جاسم محمد: الضربات الجوية لا تحسم المعارك على الأرض د.مختار غباشي: «مسقط» مرشحة لاستضافة المفاوضات بعد انتهاء «العاصفة» أبو النور: إيران قد تسعى لإقناع موسكو أو بكين بالوساطة بين الطرفين أثارت الضربة الجوية "عاصفة الحزم" التي وجهتها السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي بمشاركة عدد من الدول العربية الأخرى صباح اليوم للحوثيين في اليمن مخاوف الكثير من تبعاتها والرد الإيراني عليها، وتأثير السيطرة الحوثية على أمن الخليج وحركة الملاحة في قناة السويس، حيث أجمع خبراء أن الضربة كانت واجبة وقد يتبعها ضربات أخرى. قال جاسم محمد الخبير بشؤون الاستخبارات والجماعات الإسلامية إن الضربات الجوية التي شنتها السعودية ضد جماعة الحوثيين بالتنسيق مع تحالف يضم عشر دول، قد توقف الجماعات الحوثية، ولكنها "لن تحسم المعركة والتغير والتأثير سيكون محدودا والحسم يبقى للحوثين". وأضاف في تصريحات لشبكة الإعلام العربية "محيط": "إذا افترضنا أن الهلال الشيعي هو لبنانوإيرانوالعراق، فإنه يعيش الآن فوضى وضررا كبيرين خلال الفترة الماضية والحالية"، موضحا أن "كل التقديرات تشير إلى أن سلاح الجو لا يحسم المعركة والموجود على الأرض هو الحاسم، والحوثيين أثبتوا جدارتهم بالسيطرة على الأرض وبدأوا التوسع والتمدد بشكل يثير التساؤل في اجتياح سريع للمدن اليمنية". تقسيم طائفي ومذهبي وتابع: "نحن أمام تقسيم طائفي ومذهبي عقب الربيع العربي، وما يجري الآن باليمن واجتياح الحوثين لصنعاء ومدن كبيرة أخرى في اليمن وشن المملكة العربية السعودية للعملية العسكرية "عاصفة الحزم" بمباركة غربية وتحالف مع أمريكا والغرب لتنفيذ ضربات جوية سواء ضد العراق أو سوريا، جاء رداً على التحرك الحوثي في الجنوب، ووفق تصريحات السعودية بأن التهديدات الإيرانية تجاوزت الحدود وهنالك خشية من التمدد الإيرانيبالعراق." وأشار جاسم إلى أن "الحوثيين يبادرون بالدخول إلى الأراضي السعودية وهناك تجربة سابقة لهم بنقل الحرب إلى الأراضي السعودية، وبتقديري فإن الحوثيين يراهنون على نقل المعركة إلى مدينة "صعدة" (معقلهم) لا سيما أنها على امتداد الحدود السعودية ." وأضاف: "العدد الكبير من الجنود 150 ألفا ممكن أن يؤثر على الأرض، وسبق أن واجهت السعودية مخاطر من اليمن، وربما يكون الخطر هذه المرة عن طريق مأرب وليس عن طريق مدينة صعدة، ومع هذا يبقى الحوثيون على دراية بالحدود كون مدينة صعدة معقلهم، وخلال الأيام القادمة سنشهد عمليات عسكرية داخل السعودية " . ضغوط للتفاوض تصريحات وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل عن الابتزاز الحوثي للمملكة السعودية وإجراء مناورات بالأسلحة الثقيلة على حدودها، بالإضافة إلى وصول الحوثيين إلى تعز وسيطرتهم عليها وتهديد عدن، كلها مؤشرات كانت تنذر باتخاذ خطوة عسكرية في اليمن، وفقا لرأي الدكتور مختار غباشي مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية. وأوضح غباشي أنها ليست المرة الأولى التي توجه فيها ضربات ضد الحوثيين من قبل السعودية بل شاركت في معظم الحروب ضدهم خلال حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، مؤكدا أن الحوثيين لم