مستشفى 15 مايو التخصصي ينظم ورشة تدريبية فى جراحة الأوعية الدموية    الفراخ البيضاء اليوم "ببلاش".. خزّن واملى الفريزر    اليوم، رئيس كوريا الجنوبية يلتقي السيسي ويلقي كلمة بجامعة القاهرة    اليوم.. محاكمة المتهمة بتشويه وجه عروس طليقها فى مصر القديمة    تحذير عاجل من الأرصاد| شبورة كثيفة.. تعليمات القيادة الآمنة    اليوم.. عرض فيلم "ليس للموت وجود" ضمن مهرجان القاهرة السينمائي    شاهد، أعمال تركيب القضبان والفلنكات بمشروع الخط الأول من شبكة القطار الكهربائي السريع    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    ترامب يرغب في تعيين وزير الخزانة سكوت بيسنت رئيسا للاحتياطي الاتحادي رغم رفضه للمنصب    أخبار فاتتك وأنت نائم| حادث انقلاب أتوبيس.. حريق مصنع إطارات.. المرحلة الثانية لانتخابات النواب    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 20 نوفمبر 2025    تحريات لكشف ملابسات سقوط سيدة من عقار فى الهرم    انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    سفير فلسطين: الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    كيفية تدريب الطفل على الاستيقاظ لصلاة الفجر بسهولة ودون معاناة    مكايدة في صلاح أم محبة لزميله، تعليق مثير من مبابي عن "ملك إفريقيا" بعد فوز أشرف حكيمي    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    فلسطين.. تعزيزات إسرائيلية إلى قباطية جنوب جنين بعد تسلل وحدة خاصة    طريقة عمل البصل البودر في المنزل بخطوات بسيطة    إصابة 15 شخصًا.. قرارات جديدة في حادث انقلاب أتوبيس بأكتوبر    محمد أبو الغار: عرض «آخر المعجزات» في مهرجان القاهرة معجزة بعد منعه العام الماضي    يحيى أبو الفتوح: منافسة بين المؤسسات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي    طريقة عمل الكشك المصري في المنزل    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    خبيرة اقتصاد: تركيب «وعاء الضغط» يُترجم الحلم النووي على أرض الواقع    أسعار الدواجن في الأسواق المصرية.. اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    مأساة في عزبة المصاص.. وفاة طفلة نتيجة دخان حريق داخل شقة    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    بنات الباشا.. مرثية سينمائية لنساء لا ينقذهن أحد    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    موسكو تبدي استعدادًا لاستئناف مفاوضات خفض الأسلحة النووي    بوتين: يجب أن نعتمد على التقنيات التكنولوجية الخاصة بنا في مجالات حوكمة الدولة    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    تأجيل محاكمة المطربة بوسي في اتهامها بالتهرب الضريبي ل3 ديسمبر    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء ببولاق الدكرور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدورى أبطال أفريقيا    أرسنال يكبد ريال مدريد أول خسارة في دوري أبطال أوروبا للسيدات    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    تصل إلى 100 ألف جنيه، عقوبة خرق الصمت الانتخابي في انتخابات مجلس النواب    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شايل سيفه ضد الإرهاب
نشر في محيط يوم 14 - 03 - 2015

له عندى منزلة خاصة.. مكانة يمتلكها وحده تعلو فوق همالايا الإعجاب والمديح والتقريظ والتصفيق والتهليل وخلع الألقاب.
مكانة مطرزة بوشائج الود، وصلة الفن، ونَسب التذوق، وحلاوة الكلمة، وأمانة الالتزام، وشريان الجودة، وسريان الابتكار، وتدفق العطاء، وعشق العمل، وتكريس العمر للتجويد والتجديد.. عادل إمام.. ركن قائم بذاته فى الحياة.. أحد مكونات العمر وصياغة الأيام وشرخ الشباب وتراكم الأحداث، وضحكة القلب وصوت المرح وروقان البال وسرعة الخاطر ومسيرة السيرة الذاتية للروح والوطن.. إشعاع لا يخبو نوره فى الوجدان.. بوصلة الإبداع ومنطقة الجذب وميدان التلاقى ومنصة التلاؤم وطغيان الحضور وحيوية اللقاء، وفعالية المشاركة بين الفنان والجمهور.. حبيب أبويا وابنى وحفيدى وأختى وخالتى وأهلى وناسى وأصحابى وجيرانى وأصحاب القصور وسكان القبور والناس اللى تحت والجماعة اللى فوق وعلى مدى الشوف وفى البر التانى، وشاهد عرس وحيدى وصديق عملى ومرضى.. مرطب القلب ومرهم الروح ومجدد الخلايا ومسكّن القهر ومسفِّر الأتراح ومبدد الأحزان وحامى حمى الضحكة، والآخذ بيد المهزوم من شر الوقوع فى بئر الاكتئاب..
