«كيم»... أغنية أطلقتها فرقة «أولاد لبلاد» الموريتانية قبل نحو شهرين ، ولاقت انتشارا واسعا وتفاعلا من الشارع الموريتاني ، لكن أعضاء الفرقة، المكونة من ثلاثة أشخاص، يزعمون أنها فتحت عليهم أبوابا من «التهديدات» و»الملاحقات الأمنية» من قبل النظام الموريتاني بسبب ما تحمله كلماتها من نقد قاس للرئيس الموريتاني، محمد ولد عبدالعزيز. رغم نفي مسؤولين في حزب «الاتحاد من أجل الجمهورية» الحاكم في موريتانيا أية ملاحقة لأعضاء الفرقة على خلفية سياسية، ادعى أعضاء الفرقة في أحاديث مع وسائل الإعلام أنه مع نجاح أغنيتهم «كيم»، التي أصدروها مطلع العام الجاري، وانتشارها الواسع، سرعان ما «تهاطلت عليهم مكالمات مشحونة بالسباب من أشخاص مقربين من هرم السلطة تتوعدهم بالاعتداء الجسدي وإنهاء مسيرتهم الفنية». ووفقا لموقع لقدس العربى ،تطور الأمر لاحقا، وفق الفرقة، حيث تتهم السلطات الموريتانية ب «تلفيق» تهمتي «الاغتصاب» و «تعاطي المخدرات» لعضو الفرقة، حمادة ولد سيدي بونة، ليودع السجن في 20 يناير الماضي في انتظار مثوله أمام القضاء للمحاكمة. وأدت هذه الحادثة إلى فرار باقي أعضاء الفرقة إلى السنغال خوفا من ملاحقة السلطات الأمنية في موريتانيا، فيما اتهم الفنان حمادة ولد سيدي بونة القضاء الموريتاني ب «الانحياز لصالح الرئيس محمد ولد عبدالعزيز وعائلته»، في بيان أصدره قبل أيام من داخل السجن المركزي بمناسبة مرور شهر على اعتقاله دون تحديد موعد لمحاكمته. وتأسست فرقة «أولاد لبلاد» منذ حوالي عقد من الزمن، وتتبنى اللون الموسيقي الخاص بموسيقي «الراب»، وهي ذات تأثير واسع في الأوساط الشعبية الفقيرة في العاصمة نواكشوط، واشتهرت الفرقة بأغانيها الشعبية المنتقدة للوضع الاجتماعي والاقتصادي بالبلاد. ويقول عضو الفرقة، إسحاق ولد سيدي إبراهيم، إن ما يتعرضون له من قبل السلطة هو «تصفية حسابات من أجل تكميم أفواهنا، ولإجبارنا على الخروج من المشهد بسبب تفاعل المواطنين مع أغانينا»، حسب قوله. ويضيف ولد سيدي إبراهيم، المتواجد حاليا في العاصمة السنغالية داكار، في تصريحات هاتفية لمراسل الأناضول، أن الاستهداف الذي تتعرض له الفرقة حاليا يتم بطريقة «ممنهجة» من قبل محيطين بالرئيس. وزعم أن «النظام ضغط على الفرقة للتراجع عن الأغنية أو لإصدار أخرى جديدة تمتدح النظام للتكفير عن أغنية (كيم)»، مدعيا أن رفضهم لهذه الضغوط هو ما عرضهم للملاحقة الأمنية من قبل النظام، حسب قوله. ويدفع المغني الشاب عن فرقته تهمة «التوظيف السياسي» من قبل المعارضة الموريتانية، مشيرا إلى أن الفرقة «معروفة بمواقفها الحيادية من المشهد السياسي، لكنها تقف في صف الفقراء، وأن نقدها للنظام يتم بدافع وطني يستشعر آلام المطحونين». وخلال مؤتمر صحافي نهاية الشهر الماضي، اتهم مسؤول الإعلام باللجنة الشبابية لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية (الحزب الحاكم)، عبد الله ولد حرمة الله، قوى المعارضة الموريتانية بتحريف مسار فرقة «أولاد لبلاد» الفنية وباستغلالها في الصراع السياسي بين السلطة والمعارضة، حسب مراسل الأناضول. وقال ولد حرمة الله إن أغنية «كيم» تمت بتمويل من رجل الأعمال الموريتاني المعارض، محمد ولد بوعماتو، المقيم بالمغرب، نافيا أن يكون اعتقال عضو الفرقة، حمادة ولد سيدي بونة، الذي أوقفته الشرطة داخلا في إطار «سياسة مضايقة الفرقة»، معتبرا أن المغني معتقل بتهمة جنائية تتعلق ب «الاغتصاب وحيازة المخدرات»، حسب قوله. وتقول كلمات الأغنية «الشعب يريدك أن ترحل.. فعليك الرحيل قبل أن تورط نفسك.. أنت تقول أنك بطل.. وأنت تقول ولا تفعل.. ارحل عنا لم نعد نريدك.. أنت سمسار.. أنت ميكانيكي.. أنت رجل أعمال.. أسرتك تنهب المال العام.. وأنت غارق في جمع المال وتحويل ثروتنا للخارج.. الفقراء سئموا وعودك الكاذبة.. والمستفيدون من حكمك هم فقط حاشيتك وأقاربك». وندد الملتقى الأفريقي لحقوق الإنسان (مستقل) بتوقيف حمادة ولد سيدي بونة، معتبرا أن المغني ضحية «مؤامرة تم تدبيرها على مستوى عال في هرم السلطة» الموريتانية. ووجه الملتقى، وهو منظمة سنغالية تعتبر من أكبر المنظمات المدافعة لحقوق الإنسان بغرب أفريقيا، في بيان سابق، دعوة للسلطات السنغالية بتوفير الحماية لأعضاء الفرقة المتواجدين على أراضيها، وعدم تسليمهم للسلطات الموريتانية. واعتبرت المنظمة السنغالية أن توقيف ولد سيدي بونة «يندرج في سياسة مصادرة الحريات التي ينتهجها النظام الحالي، التي تبدو مظاهرها من خلال المضايقة وتهديد نشطاء المجتمع المدني والمؤامرات ضد فناني موسيقي الراب».