مجازر متعاقبة ودماء تسيل على أرض اعتادت المعاناة ولم يتبق على سطحها سوى الخلافات والأطماع، هذا هو المشهد الذي يخيم على سوريا في ظل نظام بشار الأسد مرتكب المجازر الوحشية في حق شعبة الأعزل، وسط حالة من الصمت دولي على هذه المجازر البشعة، فلم يحرك العالم ساكناً لوقف عمليات القتل في سوريا. فمنذ أكثر من أربعة أعوام يتعرض الشعب السوري إلى أبشع جرائم الإبادة الجماعية، فمن إدلب إلى الرقة ودرعا، ودمشق، وصولًا للحسكة، واللاذقية وحلب، ومن الشمال إلى الجنوب، لم يكتف بهذا، فاليوم يرتكب النظام السوري جريمة تضاف إلى سجل جرائمه الدموية. ففي مدينة "دوما" بريف دمشق لقي 23 مدنياً على الأقل مصرعهم وأصيب أكثر من 70 آخرين بجروح معظمهم من النساء والأطفال جراء القصف الجوي والمدفعي لقوات النظام بقذائف الهاون والبراميل المتفجرة على المدينة، كما استهدف القصف النقاط الطبية في المدينة وتسبب بإغلاقها. وكان الطيران الحربي قد استهدف وسط مدينة "دوما" بأربعة صواريخ فراغية محرمة دولياً، ما أدى إلى مقتل 5 مدنيين وإصابة 70 آخرين تم إسعافهم إلى النقاط الطبيعة القريبة، بالإضافة إلى تدمير أربعة مباني سكنية بشكل كامل. وأثناء محاولة أبناء المدينة إنقاذ هؤلاء الضحايا استهدفتهم مدفعية الجيش النظامي بقذائف الهاون وسط الأحياء السكنية والسوق الشعبي متسببة بمقتل 18 مدنياً وإصابة عشرات آخرين. وما تزال حتى الساعة عملية البحث عن الأهالي تحت الأنقاض من قبل فرق الإنقاذ والأهالي، في ظل اشتعال النيران في أكثر من منزل، للبحث عن أحياء، وانتشال بقايا الجثث، التي قطّعتها صواريخ النظام، القصف وصفه أهالي المدينة ومراقبون للشأن السوري بأنه حرب إبادة ترتكب بحق سكان المدينة وسط استمرار غارات النظام على المدينة منذ أكثر من خمسة أيام. وترددت أنباء عن قيام قيادات جيش الإسلام بدراسة عملية إطلاق ألف صاروخ دفعة واحدة على العاصمة دمشق، وأن هناك عمل حثيث على قدم وساق لتنفيذ ذلك، بسبب استمرار النظام بحرب الإبادة، والقصف العنيف على مدن الغوطة الشرقية بشكل عام، و"دوما" بالتحديد دون سواها. "دوما" هي مدينة تقع في الغوطة الشرقية التي تعتبر معقل كتائب معارضي النظام السوري والتي تتعرض لحصار منذ أكثر من عام تحت قصف الجيش السوري، وتعد من أولى المدن السورية المشاركة في الثورة التي انفجرت مارس 2011، وأطلق عليها "شعلة الثورة السورية". وفي سياق متصل شن النظام السوري مئات الغارات الجوية أسفرت خلال أول خمسة أيام من الشهر الحالي عن مقتل وجرح نحو ألف مواطن سوري، بينما استمرت المواجهات عنيفة في ريف دمشق. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل نحو 185 مدنيًا، هم 34 طفلًا دون سن ال 18، و29 مواطنة فوق سن ال 18، و122 رجلًا، إضافة إلى إصابة نحو 800 آخرين بجروح، بينهم العشرات ممن أصيبوا بإعاقات دائمة وجروح بليغة. ووثق المكتب الحقوقي في اتحاد تنسيقيات الثورة خلال شهر كانون الثاني الماضي،1142 قتيلا في سوريا بينهم 165 طفلاً، 126 سيدة، 7 شهداء بقصف قوات التحالف، 41 شهيد على يد تنظيم الدولة، و72 شهيدا نتيجة نقص الغذاء والدواء والبرد.