مرآة مصر بنيلها وأرضها وشعبها وسمعها وبصرها وحلوها ومرّها.. صناعة مصرية مائة فى المائة.. حامل جنسيتها وحدها بدرجة مواطن عربى وعالمى، وكل من هاجر منها طواعية وقسرًا وترك قلبه على أعتاب خوفو وخفرع وعادل إمام.. مترجم الأفعال والأعمال والأحوال والأقوال وكل ما يخطر وما لا يخطر على البال.. المعنىّ بالتفاصيل ولا غنى للفنان الأصيل عن التفاصيل.. صاحب أكبر حزب فى مصر وهو حزب الجماهير أنفسهم.. الموهبة التى لم يكتشفها أحد بالذات وإنما اكتشفته الجماهير جمعاء.. الموعود الذى حباه الله حضورًا ربانياً خرافيًا يجعل مسرحه الذى سيهل بإطلالته عليه مشرئباً بالسعادة قبل رفع الستار فيضحك جمهوره بالإيحاء قبل ظهوره كأنهم قد جاءوا ليُضحكهم مع سبق الإصرار والترصد، وأن تظهره اللحظة أمامهم فكهرباء الضحك تسرى فى الجمع بلا استثناء على كل ما يقول، وكل ما يفعل، وأبدًا لا تتوقف الشحنة إلا بعد إسدال الستار فيغادرهم عادل ويغادرون الضحك، أما إذا أطل من التليفزيون، فالإطار بالكامل محجوز فى التو لصالحه وتسيُده وتنويعاته حتى كلمة النهاية لأقوم من بعد جرعته المنشطة متوثبة لأُنهى ما قد بدأت قبل زيارته لشاشتى بخطى سلحفاة.. المصرى البسيط الغلبان الذكى المقهور المناكف الناقد الساخر المشبوه المهزوم والمنتصر، الواد الشغال ابن الانفتاح رجل الأعمال الطاغى الحريف الكذاب القفل الغول «الإرهابى» الذى ندد فى أفلامه ومسرحياته بالإرهاب، وأضحكنا على الإرهابيين، وحَذَرَ من أساليب الجماعات الإرهابية فى غسيل أدمغة الشباب صغار السن، واستشعر بالهجمة الرجعية تهدد الوطن فلم يدل بحديث صحفى بل ذهب إلى معقل الرجعية وقتها فى أسيوط وعرض مسرحيته فى تحد واضح للأفكار المتخلفة من ناحية، ودفاعاً عن مهنته وفنه من ناحية أخرى، وأعطى للأسايطة جرعة من الفن الصافى رغم أنف حصار الإرهاب للفن هناك، وحارب الطائفية مُذكرًا المصريين بأنهم أمة واحدة وأن حسن هو نفسه مرقص وأن مرقص هو حسن، وفضح الطغيان فى الزعيم، وذهب محمود شعيب فى زهايمر للصديق يشكو جحود الأبناء ورغبتهم فى الحَجر على ثروته،
فوجد الصديق وقد أصابه الزهايمر الفعلى، وعندما تحدث معه فوجئ بأنه قد بلل ملابسه وإذا بمن يصرخ فى الخلفية «إزاى العيان ده لم يرتد البامبرز» فصُعبت عليه نفسه وصعب عليه صديقه فبكى حالهما معاً وحال عقوق الأبناء فى زمن ضاع فيه المجداف والملاح.. فارس الكوميديا الأول الذى يُقدم فى كل فيلم تجربة جديدة وعالماً جديداً ووجوهاً جديدة.. عادل.. إمام.. العَلامة الفارقة فى تاريخ الفن المصرى.. صعود على مهل خطوة خطوة من الحلمية للمنصورية، ومن أول شقة فى العمرانية لعش العرايس فى شارع النخيل بالمهندسين لشارع سليمان أباظة ليحط الرحال فى المنصورية، ومن دسوقى أفندى فى «أنا وهو وهى» ل«الأستاذ وصاحب مدرسة» فى رمضان القادم، ومن سيارة هيلمان موديل 49 معدل ب150 جنيها للرمسيس بقسط شهرى 14 جنيها، وبعدها يحمل بعربته ذات نفسها