أي ما كانت البواعث الحقيقية للقرارات المفاجئة والمتتالية التى اتخذتها عدد من السفارات الغربية بالقاهرة بإغلاق مقارها وتعليق خدماتها كلياً أو جزئياً، فإن الدبلوماسية المصرية فشلت في فتح حوار عاجل وشفاف بصلاحيات واسعة للحد من تفاقم الخوف لدي تلك البعثات، ولعل أهم مدلولات ذلك الفشل يتمثل في انقضاء ما يزيد عن 72 ساعة حتى الأن منذ القرار المفاجئ للسفارة البريطانية بالقاهرة واعلانها اغلاق مقرها وتعليق خدماتها حتى اشعار آخر دونما توضيح حقيقي للوزارة. فبعد نحو ثلاثة أيام من قرار السفارة البريطانية وما تبعه من قرارات مماثلة لعدد من السفارات، يبدو أن موقف الخارجية المصرية غامض ومبهم بقدر موقف السفارات، فلا تعليق علي الأمر أكثر من كونه "اجراء احترازي أمني"، الأمر الذي أسهم ولا يزال في خفض توقعات المراقبين للاستثمارات المرتقبة والتي تأملها الدولة وتعول عليها في مؤتمر مصر الاقتصادي في مارس المقبل، لدفع النمو وخلق فرص عمل للشباب وتعزيز اقتصادها الكلي. وان كان البعض من الناس باتوا يتناقلون حديثاً بينهم بأن الأمر ذا علاقة بحدث كارثي مرتقب، كتفجيرات ارهابية أو اغتيالات أو ما شابه في ضوء توافر معلومات خطيرة لدي تلك البعثات الدبلوماسية، فإن المستثمر الأجنبي هو الأخر يري بعين الريب أن الأجواء غير مشجعة له أو مطمئنة لاستثماراته، وكان أولي بوزارة الخارجية التعجل بإصدار بيان واضح ومطمئن لإيضاح حقيقة ما يحدث في ظل النقص في المعلومات حول مناخ تلك القرارات المفاجئة، تفادياً لانعكاسات سلبية لا تزال تتراكم في الأفق. وأعتقد أن الحكومة مطالبة حالياً بسرعة توضيح طبيعة تلك القرارات التي اتخذتها بعض السفارات، اضافة إلي العمل إلي تأمينها وتبادل المعلومات معها حول طبيعة الأخطار التي تخشاها وتناولها بالفحص والتحليل والتدقيق الجيد، اضافة إلي السعي لإصدار بيان مشترك مع تلك السفارات لطمأنه المستثمرين الأجانب، واغلاق الباب بوجه الشائعات التي قد تجد البيئة الحاضنة لها في ظل نقص المعلومات وعدم وضوح الرؤية ما يفتح الباب لا للتكهنات الاجتهادية فحسب وانما الدفع بالافتراءات المغرضة.