يكن لهم قوة للسيطرة على مدن يمنية منذ أيام حسين بدر الحوثي، لكن الوضع حاليا اختلف بعد سيطرتهم على مناطق ومواقع هامة منها ميناء المخا القريب لمضيق باب المندب. واعتبر أن الضربة مقصود بها الضغط على الحوثيين لإجبارهم على الجلوس للتفاوض ووضع حلول سلمية للأزمة اليمنية وقد يتبعها ضربات أخرى، مضيفا "هناك قبائل يمنية مثل مأرب وشبوة مستعدة لقتال الحوثيين، بالإضافة إلى تنظيم القاعدة وكل الدول العربية وباكستان، وهو ما يجعل إيران تفكر قبل الإقدام على التدخل المباشر". وعن المشاركة المصرية قال إن تهديد الحوثيين لباب المندب يؤثر على البلاد وحركة السفن في قناة السويس، بالإضافة إلى التزام "مسافة السكة" الذي أطلقه السيسي في حال أي تهديد للسعودية والدول العربية، وهي كلها عوامل جعلت المشاركة واجبة، وبالنسبة للأردن والمغرب أوضح أن مشاركتهم جاءت باعتبار أن أنظمتهم ملكية مثل السعودية، بالإضافة إلى التنسيق الأخير بين الأردن تحديدا ومصر والخليج فيما يخص محاربة الإرهاب. وأشار الخبير السياسي إلى أن سلطنة عمان تتخذ في الفترة الأخيرة موقفا حياديا تجاه عدد من الأزمات مثل الخلاف الخليجي، وهو ما جعلها تعزف عن المشاركة في توجيه الضربة العسكرية للحوثيين، بالإضافة أيضا لخصوصية العلاقة بينها وبين إيران، مضيفا "وارد أن تكون عمان محطة للتفاوض بين الحوثيين ودول الخليج". من جانبه، قال محمد محسن أبو النور الخبير في الشأن الإيراني إنه من الواضح أن الدول الخليجية والتحالف الإقليمي الذي شكل عملية "عاصفة الحزم" صبر كثيرا جدا على تطورات الوضع في اليمن لأكثر من شهرين ونصف منذ الاحتلال الحوثي للعاصمة ومحاصرة منزل الرئيس. وعن الدور الإيراني قال: "أعتقد أن إيران ستحاول السيطرة على الوضع سياسيا عن طريق محورين، اولا: محور الدفع الدبلوماسي بأن ترسل وفود دبلوماسية طارئة إلى الكتل الكبيرة في التحالف لمحاولة تحييد بعض منها أو إقناعها بضرورة الحوار، وثانيا: محور القوى الكبرى بأن تدعو موسكو أو بكين للوساطة بين الاطراف المتنازعة وإعادة جميع تشكيلات المشهد إلى طاولة الحوار، بالرغم من أن الحوثيين لم يلتزموا بمخرجات كل المصالحات والتسويات السابقة". وأوضح أبو النور أن باكستان لها أكثر من مصلحة في العملية، على رأسها تنمية العلاقات بين إسلام أباد والرياض، خاصة أنها تشكل إحدى ركائز العلاقات الخارجية لباكستان كدولة سنية، بالإضافة إلى تقويض التوسع الإيراني والتمدد الحاصل في السنوات الأخيرة، كما أن التوتر في مضيق باب المندب ليس من مصلحتها كقوة نووية إقليمية لها مكانة بارزة في المجتمع الدولي. وأضاف أن مصلحة مصر مركبة في المسألة اليمنية ومرتبطة بعدد لا حصر له من الاطراف داخل المشهد وخارجه، إذ "تستهدف مصر حماية الممرات الملاحية في البحر الأحمر وتأمين حركة التجارة من وإلى قناة السويس التي تشكل أحد أهم مدخلاتها القوية، والحد من النفوذ الإيراني الذي يهدد شكل الإقليم في ظل صراعات المحاور الكبرى بين السني والشيعي". وتابع: "مصر أيضا تخشى من تحول اليمن إلى سوريا جديدة أو إلى دولة حاضنة للإرهاب كما حدث في الحالة الأفغانية، فضلا عن مناصرة الحلفاء الخليجيين في حماية أمنهم القومي".