يبدو أن العوار الدستوري الذي لحق بقانوني "الانتخابات البرلمانية " و"تقسيم الدوائر" سيلحق بقانون "الاستثمار الموحد" الذي تنتظره كافة الدوائر الاقتصادية ومجتمع المال والأعمال في مصر قبل بدء مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي في الرابع عشر من مارس الجاري. القانون الجديد لم يكن سوى عدة تعديلات أجرتها لجنة الإصلاح التشريعي على قوانين استثمارية قديمة لا علاقة لها بقانون "الاستثمار الموحد" الذي كان قد طرح من قبل مجلس الوزراء وتم رفضه في وقت سابق، ومن ثم لم يكن مفاجئا أن ترفضه عدة جهات اقتصادية وقضائية وأن يواجه بانتقادات لاذعة تؤكد عدم دستوريته حال إقراره رسميا، من بينها جمعية رجال الأعمال المصريين التي حددت أسباب رفضها في عدة أوجه، وذلك قبل تعديل بعض مواده ومراجعتها من قبل إدارة الفتوى والتشريع في مجلس الدولة وتسليمه منذ أيام لمجلس الوزراء تمهيدا لإقراره. في ظل هذه الانتقادات اللاذعة، تم عرض مشروع قرار رئيس الجمهورية بقانون بتعديل بعض أحكام قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981، وقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وقانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997، وقانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005، على قسم التشريع بمجلس الدولة برئاسة المستشار مجدى العجاتى. وتضمن القانون 9 مواد، تم بموجبها استبدال بعض النصوص القائمة وتعديل نصوص أخرى، واستحداث بعض الأحكام المهمة والجديدة فى تشريعات الاستثمار، وإضافة 3 أبواب جديدة تضمنت تنظيماً متكاملاً لقواعد تخصيص الأراضي والعقارات لأغراض الاستثمار وللشركات والمنشآت الخاضعة لأحكام قانون ضمانات وحوافز الاستثمار، وتنظيماً كاملاً للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة والمركز القومي لترويج وتنمية الاستثمار كمركز مستقل عن الهيئة، وتحديد اختصاصات ووظائف كل منهما بما يكفل القيام بالدور المنوط بهما ، علاوة على إضافة تنظيم جديدً لآليات التظلم من قرارات الهيئة العامة للاستثمار وتسوية المنازعات المتعلقة بالاستثمار . وجاءت تعديلات قسم التشريع والفتوى على 9 مواد فى 6 قوانين استثمارية سابقة، أبرزها قانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997، حيث أعاد القسم ديباجة القوانين ذات الصلة بالمشروع التي تم تعديلها ورتبها ترتيبا جديدا، وأفرد مادة مستقلة برقم المادة الرابعة، تضمنت استبدال النصوص الواردة في قانون ضمانات وحوافز الاستثمار، لضبط وحسن الصياغة، نظرا لأن النصوص المستبدلة من مواد إصدار قانون حوافز الاستثمار موجودة بالمادة الثالثة من المشروع، ومن ثم تمت إعادة ترتيب مواد المشروع فى ضوء هذه الإضافة. وأضاف القسم كلمة «المستثمر» وعبارة «فى نطاق مباشرة الأنشطة المنصوص عليها فى هذا القانون»، إلى المادة باعتبار أن قانون ضمانات وحوافز الاستثمار هو قانون خاص له نطاق تطبيق، وأن الغرض من تعديل هذه المادة هو اقتصار سريان التصالح على الجرائم المنصوص عليها فى الباب الرابع من قانون العقوبات حال مخالفة أحكام هذا القانون، دون أن يمتد إلى غيره من الجرائم المرتكبة بالمخالفة لقوانين أخرى. وأضاف أن التعديل الوارد بإضافة فقرة جديدة إلى المادة 33 «الفقرة الثانية» لم يوضح ما إذا كانت المواد والنفايات الناتجة عن أنشطة المشروعات العاملة بالمناطق الحرة والتى