دور ثان بين قايد السبسي والمرزوقي لرئاسة تونس..والسؤال لمن ستصوت النهضة؟ تتجه الانتخابات الرئاسية التونسية إلى جولة إعادة تجمع بين المترشحين الباجي قايد السبسيوالمنصف المرزوقي وفقا لما أعلنته حملتا المترشحين ومصادر سياسية ونتائج استطلاعات أولية، وذلك بعد جولة أولى شارك فيها أكثر من 64% من الناخبين. وأعلنت حملتا الباجي قايد السبسي والمنصف المرزوقي أنهما حصلا على أكبر نسبة من الأصوات ومرا إلى جولة الإعادة التي تجرى نهاية الشهر القادم. كما أشارت نتائج أولية غير رسمية للفرز واستطلاعات إلى حصول السبسي على نسبة 47.6% من الأصوات، وحل المرزوقي ثانيا بنسبة 32.6%. كما أفادت استطلاعات الرأي بأن مرشح الجبهة الشعبية حمة الهمامي حل ثالثا بنسبة 9% تقريبا, ومرشح الاتحاد الوطني الحر سليم الرياحي رابعا بنسبة 8%. وكان محسن مرزوق المتحدث باسم حملة السبسي -زعيم حزب نداء تونس الفائز في الانتخابات التشريعية التي نظمت في الشهر الماضي- قال في ندوة صحفية بُعيد غلق مكاتب الاقتراع، إن الأخير متقدم بفارق كبير على المرزوقي دون أن يحصل على الأغلبية التي تؤهله للفوز من الجولة الأولى. من جهته قال عدنان منصر المتحدث باسم حملة المرزوقي في مؤتمر صحفي، إن السبسي والمرزوقي حصلا على نسبة متقاربة من الأصوات, بل إنه أشار إلى احتمال تقدم المرزوقي على منافسه بفارق نقطتين إلى أربع نقاط مئوية. ودعا المرزوقي -في مؤتمر صحفي بالعاصمة التونسية- ما سماها القوى الديمقراطية إلى التوحد حوله في الدورة الثانية، مؤكدا أنه مرشح "القطب الديمقراطي". كما دعا منافسه قايد السبسي إلى مناظرة تلفزية و"مواجهة مباشرة أمام الشعب التونسي"، وفقا لما أوردته وكالة تونس أفريقيا للأنباء. من جهته أعلن المرشح اليساري حمة همامي أن حزبه "الجبهة الشعبية" سيجتمع "في أسرع وقت" لبحث تحديد تعليمات انتخابية جديدة للدورة الثانية، معتبرا أن الانتخابات الحرة والشفافة "حلم تونسي تحقق". كما أكد منسق حملة المرشح سليم الرياحي أن النتائج الأولية للرئاسية " تلبي طموحات الشعب التونسي" وأن صعود مرشح حزب نداء تونس كان متوقعا. مشاركة معقولة ومن المقرر أن تنشر الهيئة العليا للانتخابات النتائج الأولية خلال 48 ساعة من انتهاء التصويت. وكانت عمليات فرز الأصوات قد بدأت بعيد إغلاق مكاتب الاقتراع, ويتم تجميع النتائج بصورة تدريجية. وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قد أعلن في مؤتمر صحفي بعد انتهاء عمليات الاقتراع وبدء الفرز أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية بالداخل بلغت 64.6% وفي الخارج 29.8%. ودعي إلى الانتخابات الرئاسية نحو 5.3 ملايين ناخب بينهم 389 ألفا يقيمون بالخارج ويتوزعون على 43 دولة. وأشار صرصار إلى أن الهيئة لم تلاحظ تجاوزات خطيرة تخل بسير العملية الانتخابية، وأنه سيتم التحقيق في ما يصل إليها من ملاحظات. وتحدث عدنان منصر أنه تم رصد مئات التجاوزات صباح الأحد، ووصفها بالفجة للتأثير على الناخبين. وسيحكم الرئيس الجديد تونس لولاية من خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، وفق الدستور التونسي الجديد الذي صادق عليه المجلس التأسيسي مطلع العام 2014. ولا يمنح الدستور سوى صلاحيات محدودة لرئيس الدولة، لكن الاقتراع العام يمنحه وزنا سياسيا كبيرا. كما يتمتع الرئيس بحق حل البرلمان إذا لم تحصل الحكومة التي تعرض عليه لمرتين متتاليتين على الثقة. مازال اعلان حركة النهضة ترك الحرية لناخبيها ل «اختيار الشخصية الأنسب لقيادة