شرم الشيخ تزينت وارتدت أحلي أثوابها انتظارا للحدث الأبرز في العام الحالي.. وجوه يكسوها التفاؤل بغد أفضل تستقبل نخبة رجال السياسة والأعمال والمال من كل أنحاء العالم.. رئيس وحكومة وشعب ينتظر ثمرة جهد غير مسبوق في تقديم صورة جديدة لأمة تسعي إلي البناء والخير..بعد ساعات قليلة، ينطلق المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ بمشاركة عشرات الدول والمؤسسات والمنظمات العالمية والقطاع الخاص المصري ويقدم الرئيس عبدالفتاح السيسي، في كلمة الافتتاح، رؤية مصر الاقتصادية والإصلاحات القانونية والتشريعية التي تسهم في جذب مزيد من الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية، لقد أعدت مصر العدة للمؤتمر منذ أكثر من عام كامل واستطلعت وجهات نظر المستثمرين في الداخل والخارج بشأن المعوقات التي تحول دون زيادة معدل الاستثمار المباشر، وقامت جهات عدة بدراسات موسعة حول وضع خريطة استثمارية تتوافق مع إمكانات وقدرات مصر، وسيتضح في الأيام الثلاثة للمؤتمر حجم الجهد الكبير في الفترة الماضية والأهم هو العرض الجيد للمشروعات المطروحة من الحكومة المصرية علي المستثمرين، في ظل مشاركة واسعة للمجموعات المالية والشركات العالمية التي تسعي بدورها إلي الاستفادة من الفرص الراهنة. يقول الرئيس عبد الفتاح السيسي في تصريحاته الأخيرة، إن المؤتمر هو «مفتاح المستقبل» وبداية تنمية مصرنا العزيزة وإن استقرار بلد ضخم مثل مصر سيُعد الركيزة الأولى فى استقرار المنطقة، ومن ثم ستكون له انعكاساته الإيجابية على الاستقرار الإقليمي والعالمي، ومثلما قال الرئيس، يوم الاثنين الماضي في افتتاح مشروعات نفذتها القوات المسلحة «التنمية الشاملة لن تقوم على يد شخص واحد أو مؤسسة واحدة، ولكنها تحتاج إلى تضافر كل الجهود وعمل كل أبناء الشعب المصرى فى صف واحد، وكل واحد بيحب مصر وبيحب ربنا وبيحب دينه عليه أن يقف بجوار الدولة فى بناء مستقبلها.». كما كانت رسالة السيسي واضحة إلي من يحاولون تعطيل المؤتمر عن طريق العمليات الإرهابية الجبانة عندما قال «محدش هيقدر يعوق تقدمنا أبدا، لأن إحنا عاوزين نبنى بلدنا لأولادنا وأحفادنا». واحدة من العبارات الموحية علي لسان الرئيس مؤخرا أن المؤتمر هو نتيجة عقول وجهد وسهر المصريين وأن تلك الجهود ستعود علينا بالخير والنماء، وأن الأمر ليس مجرد شركات أو مؤسسات تأتي إلي مصر لتستثمر في مشروعات علي أرضها لأننا 90 مليون مواطن نستطيع أن نفعل المستحيل. ترتكز الرئاسة والحكومة من اليوم الأول للإعداد للمؤتمر علي «إرادة المصريين» في تحقيق طفرة في عملية إعادة بناء اقتصادهم وعلي قدرة مصر علي اقناع الشركاء العرب والأجانب أن هناك إصلاحات جادة تجري علي قدم وساق ولو نظرنا إلي الوضع الإقليمي سنجد أن تلك مهمة شاقة وصعبة ولكنها ليست مستحيلة. فمصر التي قهرت ظروفا كثيرة في الشهور الأخيرة ووصلت إلي نقطة استعادة ثقة المجتمع الدولي سياسيا واقتصاديا وحشدت لمؤتمر واعد يحضره، وفقا لآخر البيانات، نحو 91 دولة من مختلف قارات العالم من بينها دول عربية وإفريقية وأوروبية وآسيوية ومن الأمريكتين و23 منظمة إقليمية ودولية المشاركة على مستوى رفيع، فضلاً عن المشاركات البارزة من جانب الشركات العالمية الكبرى والمنتدى الاقتصادى العالمى (منتدى دافوس) الذي يمثل مصالح ألف شركة عالمية من الوزن الثقيل فيما تنوعت مستويات المشاركة الرسمية من الدول بين مستوى رؤساء الدول والملوك ورؤساء الحكومات وبين المستوى الوزارى والبعض الآخر على مستوى نواب الوزراء وكبار المسئولين والسفراء