مكاتب التوظيف تبيع الوهم ب 100 جنيه للعاطلين عن العمل شركات الدجل تحول وظيفة «علاقات عامة» إلى «مندوب مبيعات» عفوا.. القانون لا يحمي جيوش «الحالمين» بعد تقلص دور الدولة في توفير الوظائف للشباب، وجدت مكاتب التوظيف الفرصة سانحة للعمل كوسيط بين الباحثين عن عمل والشركات والمصانع التي تعلن عن حاجتها لموظفين في مجالات مختلفة. بعض المكاتب نجح بالفعل في هذا الدور ووفر العديد من الوظائف، ولكن البعض الآخر تعامل مع الأمر بنوع من الاحتيال والمتاجرة بأحلام الشباب والباحثين عن لقمة العيش. يقول محمد الشعراوي "بكالوريوس تجارة" إنه ذهب عقب تخرجه وإتمامه الخدمة العسكرية منذ 3 أشهر إلى مكتب توظيف بعدما وجد إعلاناته على شبكات الإنترنت.. وبعد أن وصل إلى المكتب الكائن في شارع فيصل، وجدهم يطلبون 20 جنيهاً للحصول على بطاقة ترشيح لإحدى الوظائف في إحدى الشركات التي تطلب محاسبين للعمل لديها. وبالفعل دفع المبلغ، على أمل الحصول على الوظيفة وذهب بعد وعد المكتب الاتصال به، والى الآن بعد مضي أكثر من شهرين لم يتصل به أحد. المقابلة.. «سكة الندامة» سعد عمران "ليسانس حقوق" يقول إنه ذهب إلى شركة توظيف بمنطقة فيصل أيضا ووجد الإقبال شديد، ولم يكن يتصور أن جموع العاطلين في مصر إلى هذه الدرجة من الحشد. وقبل أن يُجري مقابلة طلبت منه إحدى الموظفات 30 جنيهاً من أجل إجراء المقابلة ودفع المبلغ راضياً على أمل الحصول على الوظيفة. وبعد أسبوع اتصل به المكتب لإجراء مقابلة ثانية، بعد أن يدفع 100 جنيه، للحصول على الوظيفة، ولكنه شعر بالاحتيال والنصب، فآثر عدم الذهاب لإجراء المقابلة. بصلة الملهوف.. مندوب مبيعات أحمد عبد الخالق "ليسانس آداب" يقول إنه قرأ إعلانا يطلب خريجين للعمل في مجالات متنوعة من بينها العلاقات العامة والتسويق، فذهب ولكن الشركة طلبت منه العمل مندوب مبيعات لمدة يومين أو ثلاثة بهدف اكتساب خبرة التعامل مع العملاء والتعايش مع زملائه الجدد من الموظفين وبعد ذلك يمكنه العمل في مجال التسويق كما يريد. واستمر في العمل حتى أتم أسبوعين، وأخبره المدير بعد ذلك بأنه سوف يكمل العمل كمندوب مبيعات بحجة عدم الحاجة إلى موظفين للعلاقات العامة أو التسويق، فترك الشركة بعد ما وجده من استخفاف بعقول الشباب والعبث بطموحاتهم وأحلامهم. الدفع «حظوظ» آية إسماعيل مسئولة العلاقات العامة بمكتب توظيف، تقول إن التعامل يكون على أساس المؤهل الدراسي، والتعامل مع أصحاب المؤهلات العليا يختلف عن المؤهلات المتوسطة. وبسؤالها عن اشتراط دفع مقابل مالي نظير المقابلات الشخصية، تقول إن ذلك غير ثابت، فهناك أوقات يتم فيها ذلك وأخرى تتم فيها المقابلات بدون مقابل مالي. وليد عثمان، المسئول الإعلامي بشركة توظيف أخرى، يقول إن الشركة تطلب حملة المؤهلات المتوسطة في أغلب الأحوال وإذا جاء من يحمل مؤهلا عاليا يتم التعامل معه على أساس شهادته الثانوية، إلا أن الشركة لا تطلب نهائياً أية مبالغ مالية نظير المقابلات الشخصية. ويضيف أن الشركة تطلب الموظفين للانتفاع بخدماتهم نظير أجر مالي بالاتفاق بين الطرفين، فكيف تطلب الشركة من الشباب أموالا هم في أشد الحاجة إليها. على المتضرر اللجوء للسماء عمرو فايز الباحث في مجال التشريعات الاجتماعية يرى أن المكاتب التي تحصل على مبالغ مالية نظير إجراء مقابلات شخصية لا يمكن بحال من الأحوال ملاحقتها قضائياً لأنه لا يوجد سند حقيقي لاتهامها بممارسة عمليات النصب والاحتيال على الشباب. ويوضح أن هذه المكاتب أو الشركات تعمل في إطار قانوني ومن يدفع لها مالاً يمتلك الحرية فيما يفعل، وإن رضى بما تشترطه تلك المؤسسات فقد صار هو المُدان أما تلك المكاتب فلا تثريب عليها. ويرى محمد مصطفى مؤسس حركة "مش مجرد وظيفة" أن الحكومة وحدها لن تستطع حل مشكلة البطالة، وان حاولت فسوف يستغرق ذلك وقتاً غير قصير. ويقول إن مكاتب التوظيف التي تستثمر الوهم في عقول الشباب وتعبث بمستقبلهم لن يوقفها عدم ذهاب الشباب إليها، وإن لم يأتِ الحل من داخل الإنسان نفسه فلا أمل نهائياً في وجود أي حلول.