قال مندوب مصر أمام مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، اليوم الجمعة، إن بلاده تقبل ب "النقد البناء الذي يمكن أن يدعم في الإصلاحات المرجوة بحقوق الإنسان"، فيما أعرب تحالف من 25 منظمة حقوقية دولية عن القلق العميق من العنف والترهيب والمضايقات التي تواجهها المدافعات عن حقوق الإنسان في مصر، حسب مراسل وكالة الأناضول الذي حضر الجلسة. جاء ذلك في إطار تعليق الدول ومنظمات حقوق الإنسان على تقرير مصر النهائي حول حقوق الإنسان في إطار آلية الاستعراض الدوري الشامل للمجلس، والذي تمر به الدول الأعضاء في المجلس كل أربع سنوات. وفي وقت سابق اليوم قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، إن مجلس حقوق الإنسان بالأممالمتحدة اعتمد تقرير مصر للمراجعة الدورية الشاملة. وفي تصريحات خاصة لوكالة الأناضول، أوضح بدر عبد العاطي المتحدث باسم الوزارة أن "تقرير مصر للمراجعة الدورية الشاملة تم إقراره من أعضاء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجينف". وأشار المتحدث إلى أن مصر قبلت نحو 81 % من مجمل التوصيات التى قدمتها الدول خلال مراجعة ملف مصر فى نوفمبر/ تشرين ثان الماضي، وهي توصيات مرتبطة بتقاليد وقيم الدين الإسلامي. وقال السفير عمرو رمضان، مندوب مصر الدائم لدى الأممالمتحدة والمنظمات الدولية، هناك "ادعاءات ومظاهر نقد غير بناء استنادا إلى أنباء غير مدققة حول الأوضاع في مصر". وقال السفير المصري في كلمته أمام المجلس إن بلاده ملتزمة "بتعزيز وحماية حقوق الإنسان إذ ندرك تماما التحديات الجسيمة التي واجهتها البلاد ولا سيما في ضوء خطر الإرهاب يفتك بالمنطقة". وتعقيبا على كلمة مصر أكد تحالف من 25 منظمة دولية أبرزها "العفو الدولية" و"حقوق المدافعات عن حقوق الانسان" و"اتحاد حقوق المرأة في التنمية" في رده أمام المجلس على "ضرورة أن تضمن مصر الامتثال الكامل لالتزاماتها الدولية لضمان إجراءات قضائية عادلة ومنصفة ومستقلة في قضايا انتهاكات حقوق الانسان وتسليط الضوء على المضايقات القضائية المنتظمة التي يواجهها المدافعون عن كثير من النساء في مجال حقوق الإنسان". وضرب تحالف المنظمات الحقوقية مثالا بقضية "اعتقال سبع نساء من المدافعات عن حقوق الانسان في 21 يونيو/ حزيران 2014 رغم احتجاجهن سلميا ضد قانون التظاهر وواجهن متاعب شاقة بما في ذلك الاحتجاز السابق للمحاكمة لفترات طويلة حتى تم تخفيض عقوبتهن في النهاية إلى سنتين من السجن وسنتين من المراقبة من قبل محكمة الاستئناف في ديسمبر 2014". والناشطات هن سناء سيف ويارا سلام وحنان مصطفى محمد وسلوى محرز وسمر إبراهيم وناهد شريف وفكرية محمد المعروفة أيضا باسم رانيا الشيخ، بحسب المتحدثة باسم التحالف (لم يذكر اسمها). كما دعا التحالف الحكومة المصرية إلى ضمان إجراء تحقيق سريع ومستقل وفعال للتعرف على المتسبب في مصرع الناشطة شيماء الصباغ ومحاسبته. كانت النيابة العامة المصرية، أحالت منذ أيام ضابط شرطة، إلى المحاكمة الجنائية، لاتهامه بقتل الناشطة اليسارية شيماء الصباغ في شهر يناير الماضي، كما أحالت قيادات وأعضاء بحزب "التحالف الشعبي"، الذي تنتمي له الناشطة إلى المحاكمة الجنائية لمخالفتهم قانون