المعتمدين بالقاهرة وعلي مدي أيام المؤتمر، تقدم مصر أمام هؤلاء جميعاً صورة شاملة للمشروعات المقترحة وحزمة التشريعات المشجعة للاستثمارات المباشرة والتي ينتظر أن تبث روحا جديدة في مناخ التعامل مع المستثمر الخارجي بما يعود علي الداخل المصري بمنافع كثيرة في المديين القصير والمتوسط. نظرة علي برنامج المؤتمر الاقتصادى تكشف حجم التنوع في المشروعات الطموحة التي تعرضها مصر وحجم المشاركة المتميزة لمسئولين كبار ورؤساء شركات عملاقة من مصر والعالم يتقدمهم الأشقاء العرب والشركاء الأوروبيون والأمريكيون في رسالة واضحة أن مصر عصية علي أن تقف أفعال الصغار في طريق تقدمها وسعيها للبناء وتحقيق الرفاهية لشعبها، فارق كبير بين رئاسة وحكومة وشعب يسعون بقوة للحاق بقطار المستقبل بعد عثرات العقود الثلاثة الماضية وبين من يمارس الإرهاب والقتل والتدمير ومن يمولهم لتحقيق مآربهم الخاصة. فقد تكشفت أمام العالم حقيقة نضج سلطة تسعي إلي ما فيه خير شعبها وبين حفنة المجرمين التي تريد جره إلي الخلف بدعاوي كثيرة نحن نبني من أجل الغد وهم يريدون الهدم والدمار من أجل السلطة وحدها بعد أن فشلوا في تجربتهم واليوم يخوضون حربا ضد الشعب بكل أطيافه. بعد ظهر اليوم، يعتلي الرئيس السيسي منصة الكلمة في المؤتمر لتقديم رسالة شاملة إلي العالم بأسره في ظل اهتمام إعلامي كبير من كل وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية، ومن كلمته يأخذ كبار المسئولين المصريين زمام المبادرة في الجلسات العامة والمغلقة لتقديم آخر ما استقرت عليه مصر من مشروعات في كل ركن من أركان الوطن، يرتكب بعض المحللين في الغرب خطأ كبيرا عندما يسوقون لمقولات من نوعية أن شرعية السلطة في مصر تتوقف علي ما سوف ينتج عن مؤتمر شرم الشيخ لأنهم لا يعلمون أن الرئيس السيسي وحكومته ليس هدفهم تجميل الصورة أو تثبيت أركان الحكم ولكنهم يعملون من أجل رفعة شعب ووطن ويدركون أن الشرعية الحقيقية تأتي من الشعب الذي يصدق ويثق في كل الجهود التي لا يمكن الشك في نواياها المخلصة. وما جري من ترتيبات لعقد المؤتمر العالمي هو خير دليل علي صدق النوايا حيث اقتحام المشكلات والتعامل مع أسباب القصور التي تعوق مصر عن تنمية مجتمعها، واقتصادها صار عنوانا عريضا لا يفهمه إلا من يقترب من التجربة الدائرة علي أرض مصر ولا تعكسه التحليلات أو الأرقام التي يرددها البعض. يحدونا الأمل أن يخرج مؤتمر شرم الشيخ بحصيلة مثمرة للاستثمارات وأن تأتي الرسائل علي لسان المسئولين المصريين علي قدر الجهود الرائعة التي تضافرت فيها أفكار ومشاريع الحكومة والقطاع الخاص المصري وبيوت الخبرة الكبيرة التي وضعت خططا طموح للاستثمار، وستكون تبعات ما بعد شرم الشيخ هي الاختبار الحقيقي لقدرتنا علي إدراك ما نصبو إليه، فعلي قدر نجاح المؤتمر في تسويق مصر علي كل الأصعدة.. علي قدر ما سيكون التحدي عظيما لتمويل حلم التنمية الشاملة إلي حقيقة ماثلة أمام أعيننا وهو ما يعني أننا سنصل الليل بالنهار من الان فصاعدا من أجل تحقيق أهداف ما سنخرج به في شرم الشيخ من نتائج. رسالتنا إلي العالم اليوم أن هناك في مصر من يزرع الامل في النفوس ومن يريد أن يبني مجتمعا جديدا ودولة عصرية بازغة في مواجهة أعداء الحياة الذين لا يتورعون عن ارتكاب جرائمهم ضد المصريين العاديين ومن يريدون قتل الحلم بغد أفضل وهي مهمة لن يفلحوا فيها ولن ينالوا من عزيمة شعبنا لأننا نملك وعيا وصدقا ومخزونا من الصبر والتحمل والعزيمة التي ستكون نبراسا لتقدم مصر إلي الصفوف الأولي بين الأمم.. نقلا عن " الاهرام" المصرية