فوق الأعناق فى أكثر من عاصمة عربية.. سفير النوايا الحسنة وأحد عناصر القوة الناعمة فى مصر الذى جَنَّدَ موهبته وفنه لمصر التى عشقها فحوَّلَ الفن فيها من مجرد أداة للتسلية والإمتاع إلى سلاح ضد الإرهاب والعنصرية، ومن هنا كان انزعاج حماس وزبانيتها ليُحوِّلوا رصاص نضالهم الميكروفونى إلى صدر عادل الذى كاد يدفع حياته ثمناً لمواقفه ومبادئه، وما قاله عادل يوماً أزعج حماس أكثر بكثير مما أزعجتهم إسرائيل، وما قدمه عادل للمواطن العربى وقضاياه تقف أمامه دول وأحزاب وميليشيات كثيرة عاجزة عنه، ولا تخلو غالبية أفلامه من تلميح أو تصريح لكشف مخططات الإخوان والسخرية منهم..
● ويسألونه فى عام 1983 عن الزواج؟
- كويس.
● والعزوبية؟
- كويسة برضه.
● بماذا تنصح الأعزب والمتزوج؟
- أقول للأعزب تزوج وللمتزوج طلق
● كيف؟
- علشان لما المتزوج يطلق يصبح عازب فأقول له اتجوز، ولما يتزوج أقول له طلق، ولما يطلق يبقى عازب فأقول له تزوج وهكذا أفضل وراه لحد ما أجننه!
فى طفولته وجد نفسه وسط مظاهرة تهتف بحياة الزعيم مصطفى النحاس لإلغائه معاهدة الصداقة البريطانية، ومع قيام ثورة يوليو 52 كان عمره ثلاثة عشر عاماً وانبهر برجال الثورة خاصة عبدالناصر فاعتبر نفسه ناصرياً، ومن صغره كان مواظباً على صلاة الفجر فى مسجد السيدة زينب، ويشارك فى حلقات الذِكر مع المتصوفين فى المولد، وعندما رسب فى الثانوية العامة للمرة الثانية خاف من والده، وبعد تفكير عاد ليزف خبر نجاحه بمجموع كبير وتم توزيع صوانى الشربات، وناوله الوالد عشرة قروش كاملة مكافأة، لكنه سرعان ما اكتشف الكذبة فقرر للابن الكاذب مستقبلا كعامل نسيج ليصبح «أُسطى نسيج» قد الدنيا، وهزت الكلمة كيان عادل المحبط ليتوسط الأقرباء ليعيد الثانوية للمرة الثالثة مبتعدا عن شلة الكورة الشراب و..نجح.. ولم يوزع الشربات حتى قرأ الوالد أسماء الناجحين بعينه، إلا أن المجموع لم يدخله الطب الذى تمناه الأب ليُعلن أن عادل سيعمل بالثانوية للمساعدة فى مصاريف البيت، وتدخلت الوالدة وتوجه الابن إلى مكتب التنسيق للجامعات ليُدخله مجموعه كلية الزراعة.. وتأتيه الفرصة عندما يكتشفه المخرج حسين كمال فى فرقة التليفزيون ليُعطيه دور كومبارس فى مسرحية «ثورة قرية» ليقول فيها جملة واحدة فى مشهد مولد مزدحم وهو حافى القدمين حاملا على ظهره صندوق حلوى «معايا العسلية بمليم الوقية» ويختفى بعدها وسط الزحام، ويحطم فيلمه «رجب فوق صفيح ساخن» فى يناير 79 الأرقام القياسية فى إيرادات العرض الأول لتبلغ المليون جنيه وهو رقم لم تحققه ليلى مراد فى الأربعينيات، ولا عبدالحليم فى الستينيات ليغدو بعدها عادل إمام أغلى نجم فى مصر، وتستمر مسرحية «شاهد ماشافش حاجة» تعرض على المسرح لمدة ثمانية أعوام متصلة ليشاهدها 4 ملايين متفرج وهو أمر لم يحدث من قبل فى تاريخ المسرح المصرى، ويُباع مسلسل «دموع فى عيون وقحة» إخراج يحيى العلمى إلى الدول العربية بأكثر من مليون دولار، ولا