التظاهر"، بحسب بيان للنائب العام. في الوقت ذاته أعرب التحالف عن القلق البالغ من مصير عزة سليمان من مركز المساعدة القانونية للمرأة المصرية التي كانت شاهدا على حادث اغتيال الصباغ وأدلت بشهادتها أمام مكتب المدعي العام، فتم توجيه اتهامات ضدها تحت قانون التجمع العام. وأعربت المنظمات عن "استمرار الفزع من العنف الجنسي ضد النساء في الأماكن العامة وعلى الإنترنت لا سيما أن التعديلات المدخلة على قانون العقوبات المعني بالتحرش الجنسي غير كافية إذ يشترط إثبات أن نية الجاني متصلة بالحصول على منافع جنسية". من جانبها انتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" ما وصفته "قمع غير مسبوق ومستمر تمر به مصر الآن لاسيما وأن الحكومة المصرية ومنذ الاستعراض الدوري الشامل في نوفمبر/تشرين ثان الماضي ارتكبت انتهاكات أكثر". ووصف فيليب دام، المتحدث باسم المنظمة أمام المجلس ردود القاهرة على التوصيات بأنها "تقدم أملا ضئيلا في التقدم لاسيما وأن ما لا يقل عن 90 شخصا على الأقل لقوا حتفهم في مراكز الشرطة في القاهرة الكبرى في عام 2014 أي بزيادة قدرها 40% عن العام السابق". وأوضح دام أن "هيومن رايتس ووتش"، و"ثقت العديد من الحالات الأخرى من التعذيب في حين رفضت مصر تقديم ضمان واضح ودقيق بإجراء تحقيقات شاملة ومستقلة ومحايدة في أسوأ عمليات القتل الجماعي في تاريخ مصر الحديث في ساحة رابعة العدوية (شرقي القاهرة) في عام 2013". كما انتقد "فشل مصر في تطبيق تعهدها بالتعاون مع مجلس الاممالمتحدة لحقوق الإنسان وآلياته ومع الإجراءات الخاصة التابعة للمجلس حيث لم تقم بدعوة المقررين الخواص في وقت قريب. وشددت "هيومن رايتس ووتش" على أن عدد المعتقلين في مصر لا يقل عن 41 الفا منذ يوليو / تموز 2013 فقط لكونهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين، فضلا عن النشطاء العلمانيين واليساريين. وتنفي وزارة الداخلية مرارا وفي بيانات رسمية وجود أي معتقل سياسي لديها، مؤكدة أن كل من لديها في السجون متهمون أو صادر ضدهم أحكام في قضايا جنائية. كما أوضحت "هيومن رايتس ووتش" أن عددا كبيرا من المنظمات غير الحكومية ألغت برامجها لهامة خوفا من الوقوع تحت طائلة قانون يفرض عقوبة السجن مدى الحياة لمن يتلقى تمويلا أجنبيا لغرض الإضرار ب"المصلحة الوطنية" في مصر. وترى المنظمة الحقوقية الدولية أن الحكومة المصرية اتخذت العديد من الوعود ولكنها عندما وضعت على المحك لم تظهر اية علامة تذكر على تحقيق تقدم. وتساءلت المنظمة عن عدد المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السلميين الذي سيضطرون لمغادرة البلاد أو أن تصمت حتى يقوم مجلس حقوق الإنسان مصر بوقف هذه الحملة القمعية. وكانت الدول المشاركة في جلسة المراجعة الدوريةلحقوق الإنسان في مصر، والتي عقدها مجلس الأممالمتحدة لحقوق الانسان في جنيف يوم 5 نوفمبر الماضية، قدمت 300 توصية، وذلك بزيادة 135 توصية عن جلسة عام 2010. والمراجعة الدورية الشاملة، هي آلية ينفذها مجلس حقوق الإنسان العالمي (وفق قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة)، يقوم من خلالها باستعراض دوري شامل لحالة حقوق الإنسان في الدول الأعضاء البالغ عددهم 47 دولة.