يسمح بدخولها إلى البلاد بغرض التخلص منها فقط، تشمل المواد والنفايات الخطرة، ومن ثم يقترح أن تتضمن هذه الفقرة النص صراحة على استثناء المواد والنفايات الخطرة من الدخول إلى البلاد. واستبدل القسم عبارة «المشروعات ذات الطبيعة الإنتاجية» بعبارة «المشروعات الصناعية» لتكون أكثر عمومية، بحيث تتسع لتشمل المشروعات الصناعية وغيرها من المشروعات الإنتاجية. وشدد القسم على أن الفقرة الأخيرة من المادة 32 من الدستور نصت على أن يحدد القانون أحكام التصرف فى أملاك الدولة الخاصة والقواعد والإجراءات المنظمة لذلك.. ولما كانت المادة محل التعديل لم تبين كيفية المفاضلة عند التزاحم بين المستثمرين على الأراضي والعقارات اللازمة لإقامة المشروعات الاستثمارية باعتبار أن إغفال النص على ذلك قد يثير شبهة عدم الدستورية لكونه حكماً موضوعياً، فقد تمت إضافة عبارة «وذلك بنظام النقاط على أساس المنطقة وطبيعة الاستثمار وحجمه، أو بنظام القرعة إذا لم تتم المفاضلة طبقاً لنظام النقاط، لبيان الإجراءات التي يتعين إتباعها في هذه الحالة بما يجعلها تتفق مع أحكام الدستور». كما اقترحت مذكرة تعديلات قسم التشريع أن يكون تخصيص أو إعادة تخصيص الأراضي بموجب قرار مجلس الوزراء بناء على اقتراح من مجلس إدارة الهيئة بدلاً من رئيس الهيئة، وذلك كضمانة لمشاركة مجلس إدارة الهيئة فى اقتراح هذا التخصيص. وأكدت ضرورة حذف عبارة «ولا تقبل الدعاوى القضائية المقامة طعناً على القرارات الإدارية الصادرة من الهيئة تطبيقاً لأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية قبل التظلم منها أمام اللجنة»، حتى لا يفقد المستثمر حقه فى الطعن القضائي لمجرد عدم تقديم تظلمه من القرار المطعون فيه فى هذا الميعاد الضيق، خاصة أن المشرع المصري نظم أحكام التظلم الوجوبي في قانون مجلس الدولة التي يترتب على مخالفتها عدم قبول الدعاوى، بينما الفلسفة القائم عليها المشروع، وهى التيسير على المستثمرين، تتأبى بحكم طبيعتها الحكم بعدم قبول دعوى المستثمر حال عدم تقديمه لتظلم. في سياق متصل، أكدت مصادر قضائية لشبكة الإعلام العربية " محيط " رفضت كتابة اسمها أن القانون سيلقي مصير قانوني مجلس النواب وتقسيم الدوائر الانتخابية، إذ يشوبه عوار دستوري من عدة أوجه، من بينها عدم حسم القضايا الاستثمارية الخلافية، والتي من أبرزها تخصيص الأراضى وإعطاء رئيس الوزراء صلاحية إضافة مجالات استثمارية جديدة للقانون من عدمه، ومنح التراخيص وفكرة الشباك الواحد والإجراءات الروتينية المعيقة للاستثمار. يذكر أن المسودة النهائية من مشروع قانون الاستثمار تحتوي على 125 مادة موزعة على خمسة أبواب؛ يحمل أولها عنوان "الأحكام العامة" ويضم ثلاثة فصول: الأول يتعلق بالتعريفات، بينما يشمل الثانى "أهداف الاستثمار والمبادئ الحاكمة له"، ويتضمن 3 مواد: الأولى تستعرض التعريفات، والثانية تتعلق بأهداف الاستثمار، بينما تضم الثالثة المبادئ الحاكمة للاستثمار. أما الفصل الثالث من نفس الباب فيأتي تحت عنوان "ضمانات الاستثمار" ويضم المادة (4) المتعلقة بمسألة تمتع جميع الاستثمارات أيا كان النظام الخاضعة له بالضمانات، وتتناول المادة (5) الحق في إنشاء وتملك المشروعات وتصفيتها، أما المادة (6) فتؤكد الحق في المعاملة العادلة والمنصفة والحماية الكاملة والأمن، بينما تنص المادة (7) على معاملة المستثمر الأجنبي معاملة مماثلة للمستثمر الوطني.