الفريق عبد المنعم رياض، صاحب لقب "الجنرال الذهبي"، حسبما أطلق عليه الاتحاد السوفيتي حينها، حيث كان واحدا من أشهر شهداء الجيش المصري، ونموذجا فريدا من قاداته، ولم تمنعه مكانته القيادية من تفقد مواقع الجيش المصري على جبهة القتال، غير مكترثًا بما يهدده من أخطار. يظل "الجنرال الذهبي" واحدا من أهم الشخصيات العسكرية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، خلال النصف الثاني من القرن العشرين، فشارك الفريق رياض في الحرب العالمية الثانية، وحرب فلسطين، وحرب 1956، وحرب الاستنزاف، وكان أحد الأعمدة الرئيسية التي اعتمد عليها الرئيس عبد الناصر في إعادة بناء وتنظيم القوات المسلحة المصرية. ولد رياض في 1919، بقرية سبرباي، إحدى القرى التابعة لمدينة طنطابالغربية، وكان والده محمد رياض عبدالله، قائد "بلوكات" الطلبة بالكلية الحربية. الفريق عبد المنعم رياض، ولد إنساناً، وعاش بطلاً، ومات شهيداً، هو من أشهر الأسماء التى لمعت فى سماء العسكرية المصرية، بل تحوّل إلى رمز وحافز مهم لثورة 25 يناير، حيث كان يلتف الشباب حول تمثاله فى مدخل ميدان التحرير، يستلهمون منه الحماس، وينطلقون ليهتفون "عيش – حرية – عدالة اجتماعية". أطلق "رياض"، على اسم العديد من الشوارع والميادين المهمة في مصر والوطن العربي، والأهم من ذلك، أن ذكرى استشهاده، "9 مارس"، أصبحت يومًا للشهيد المصري، تكريماً له وفخرا به وبأعماله، إلا أن كثيرًا من جيل الشباب لا يعرفه إلا اسما فقط. كان رياض، بعد حصوله على الثانوية، التحق بكلية الطب، نزولا على رغبة أسرته، لكنه بعد عامين تحول إلى الكلية الحربية، وتخرج منها عام 1938. وفي 1944 نال الماجستير في العلوم العسكرية بترتيب الأول، وبين عامي 1945 و1946 أتم دراسته كمعلم مدفعية مضادة للطائرات، في مدرسة المدفعية المضادة للطائرات في بريطانيا، بتقدير امتياز. وكان الفريق رياض بين عامي 1941 و1942، فد التحق بإحدى البطاريات المضادة للطائرات في الإسكندرية والسلوم والصحراء الغربية، حيث اشترك في الحرب العالمية الثانية ضد القوات الإيطالية والألمانية. وبين عامي 1947 و1948، عمل في إدارة العمليات والخطط في القاهرة، ونسق بينها وبين قيادة الميدان في فلسطين، ومنح وسام الجدارة الذهبي، ثم تولى قيادة مدرسة المدفعية المضادة للطائرات، ثم قائدا للواء الأول المضاد للطائرات في الإسكندرية عام 1953، ثم تولى قيادة الدفاع المضاد للطائرات في سلاح المدفعية، إلى أن سافر في بعثة تعليمية إلى الاتحاد السوفييتي عام 1958، وأتمها في عام 1959 بتقدير امتياز، وحصل على لقب "الجنرال الذهبي". بعد عودة رياض من روسيا، تولى رئاسة أركان سلاح المدفعية عام 1960، وفي 1964، عين رئيسا لأركان القيادة العربية الموحدة، ورقي في 1966، إلى رتبة فريق، وفي 11 يونيو1967 تم اختياره رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية، وكان آخر ما أسند إليه، هو إدارة معارك المدفعية ضد القوات الإسرائيلية في الضفة الشرقية لقناة السويس. في 9 مارس 1969، أصر الفريق عبدالمنعم رياض على زيارة الجبهة، رغم خطورة ذلك، ليرى سير المعارك، وزار إحدى وحدات المشاة التي تبعد عن مرمى النيران الإسرائيلية 250 مترا، وما أن وصل إلى تلك الوحدة، حتى وجهت إليها القوات الإسرائيلية نيران مدفعيتها، وانفجرت إحدى الطلقات المدفعية بالقرب من موقعه، فاستشهد "الجنرال الذهبي". كان الشهيد يسعى للتعرف على الثقافات المختلفة من أجل معرفة الكثير، وساعده على ذلك إجادته للعديد من اللغات، كالفرنسية والروسية والإنجليزية، وكان شغوفاً بدراسة العلوم والرياضة، ما جعله ينتسب إلى كلية العلوم وهو "أميرالاي" حتى يستطيع دراسة الصواريخ المضادة للطائرات، ولم يكتف بذلك، بل سعى لمعرفة المزيد، فانتسب وهو برتبة الفريق، إلى كلية التجارة، لإيمانه بأهمية الاقتصاد الإستراتيجية.