ينسى جمهور عادل إمام سيفه الذى رفعه فى «عنتر شايل سيفه»، ولا فهلوة حسن سبانخ بطل «الأفوكاتو»، ولا رشاوى «مرجان أحمد مرجان» ولا فلوس المخدرات التى استولى عليها «بخيت وعديلة»، ولا سذاجة رجب الذى عاش «فوق الصفيح الساخن»... وتمضى الأدوار والبطولات وتدخل كلمات عادل إمام فى أجروميتنا الشعبية مثل قوله «بلد شهادات صحيح» و«كل واحد ياخد باله من لغلوغه» و«أنا يطلع لى أسد» و«أنا غلبااااان» و«متعودة دايماً»، «وماتيجى، إنت مابتجيش ليه؟!!».. ويقول عنه يوسف شاهين: «هناك ثلاثة عباقرة فى تاريخ التمثيل فى مصر: الريحانى ومحمود المليجى وعادل إمام» ويقول الشاعر سميح القاسم: «من أين يأتى عادل إمام بكل هذا الفيض من الضحك وهو نتاج أمة المعاناة»، ويقول ياسر عرفات: «عندما يأتى اسم مصر نذكر النيل والهرم وعادل إمام» ويقول عنه رجل اقتصاد بريطانى: «عوضاً عن مطالبته بضرائب على دخله، على الحكومة المصرية أن تمنح عادل إمام نسبة مئوية من دخل السياحة، فالزائر العربى قبل زيارته لأهرامات الجيزة وأبى الهول يقضى سهرته مع عادل إمام فى الواد سيد الشغال»..
وإذا ما كان الزعيم قد مارس نفوذه لرفع منسوب القبلات فى العديد من أفلامه، فليس معنى ذلك أن مشواره الفنى كان كله نوماً فى العسل، فقد عانى فى مسيرته ما يشيب له الولدان، حيث تعرض لهجوم عتاولة المحامين والدعاة والنقد، وعلى رأسهم المحامى الشهير مرتضى منصور، والشيخ خالد الجندى، والنقاد فتحى العشرى، وحُسن شاه، وخيرية البشلاوى وغيرهم كثير..
ويقول عادل إمام فى فيلم مشاهد حياته:
«أنا أحب أسلى الناس.. أموت وأسلى الناس.. لم يكن لى مصروف فأسرتى كانت فوق مستوى الفقر بشوية ولم يكن لدينا مدخرات والعكس صحيح، فقد كان احتياطنا صفرًا، وكان إيجار شقتنا فى حى الخليفة 120 قرشا، وعندما وجدنا شقة بشارع الحلمية واجهتنا مشكلة إيجارها الشهرى وهو ثمانية جنيهات، ولم يكن أمامنا غير تدبير المبلغ بعد قرار هدم بيت الخليفة... كنت أتمنى امتلاك أشياء كثيرة ولا أستطيع، وجاء أحد زملاء الفصل ببسكلتة لامعة للمدرسة، وبقيت طوال الحصص أسأل نفسى: لماذا يستطيع هذا الولد شراء بسكلتة وأنا لأ، وفى نهاية اليوم وجدتنى أركب تلك البسكلتة وأعود بها لبيتنا ويقع اللى يقع... لم يكن مسموحاً حتى سن الشباب أن أحمل مفتاحا خاصا لمنزلنا، فالمفتاح الوحيد فى جيب أبى وعودتى يجب ألا تتجاوز الثامنة.... زواج ممثل كوميدى من حى الحلمية الشعبى من ابنة عائلة ارستقراطية من جاردن سيتى، قلت لها يا بنتى أنا مش بتاع جواز وتزوجنا، قلت لها أولاد مافيش وجاء رامى بعد ثلاث سنوات وسارة بعده بسنتين، وبعدها بسبع سنوات محمد... اللى يطبطب علىّ أطبطب عليه وآخده كمان فى حضنى... شعورى يوم مولدى كما قال عبدالوهاب فى عيد ميلاده إن سنة مرت من عمرى وهو شعور منيل بستين نيلة... مسرح بدون نساء ليس بمسرح... لا أحب كتابة الخطابات ولا رغى التليفونات، ومجاملاتى أؤديها ببوكيهات الورد...
