كنت ملتزماً طوال الفترة الماضية بعدم تناول شئون حزب الوفد حرصاً علي قوي التيار الديمقراطي وزاد الأمر حساسية بأنضمامي لحزب وليد نأمل ان يكون منبراً يساعدنا علي خدمة وطننا, ولكن ما سأتناوله هذه المرة ليس امراً داخلياً يخص حزب الوفد ولا اعضاؤه فقط انما شأن عام واحداث وبيانات متلاحقة تهدد بمصداقية كل من يعمل بالسياسة ... للأسف. خرج علينا بالأمس حزب الوفد, الراعي لتحالف الوفد المصري, ليعلن عن عن نيته الانسحاب من الإنتخابات البرلمانية وكانت المبررات واضحة علي لسان عدد من قياداته بأن هناك تدخل واضح لأجهزة سيادية في العملية الانتخابية وان هناك تهديدات لمرشحي الحزب وعمليات ترغيب وترهيب لهم ليري الحزب ان هذا يهدد مسار العملية الإنتخابية برمتها وكما اوضحوا ان لديهم معلومات بأن هذا يصب لصالح قائمة "في حب مصر" وهي الوريث لقائمة الدكتور كمال الجنزوري. ولتخرج علينا اليوم جريدة الوفد بعدد ناري ومانشيت عريض "بلاغ من الوفد إلي رئيس الجمهورية ارفعوا أيدي أجهزة الدولة عن انتخابات البرلمان .. مرشحين اجتمعوا في جهاز سيادي قبل إعلان قائمتهم ورموز عهد الفساد البائد يسخرون أموالهم لاحتكار البرلمان." لنفاجيء في منتصف النهار وبعد إعلان قيادات القائمة التي انتقدها الوفد العريق وجريدته برئيس الحزب يعلن عن الغاء الاجتماع المقرر له مناقشة قرار الأنسحاب وليعلن انه ربما ينضم للقائمة التي انتقدها أمس. المتأمل في المشهد يري ان قيادات "قائمة في حب مصر" اعلنت عن ترحيبها بانضمام حزب الوفد لها وكان هذا سبباً كافياً من وجهة نظر الحزب ان يعدل عن موقفه وينضم للقائمة التي أتهمها انها مدعومة من الدولة وانها يجري تسهيل الأمور لها من أجهزة سيادية؟ ليتبين لنا ان الموقف السابق لم يكن موقفاً مبنياً علي مباديء انما هو موقف من منطلق "فيها لاخفيها" فالحزب لم يعد يري ان هناك مانع الان من ان يتم تضبيط الأمور من الدولة لقائمة بعينها طالما هذا في صالحه ولم يعد يري ان هذه القائمة هي قائمة رموز النظام السابق ولم يعد هناك تهديد لمرشحيه ولم تعد نتيجة الإنتخابات البرلمانية محسومة مسبقاً. ولتنكشف زيف المباديء والمواقف في تراجع مخجل ومخزي وكاشف عن ان الموقف السابق كان للأبتزاز السياسي وليس دفاعاً عن حق وربما المواقف اللاحقة ستكون كذلك. لم تخبرنا جريدة الوفد هل رفع رئيس الدولة أيدي أجهزة الدولة عن الإنتخابات ام انهم نشروا معلومات خاطئة عن الاجتماع الذي تم في جهاز سيادي .. وماذا عن رموز عهد الفساد البائد "الذي تمتليء بهم قائمة الوفد" وهل يصبح رمز النظام البائد وطني شريف حين ينضم للوفد ويصبح فاسداً حين ينضم لغيره ؟ وهل قائمة الدولة, علي حد زعمهم, لم تعد قائمة الدولة وأصبحت قائمة وطنية شريفة بعد ظهور بوادر التنسيق مع الوفد ؟ ارجوا ان لا يغضب مني الاصدقاء والزملاء في حزب الوفد العريق وهو عن حق اعرق الاحزاب السياسية الليبرالية في مصر واكبرها ولا يجب ان تستمر هذه الافعال الصغيرة التي تهدد مصداقية رجال السياسة في مصر وتفقدهم المصداقية لدي رجل الشارع الذي بدأ في الكفر بالحياة الحزبية والسياسية بسبب مثل تلك المواقف.