مؤرخون يطالبون بلجنة متخصصة لكتابة تاريخ مصر الإسلامي الكتاب يستعرض 9 قرون من التاريخ المصرى شدد المشاركون في مناقشة كتاب " تاريخ مصر في العصور الوسطى " تأليف ستانلي لين بول، و ترجمة الباحث أحمد سالم، على ضرورة تشكيل لجنة متخصصة من خبراء الآثار والتاريخ لا يكون لهم أي انتماءات سياسية، لكتابة تاريخ مصر وخاصة الإسلامي. و قالت الدكتورة سحر سامي التي أدارت الندوة، إن الكتاب يؤكد اهتمام الغرب منذ عهد الحملة الفرنسية بتاريخ مصر ، وأضافت أن الكتاب من أهم كتب المستشرقين في هذا المجال، ومؤلفه هو مستشرق انجليزي . وتابعت: أن المؤلف حضر لمصر كباحث للآثار، ورغم ذلك لم يعد في كتابه إلى الآثار ولكن إلى المؤلفات التي صدرت عن الآثار. وأوضحت "سامي" أن الكتاب يعد أول كتاب شامل يتناول تاريخ مصر الإسلامية منذ الفتح العربي الإسلامي لمصر 639 641 ، حتى دخول العثمانيين مصر عام 1516، من خلال عرض موضوعي تحليلي مزوّد صوراً نادرة ونماذج من النقود المتداولة في هذه العصور. وأشارت إلى أن الكتاب تناول العلاقة بين المسلمين والأقباط، وقضية الجزية، بالإضافة إلى العلاقة بين الشيعة والحاكم وقتها. المرحلة الإسلامية وقال المفكر و الدكتور أيمن فؤاد سيد، المتخصص في تاريخ الحضارة العربية والإسلامية، إن الفترة التي يتناولها الكتاب هي ما نطلق عليها نحن في الشرق " المرحلة الإسلامية " ، مشيرا إلى أن الغرب يطلقون عليها العصور الوسطى لارتباطها بالعصور الوسطى الغربية. وأضاف فؤاد أن الكتاب من أوائل الكتب التي تناولت تاريخ مصر الإسلامية، مشيرا إلى أنه من خلال تردد المؤلف على مصر وإطلاعه على مصادر متنوعة في الآثار استطاع عمل نوع من الاستعراض للتاريخ المصري على امتداد 9 قرون. كما أشار إن هذا الكتاب مرجعا أساسيا فى دراسات التاريخ الإسلامي ، وخاصة من ناحية تحليلاته عن الأحداث التي شهدتها هذه الفترة وهو ما يميزه. وأوضح فؤاد أن الفترة التي وضع فيها المؤلف لين بول كتابه لم يكن نُشر فيها من مصادر مصر الإسلامية إلاّ النذر القليل، فاستعاض عن ذلك بالاطِّلاع على النسخ الخطِّية لعددٍ مهم من مصادر مصر الإسلامية، إضافة إلى تجارب الطبع الخاصة بكتاب «مدوّنة الكتابات العربية» للمستشرق وعالم الكتابات التاريخية السويسري ماكس فان بِرشِم. وقال المفكر أنه بالنظر إلى الدراسات المماثلة في المكتبة العربية لا نجد كتبا تتناول هذه الفترة الطويلة منذ الفتح العربي وحتى الفتح العثماني رغم أهمية هذه الفترة، مشيرا إلى أن مؤخرا هناك عدد من الكتابات رغم توافر المصادر والدراسات الأجنبية عن هذه الفترة ولكنها لا ترقى إلى ما قدمها المؤلفين الغربيون. ودعا فؤاد إلى تكوين فريق يعمل على تأليف كتاب عن هذه الفترة منتقدا عدم وجود مثل هذه الأمور. ودعا فؤاد الهيئة المصرية العامة للكتاب بتبني هذه الفكرة لإخراج كتاب يليق بتاريخ مصر الإسلامي يتناول التحول السياسي والتحولات المعمارية، مشيرا إلى أن عمل الفريق قد يستغرق من 5 إلى 10 سنوات خاصة وأن هناك مصادر متوفرة يمكن الاعتماد عليها في العمل الجماعي. تشويه التاريخ من جانبه قال الدكتور محمد حمزة الحداد عالم الآثار وعميد كلية الآثار بجامعة القاهرة، إن المؤلف أحد الرواد المستشرقين واشتهر بالكتالوجات والتصنيف التي وضعها عن الآثار ، مشيرا إلى أن الكتاب يركز على التاريخ السياسي والعسكري في تلك الفترة إلى جانب جزء اجتماعي. وأشار الحداد إلى أن الفتح العربي الإسلامي لم يكن سنة 20 هجريا كما ورد في بعض كتب المستشرقين وإنما تم استكمال الفتح في عام 25 هجريا ولذلك كان لابد على المترجم أن يوضح ذلك. وشدد الحداد على ضرورة وجود لجنة للتحقيق والتدقيق في الكتب قبل طبعها وكتابة الموسوعات على غرار موسوعة كمبريدج خاصة وأن المصادر متاحة الآن. وأكد الحداد على أن مصر تحتاج لكتب عن تاريخها وخاصة الإسلامي، منتقدا عدم وجود مؤتمرات دولية عن تاريخ مصر بعكس إيران وتركيا. فيما انتقد الحداد كتب التاريخ المنتشرة في سوق الكتب، مشيرا إلى أنها عبارة كتب محاضرات ولذلك فتحتوي كلها على أخطاء وللأسف ستصبح هذه الكتب مراجع لعدم وجود غيرها. ولفت الحداد إلى وجود وثائق مهمة يمكن الاستعانة بها عند إعداد كتاب عن التاريخ المصري كوثائق الوقف والبيع والاستبدال والمحاكم الشرعية والدفاتر الخاصة بتطور النظام الإداري أيام الدولة العثمانية والحملة الفرنسية، داعيا إلى تشكيل لجان متخصصة لا تعتمد على المجاملات والمكافآت وتعمل على كتابة تاريخ مصر بغض النظر عن أي تحزب لأي جهة كانت. وأشار الحداد إلى ان هناك لجنة شكلت في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر و"شلفطت" التاريخ حسب وصفه وخاصة عهد محمد علي ، وكذلك في عهد "السادات" وذلك بسبب السياسة ، ولذلك لابد إن تكون هذه اللجان بمنأى عن السياسة والأحزاب. وأكد الحداد أن الدراسات الاستشراقية مهمة جدا ولكنهم أشبه بمن " دس السم في العسل " ولذلك لابد من تنقية أصول التاريخ الإسلامي، موضحا أن هذه الدراسات جاءت لمعرفة سر تفوق المسلمين على الغرب، و أن هذا لا يقلل من مجهوداتهم.