أذهب للعزاء أما الأفراح فلا أذهب إلا للأعزاء المقربين فقط... بعض الناس يعيب علىّ غلقى للستارة فى منتصف العمل عندما تحدث خناقة أو مشكلة فى المسرح لأن تلك الأحداث تعيدنى عادل إمام مرة أخرى وأحتاج لوقت حتى أعود للتوحد مع الشخصية التى أقوم بها... قدمتُ 120 فيلما فيها 80 فيلما بطولة مطلقة وثمانى مسرحيات..... أنا بحب الحب وأحياناً أشاهد حمار غلبان ماشى فى الطريق أقع فى حبه.. أستمع لمحمد منير وإيهاب توفيق وشهر زاد وسعاد محمد، ولم تعجبنى رواية علاء الأسوانى «شيكاغو» لأنها قائمة على الجنس... أرفض احتراف ابنتى للتمثيل، فهل سأكون سعيدا عندما أشاهد ممثلا يقبّلها لأقول لها بعد انتهاء المشهد «الله البوسة حلوة!»... فاتن عظيمة لا أنسى لها دعاء الكروان ودافعت عنها بشدة بعد هجوم سناء جميل ومريم فخرالدين عليها... عندما وقفت على خشبة مسرح الأولمبياد بباريس عام 1987 التى غنت فوقها يوما أم كلثوم شعرت من جمهورى بأننى فى بلد عربى لتكتب الصحافة الفرنسية عنى إن فرنانديل مصر قد وصل... لا أغضب من سرقة نقودى لكنى لا أغفر لسارق أفكارى... لا أقدم إلا الشخصية التى أحبها وأظل أقدمها حتى أشبع منها... كنت حريصا على مشاهدة كل أعمال الفنان أحمد زكى لأنه مثلى لديه القدرة الكاملة على الرفض والقبول، يغرق فى الشخصية التى يقدمها ولا يعرف الاستهانة بعمله، وكنت متحمسا له منذ بدايته وأيام عمله معى فى (مدرسة المشاغبين)، ومع كل عمل جديد له يزداد حماسى الشديد له... طلب منى حسن الإمام أن أحضر له ممثلا جديدا لفيلم قصر الشوق،
فقلت له فيه شاب اسمه محمد جابر شاب موهوب، وإذا بحسن الإمام يتصل بى بعد يومين ليقول لى: شكرًا على هديتك العظيمة يا عادل، وكان ميلاد نور الشريف، كذلك رشحت سعيد صالح لفرقة المتحدين، وحاربت من أجل إعطاء بطولة مطلقة ليونس شلبى على خشبة المسرح وكان عادل إمام من رشح الممثل لطفى لبيب ليلعب دور السفير الإسرائيلى فى فيلم «السفارة فى العمارة» على شرط ألا يتكلم من أنفه مثل الطريقة التقليدية للنطق الإسرائيلى فى أفلامنا وكان جدى عنده فى قرية شها بالمنصورة دكان بقالة عامله منتدى الناس تتلم عنده وتبقى ميتة من الضحك على كلامه، وبعدها يطردهم كلهم، وكان أبويا يخللى الناس من كلامه تقع من الضحك ويتألق خاصة لما تكون فيه نسوان فى القعدة... عمرى ما فكرت أعاكس بنت فى حياتى، طول عمر البنات هى اللى بتعاكسنى... أبويا مات وأنا أمثل مسرحية الزعيم على المسرح فى لبنان، أكملت المسرحية وبعد آخر تحية قلت للجمهور أبويا مات النهاردة وياما شالنى على كتفه يفرجنى على المحمل وهو رايح السعودية، ودمعت عيناى، وقوبلت بتصفيق عمرى ما تخيلته... أنا من الفنانين الذى حُكمَ عليهم بالسجن ثلاثة أشهر بسبب جملة فى مسرحية «شاهد ماشافشى حاجة» عندما قلت لممثل عضو الميمنة فى مشهد المحكمة: مستر بيجن بيعوق مسيرة السلام!... البرادعى قال عن نفسه إنه زعيم مثل غاندى ومارتن لوثر كنج، وأنا عادل إمام نصحته أن يختار أقواله حتى لا يصبح كوميديا، ولو كان الإخوان حينفعوك كانوا نفعوا روحهم... وصفنى أحدهم بأنى مغرور والحقيقة أنى أعتز بذاتى وفنى، فلست مُهرجًا أو أراجوز... أنا وارث ريادات مهولة فى الفن، وارث تراث جورج أبيض ويوسف وهبى ونجيب الريحانى وعلى الكسار وبديعة ومسارح ومدينة رمسيس، وأنا شخصياً نتاج زكى طليمات المسرح المدرسى والجامعى... هوايتى الشطرنج والبنج بونج وزهرتى الأوركيد وبذلتى الجينز ورقمى المفضل الواحد...
