في مثل هذا اليوم الموافق 9 مارس من كل عام تحيي القوات المسلحة والشعب المصري يوم الشهيد، تخليداً لذكرى رحيل رئيس أركان حرب الجيش المصري الفريق عبد المنعم رياض، والذي نعاه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ومنحه رتبة الفريق أول، ونجمة الشرف العسكرية، أكبر وسام عسكري في مصر. في ذلك اليوم الذي يخلد ذكراه، كان الفريق عبدالمنعم رياض مع القوات والجنود في الخطوط الأمامية، شمال مدينة الإسماعيلية، حيث أصيب بنيران المدفعية الإسرائيلية وفارق الحياة خلال نقلة إلى مستشفى الإسماعيلية، ويومها خرجت جموع غفيره من جميع طوائف الشعب المصري لوداعه. الإستراتيجية الشاملة كان الفريق عبد المنعم رياض يؤمن بحتمية الحرب ضد إسرائيل، ويعتقد أن العرب لن يحققوا نصرا عليها إلا في إطار إستراتيجية شاملة تأخذ البعد الاقتصادي في الحسبان، وليس مجرد حرب عسكرية. وكان يؤمن بأنه "إذا وفرنا للمعركة القدرات القتالية المناسبة وأتحنا لها الوقت الكافي للإعداد والتجهيز وهيأنا لها الظروف المواتية فليس ثمة شك في النصر الذي وعدنا الله إياه". كما كانت له وجهة نظر في القادة وأنهم يصنعون ولا يولدون، فكان يقول "لا أصدق أن القادة يولدون، إن الذي يولد قائدا هو فلتة من الفلتات التي لا يقاس عليها كخالد بن الوليد مثلا، ولكن العسكريين يصنعون، يصنعهم العلم والتجربة والفرصة والثقة". ومن أفكاره أيضا، "إن ما نحتاج إليه هو بناء القادة وصنعهم، والقائد الذي يقود هو الذي يملك القدرة على إصدار القرار في الوقت المناسب وليس مجرد القائد الذي يملك سلطة إصدار القرار". حياته العسكرية عين عبد المنعم رياض بعد تخرجه في سلاح المدفعية، والتحق بإحدى البطاريات المضادة للطائرات في الإسكندرية والسلوم والصحراء الغربية خلال عامي 1941 و1942، حيث اشترك في الحرب العالمية الثانية ضد القوات الإيطالية والألمانية. وخلال عامي 1947 – 1948 عمل في إدارة العمليات والخطط في القاهرة، وكان همزة الوصل والتنسيق بينها وبين قيادة الميدان في فلسطين، ومنح وسام الجدارة الذهبي لقدراته العسكرية التي ظهرت آنذاك. الجنرال الذهبي وتولى قيادة مدرسة المدفعية المضادة للطائرات في عام 1951 وكان وقتها برتبة مقدم، ثم عين قائدا للواء الأول المضاد للطائرات في الإسكندرية عام 1953. وفي العام التالي اختير لتولي قيادة الدفاع المضاد للطائرات في سلاح المدفعية, وظل في هذا المنصب إلى أن سافر في بعثة تعليمية إلى الاتحاد السوفياتي عام 1958 لإتمام دورة تكتيكية تعبوية في الأكاديمية، وأتمها في عام 1959 بتقدير امتياز وحصل على لقب (الجنرال الذهبي). بعد عودته شغل منصب رئيس أركان سلاح المدفعية عام 1960 ثم نائب رئيس شعبة العمليات برئاسة أركان حرب القوات المسلحة عام 1961, وأسند إليه منصب مستشار قيادة القوات الجوية لشؤون الدفاع الجوي. اشترك وهو برتبة لواء في دورة خاصة بالصواريخ بمدرسة المدفعية المضادة للطائرات خلال عامي 1962 – 1963, وفي عام 1964 عين رئيسا لأركان القيادة العربية الموحدة. ورقي في عام 1966 إلى رتبة فريق, وأتم في السنة نفسها دراسته بأكاديمية ناصر العسكرية العليا, وحصل على زمالة كلية الحرب العليا. بعد عقد معاهدة الدفاع المشترك بين مصر والأردن في 30 مايو 1967 وضعت قوات الدولتين تحت قيادة مشتركة كان الفريق عبد المنعم رياض قائدا لمركز القيادة المتقدم في عمان، فوصل إليها في الأول من يناير 1967 مع هيئة أركان صغيرة من الضباط العرب لتأسيس مركز القيادة. إدارة معارك المدفعية وحينما اندلعت حرب 1967 عين الفريق عبد المنعم رياض قائدا عاما للجبهة الأردنية، وفي 11 يونيو 1967 اختير رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية فبدأ مع وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة الجديد الفريق أول محمد فوزي إعادة بنائها وتنظيمها. وفي عام 1968 عين أمينا عاما مساعدا لجامعة الدول العربية وكان آخر ما أسند إليه من مهام إدارة معارك المدفعية ضد القوات الإسرائيلية المتمركزة في الضفة الشرقية لقناة السويس خلال ما عرف بحرب الاستنزاف. حقق عبد المنعم رياض انتصارات عسكرية في المعارك التي خاضتها القوات المسلحة المصرية خلال حرب الاستنزاف مثل معركة رأس العش التي منعت فيها قوة صغيرة من المشاة سيطرة القوات الإسرائيلية على مدينة بورفؤاد المصرية الواقعة على قناة السويس، وتدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات وإسقاط بعض الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال عامي 1967 و 1968. استشهد فى الميدان أثناء الاشتباكات العنيفة التي حدثت بين القوات المصرية والإسرائيلية في 9 مارس 1969 على امتداد الجبهة من السويس جنوبا إلى القنطرة شمالا، أصر الفريق عبد المنعم رياض على زيارة الجبهة رغم ما في ذلك من خطورة ليرى سير المعارك عن كثب ويكون بين جنوده، ووصل إليها بالفعل على متن طائرة عمودية ومعه مدير المدفعية وانضم إليهما قائد الجيش. وفي ظهر ذلك اليوم أصر على زيارة إحدى وحدات المشاة الفرعية التي لم تكن تبعد عن مرمى النيران الإسرائيلية سوى 250 مترا والتي كانت في اشتباكات معه طوال اليوم الفائت وتقع تحت سمعه وبصره، وما إن وصل إلى تلك الوحدة حتى وجهت إليهم إسرائيل نيران مدفعيتها، واستمرت المعركة التي كان يقودها عبد المنعم بنفسه حوالي ساعة ونصف الساعة إلى أن انفجرت إحدى طلقات المدفعية بالقرب من الحفرة التي كان يقود المعركة منها ونتيجة للشظايا القاتلة وتفريغ الهواء توفي عبد المنعم رياض بعد 32 عاما قضاها عاملا في الجيش متأثرا بجراحه.