السيد نصرالله الساحق على السعودية، قال: "أنا أفسره صراحة بالنية الكاملة لدى الفرقاء اللبنانيين، ومن ضمنهم حزب الله، بالحفاظ على الاستقرار في لبنان وهذا أمر جيد بحد ذاته بغض النظر عن الفروقات السياسية الأخرى". وأخير فحول الإسم الذي يقترحه لرئاسة الجمهورية في حال عدم الاتفاق على انتخاب ميشال عون أو سمير جعجع، قال: "في هذه الحالة، يجب أن نتداول نحن والتيار الوطني الحر وبقية الأفرقاء المسيحيين والحلفاء وفي طليعتهم تيار المستقبل، لنرى من هو الشخص الأمثل".