أنا من الذين حفوا وتعروا وداسوا على الشوك وتمرغوا فى أقصر الأدوار وعاشوا على فتات الجنيهات حتى وجدت طريقى وظهرت، وأظهرت بعضهم معى ولاأزال حتى الآن على عهدى معهم ولاتزال صداقتهم تهمنى، وفى مناسبات كثيرة أُصِر على أن يشاركونى البطولة.... فى فيلم «الغول» اعتقدت بعض الشخصيات أن الفيلم موجه ضدها، واللى على راسه بطحة، أما «الأفوكاتو» فحكم البراءة فيه قد أعاد لى ثقتى فى القضاء المصرى وجعلنى صلباً لا أتوجس خيفة من موضوعات المستقبلية فكل زوبعة فيها تحريك لموطن داء راكد شريطة أن تكون نبيلة الهدف... كانت أسرتى تنظر إلى أحد أخوالى على أنه عربيد، إلا أن الرجل تاب فجأة وتصوف ودخل إلى طريقة صوفية ليضمنى معه، وكنت وقتها فى عز المراهقة، ووجدتهم يقبلون يد شيخ الطريقة السمين ذى اللحية، وكانت يده المدكوكة الساخنة تبدو لى كرغيف ساخن طالع من الفرن فلم يعجبنى ذلك ولا مؤاخذة فضلت أضحك حتى بدأ الشيخ السمين يرمقنى بنظرة عدم ارتياح وزهق ويستثقل دمى ويتربص بى، وهنا خرجت من أسر تلك الطريقة الصوفية إلى تفكير أوسع لا تحده حدود لا أفهمها ولا تجيب عن تساؤلاتى الكثيرة..
من روعة أداء الفنان عبدالسلام محمد فى دور الفرفور فى مسرحية «الفرافير» ليوسف إدريس تمنيت أن ألعب دور الفرفور... ما هى الجريمة التى أرتكبها عندما أجعلك تضحك ثلاث ساعات وتصبح فى قمة الارتياح النفسى، يا أخى أنا باسعدك أنت وعيلتك بدون إسفاف، وبضحكة طالعة من قلبك، وبعدين تقولى الضحك للضحك ولاّ الضحك للبتاع!!... البعض يكتب وهو متبنى سلفاً موقفاً ضدك... فى الطفولة قالوا لنا الضحك من غير سبب قلة أدب وصدقناهم فلما كبرنا وحاصرتنا الهموم أصبحت الضحكة ذات نفسها صعبة وعزيزة رغم ضرورتها، مع أن الضحك يشفى الصداع والانهيار العصبى والبرود الجنسى ويسهل الهضم... أحلامى يوماً كانت حتة لحم بدون دهن وقميص كاروهات وعلبة بلمونت... الوسط الفنى غابة فيهاالنمور وفيها الحمائم.. فى بداياتى قابلت الفنان فريد شوقى، وكنت نكرة لكنه عاملنى كنجم، كذلك عمّق المخرج فطين عبدالوهاب فى نفسى مسألة أنى «ممثل عالمى تحت التمرين» وعندما قدمت فيلم «مراتى مدير عام» تنبأ لى سعد الدين وهبة بأنى منجم فن له مستقبل كبير... التحقت بفرق التليفزيون بمرتب 20 جنيها لم أقبضها غير مرة واحدة لفصلى لعدم وجود شهادة المعاملة العسكرية رغم أنى كنت العائل الوحيد للأسرة... تمنيت مسرحية تتتبع أبطال مدرسة المشاغبين بعد أن أتموا تعليمهم وأصبحوا موظفين وأولياء أمور يخوضون معركة الحياة... شارلى شابلن لم يقدم إلا عدة أفلام فلم يكن غزير الإنتاج، ومع هذا فهو أعظم المضحكين فى التاريخ... أنا بكيت يوم إعدام صدام من أجل أنه أحد رموز العروبة، واللى أعدموه الأمريكان، بعدما فتحوا بقه بيدوروا على إيه مش