المسار الديمقراطي »يثير الكثير من الجدل على الساحة السياسية. فقواعد النهضة يمثلون ثقلا انتخابيا هاما سيكون لهم دور محوري في تحديد الفائز. أكثر من موقف على الصعيد الرسمي هناك اعلان عن ترك حرية الاختيار للقواعد وهو ما تاكد بالخصوص من كلام زعيمها راشد الغنوشي لقناة الجزيرة القطرية عندما قال حول المترشحين ان «معظمهم أصدقاء أو حلفاء للنهضة ولا نريد ان ننحاز لأحد منهم ونعادي البقية ».. أما قياديو الحركة فقد أبدوا كثيرا من الغموض حول «ميولاتهم »الحقيقية. وفي المقابل برزت مواقف قيل انها تمثل اغلبية القاعدة الحزبية للنهضة، ودعت منذ مدة – عبر صفحات الموقع الاجتماعي فايسبوك – إلى التصويت للمترشح منصف المرزوقي رئيس الجمهورية الحالي الذي تولى هذا المنصب قبل 3 سنوات في اطار تحالف مع النهضة. وعلى مستوى مجلس الشورى تبين ان اجتماعاته الاخيرة شهدت انقساما بين من يريد دعم مرشح بعينه ومن لا يريد الدعم اصلا وهو ما عبر عنه راشد الغنوشي في تصريحه لقناة الجزيرة عندما قال « لا نريد أن نفرض على قواعدنا أحد المرشحين ولم نوصِبانتخاب واحد منهم بسبب وجود الكثير من الآراء في مجلس الشورى .» ثم نجد توجها آخر كان قد برز على مستوى كتلة الحركة داخل المجلس التاسيسي من خلال تقديم تزكيات الترشح ل 8 مترشحين، وهو ما زاد في اضفاء الغموض على الموضوع باعتبار ان أيا من هؤلاء المترشحين قد يحظى بدعم القواعد او شق منهم يوم التصويت. كل الفرضيات واردة تبعا لكل ذلك فان الحديث عن الخيار الاخير الذي ستتوجه إليه قواعد النهضة يوم الاقتراع داخل الخلوات الانتخابية لا يخلو الى حد اليوم من غموض يصعب معه التكهن بالطرف الذي سيحظى بآلاف الاصوات. وفي كل الاحوال فان المحللين لا يخفون ان موقف النهضة سيجعل كل الفرضيات واردة يوم الاعلان عن النتائج، بحكم ما تمثله قواعدها من ثقل انتخابي قادر على قلب الموازين يوم التصويت. بين النظري والواقع يذهب شق بارز من المحللين والمتابعين الى القول ان كل المواقف التي ظهرت مؤخرا داخل الحركة سواء تعلق الامر بالموقف الرسمي او بميولات كبار القادة، بمن فيهم راشد الغنوشي، او برغبات القواعد ليس الا مجرد مواقف «نظرية » لانه على ارض الواقع قد تتوحد المواقف ليقع الاختيار بقرار رسمي ) لكن في الكواليس وبصفة غير معلنة للراي العام( على دعم مرشح والدعوة إلى التصويت له عبر توجيه أمر mot d'ordre ( ( يوم التصويت او قبله ببضع ساعات للقواعد بالتصويت لمرشح وحيد ولا يكون امام القواعد غير الانصياع لذلك في اطار الانضباط الحزبي الذي دأبت عليه. هناك من يرى ان النهضة لاتزال تدرس عديد الخيارات امامها لدعم احد المترشحين، وقد يكون قرارها وليد ما ستبلغه من مفاوضات مع بقية الفاعلين السياسيين لا سيما شركاءها الجدد في البرلمان على راسهم نداء تونس المتقدم عليها في الانتخابات التشريعية الاخيرة. قائد السبسي؟ لا ينفي اصحاب هذا الراي امكانية وقوع النهضة على خيار دعم المترشح الباجي قائد السبسي إذا ما حصل بينها وبينه توافق مسبق او وعود جادة بتقاسم السلطة في الفترة القادمة او على الاقل تقاسم الحكومة عبر منح نداء تونس للنهضة حقائب وزارية وربما مسؤوليات صلب البرلمان الجديد مقابل دعم قائد السبسي انتخابيا، لكن هذا الخيار سيبقى رهين مدى قدرة القواعد )على الاقل القواعد الفايسبوكية( على التمسك بخيارها الذي اعلنته منذ مدة وهو دعم المرزوقي وايضا رهين ان كان هذا الاعلان من القواعد نابعا عنهم فعلا ومعبرا عن مواقفهم ام هو مجرد مناورة بقرار قيادي داخل الحركة.