يومان وتوقع مصر مع الجانب الفرنسي أكبر صفقة تسليح جوي منذ نكسة 1967، فمن المنتظر أن يقوم وزير الدفاع الفرنسي جان إيفل لودريان بزيارة القاهرة الاثنين 16 فبراير الجاري لتوقيع الاتفاق رسمياً مع الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسي وفقا لما ذكرته وكالة انباء "رويترز" نقلا عن صحيفة "لوموند" الفرنسية . تتضمن الصفقة شراء 24 طائرة رافال من صناعة شركة داسو للطيران بتكلفة كلية إجمالية تقدر بحوالي 3.5 مليار يورو، وفرقاطة واحدة من طراز FREMM بالإضافة لخدمات مصاحبة كالصيانة والتدريب بسعر مليار يورو، وFREMM من إنتاج برنامج مشترك فرنسي إيطالي للتلسح، بعد أن قيل أن الاتفاق كان يتضمن فرقاطتين، وصواريخ لتلسيح رافال و FREMM من أنواع Mica و Scalp Naval وغيرها بقيمة تقريبة قد تصل إلى 1.1 مليار يورو. وتقدر التكلفة الإجمالية للصفقة ب 5.6 مليار يورو أي ما يقرب من 50 مليار جنيه مصر بالعملة المحلية. مقاتلة متعددة المهام وتدرج الطائرة رافال ضمن الطائرات المقاتلة، تعتبر إحدى طائرات الجيل الرابع وهي ثنائية المحرك، وكان أول طيران لها في 4 يوليو 1986، ودخلت الخدمة في 4 ديسمبر 2000، كمقاتلة متعددة المهام في القوات الجوية الفرنسية. ويبلغ وزن الطائرة بدون حمولة 9,500 كجم، أما وزن الإقلاع الأقصى فيصل إلى 24,000 كجم، وتبلغ سرعة الطائرة القصوى في الارتفاعات العالية 2,000 كم بالساعة. والطائرة مزودة بمحركين من طراز Snecma M88، وتصل سرعتها القصوى في حالة استخدام الحارق اللاحق after burner 1.8 ماخ في حالة الارتفاع العالي، و1.1 على الارتفاع المنخفض. وتمتلك الرافال رادرا مميزا من الجيل الرابع القادر على تعقب 40 هدفًا مختلفًا، كما تتميز بصغر بصمتها الرادارية RCS، حيث لا تزيد على 0.4 متر، وهو ما يزيد من صعوبة رصدها ومواجهتها. وتحمل الرافال تشكيلة متنوعة من الأسلحة "جو- جو"، و"جو- سطح"، من أهمها الميكا والميتيور والأكسوسيت، وتسليحها مدافع: 1× 30 ملم من نوع GIAT 30/719B مع 125 طلقة. وتمتلك الطائرة ديناميكية هوائية تعتبر من أكثر عوامل نجاحها، حيث يوجه فيض الهواء الممتص نحو المحرك بكفاءة عالية حتى لو كانت الطائرة في زاوية شاهقة. ويبلغ طول الطائرة 15.27 متر، بإرتفاع 5.34 متر ، كما تبلغ المسافة بين الجناحين 10.80 متر، بمساحة 45.7 متر مربع. مكاسب ورسائل خاصة يرى محللون سياسيون أن توقيع مصر للصفقة له أهمية عديدة في ظل المتغيرات التي تحيط بمصر خاصة أمنها القومي، وما يواجهها من تحديات خصوصا الإرهاب في سيناء، وكذلك التهديدات التي قد تأتي من دول إقليمية باتت مسرحا للإرهاب. ووفقا لما ذكرته مصادر فرنسية لوسائل الإعلام، فالقاهرة تسعى وراء الصفقة لأهداف عدة، أولها تقوية سلاحها الجوي هجوما ودفاعا نظرا للوضعين الداخلي والإقليمي، وثانيا تنويع مصادر التسلح، وثالثها إفهام واشنطن أنها قادرة على شراء السلاح الذي تحتاج إليه ليس فقط من روسيا