عارف... من حقى أتكلم فى السياسة طالما عندى بطاقة انتخابية... الفنان المصرى لا ديّة له ولا يحميه أحد، فأخباره الشخصية جدا مباحة للجميع، بل وتنشر عنه شائعات معظمها غير صحيح، وصورة الفنان محزنة للغاية حتى أن البعض يتصور أن الفنان يقضى كل وقته غارقا فى الملذات ولا يعيش قضايا وأحزان مجتمعه... أى شخص يستطيع أن يهاجم أى أحد ويكتب عنه ما يشاء على صفحات الإنترنت ومواقع الفيس بوك، ومثل ذلك النوع من التهديد والفتاوى والهجوم لا يجعلنى أتراجع عن موقفى من الإخوان حيث سألت واحدا منهم: هل أنت إخوانى أم مصرى؟!!.. عندى حفيد اسمه عادل على اسمى وحفيدة اسمها هالة على اسم زوجتى... تلقيت نبأ وفاة الصديق سعيد صالح وأنا فى الساحل الشمالى، وغيابى عن الجنارة لإصرار ابنته (هند) على سرعة دفن والدها، وعدت على الفور لتلقى العزاء فى صديق العمر... كل عمل جديد أقدمه أشرك فيه شبابا جديدا موهوبا ومنهم نيللى كريم... لا أقدم تنازلات فى الفن مهما تكن الضغوط والأسباب... مرة قابلت أحد السفراء قال لى أنا حاطط فيلمك «عريس من جهة أمنية» فى أودة النوم عندى فأنا معنديش غير بنت واحدة ومش متصور واحد ابن كلب ياخدها منى... مفيش واحد قلبه أسود يعرف يضحك أو يضحّك حد... لما اعتدوا على نجيب محفوظ بكيت ورحت له المستشفى وحدى مسك إيدى وطبطب عليها... الناس تعتبرنى قدوة ولازم أحافظ على صورتى... أصلا أنا أهلاوى وأخيرا قررت أشجع الزمالك... الحمد لله مفيش فيلم وقع منى... مش ممكن وانت بتضحك تطلق مراتك... فقدت أمى أثناء تمثيلى شاهد ماشافشى حاجة، أما الشقيقتان إيمان ومنى فقد كنت لهما بديلا عن الأب ولى الحرية أن أقول لا ونعم وتدخلت فى زواجهما... اقترحت على رامى إخراج فيلم «أمير الظلام» وسلمته نسخة من السيناريو فتردد فى البداية وقال لى انتظر لأصلى استخارة قبل أن أوافق، وبالفعل أخرج فيلما متميزا، وبعدها أخرج لى «فرقة ناجى عطاالله»... زوجتى مديرة الميزانية وأنا عامل لى مصروف لما أخلصه آخد غيره... أحضر عروضى الأولى فى الظلام دون أن يشعر بى أحد حتى لا أتبهدل لأرى الفيلم من كرسى المتفرج... صحيت مرة لقيت نفسى مش شايف حاجة فسافرت لفرنسا ونصحونى باستخدام نوع حديث من القطرة وكمادات ساخنة وباردة... أنجلينا جولى صاحبتى فى سفارات النوايا الحسنة، طلعت فى قناة فوكس ومدحتنى وبعثت لها تلغرافاً لما أمها ماتت... ساعات أحس بأنى اتشتمت أكثر من إسرائيل، لكنى أراهن دائما على شباك التذاكر وعلى حب الجمهور الذى لم يخذلنى أبدًا...
و.. وتعيش الحكومة، والعيش كتير، والأنابيب ياما، ومافيش طوابير، والأسعار رخي ي ي صة، والمواصلات فاضية، والشقق كتير وأنا من البلدى دى.. أنا من البلد دى»..
نقلا عن " الاهرام" المصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.