التي زار رئيسها القاهرة قبل ثلاثة أيام، بل أيضا من مصادر غربية. وتسعى القاهرة للخروج عن "الوصاية" الأميركية التي تقيد استخدام الطائرات الحربية أميركية الصنع. وفي أي حال، ليس من المؤكد أبدا أن مصر كانت تستطيع للحصول على السلاح الحديث الذي تريده من واشنطن لأن الأخيرة تراعي دوما التفوق الاستراتيجي الإسرائيلي. وتحمل صفقات السلاح بوجه خاص في طياتها رسائل سياسية؛ إذ أنها تعكس طبيعة التحالفات والعلاقات القائمة بين المشتري والبائع، وفي حالة مصر وفرنسا، فإن العلاقات بينهما على الأقل "جيدة". فشل تسويق الرافال فيما وجه محللون سياسيون آخرين انتقادات للصفقة، خصوصا وأن الشركة المصنعة فشلت في تسويق الطائرة منذ أن بدأت إنتاج أول طائرة منها. واعتبرت وسائل إعلام فرنسية أن الصفقة أهم إنجاز حققته الدولة الفرنسية مع مصر لضمان وضع حد لما كان بعض خبراء مبيعات الأسلحة يسمونه "لعنة الرافال" في إشارة إلى فشل كثير من المحاولات الرامية إلى بيع هذه المقاتلة العالية الكفاءة خارج السوق الفرنسية. وحدث مرات عديدة أن بلغت المفاوضات المندرجة في المحاولات "الفاشلة"، مراحل كان الفرنسيون يعتقدون أنها واعدة ولكنها كلها لم تنجح. ووفقا لما ذكرته صحيفة "لوموند" الفرنسية، فقد تمت الصفقة بسرعة قياسية بعد لقاء جمع الرئيسين هولاند والسيسي في الرياض على هامش مراسم التعزية بالملك السعودي عبد الله. ووفقا لنفس الصحيفة فإن مقاتلات "رافال" قد لا تكون مفيدة في مكافحة الإرهاب في سيناء، إلا أنها ستلعب دورا مهما في السيطرة على الوضع على حدود مصر الغربية مع ليبيا – على حد قول الصحيفة. وتعد مصر أول مشتري من خارج فرنسا للمقاتلة، حيث طلب الجيش الفرنسي 180 مقاتلة وتسلم منها 91 مقاتلة للقوات الجوية و40 مقاتلة لسلاح البحرية. تعليق أمريكي وانتقاد دولي اهتمت الولاياتالمتحدة بالتعليق على الصفقة، حيث قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جين ساكي، مساء الجمعة 13 فبراير الجاري، "إن مصر دولة ذات سيادة ولها علاقات مع الدول الأخرى كما هو الحال مع الولاياتالمتحدة". وأشارت ساكي، إلى وجود علاقات أمنية تربط مصر والولاياتالمتحدة وبالتالي مثل تلك الصفقات لا تثير أي قلق لدى "واشنطن". وطالب فرع منظمة العفو الدولية في فرنسا السلطات الفرنسية تعليق عمليات تسليم الأسلحة لمصر بسبب ما أسمته "القمع غير المسبوق" الذي تشهده مصر. فيما كان رد وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان الخميس 13 فبراير على تلك الانتقادات "بأن السيسي انتخب من قبل الشعب المصري، وقريبا ستشهد مصر انتخابات تشريعية". وعلق لو دريان على توقيع الصفقة بأنها تعبير عن ثقة مصر بفرنسا وبالقدرة التكنولوجية الفرنسية سواء في الطائرات أو السفن". جدير بالذكر أن طائرات "رافال" الفرنسية ستشارك في الاستعراض العسكري الضخم الذي سيقام في أغسطس المقبل، الموعد المقرر بمناسبة تدشين قناة السويس الجديدة.