تشهد الساحة السياسية الأردنية تحركات واسعة لاتخاذ مواقف قوية إزاء قرار الحكومة الإسرائيلية إصدار قانون يهودية الدولة.وقال هايل داوود وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الأردني لوكالة "الأناضول" الإخبارية: "إن هذا القانون الذي تحاول السلطات الصهيونية تمريره قانون عنصري تميزي يدل على تخلف الدولة وعنصريتها وأنها لا زالت تنظر بأفق ضيق لمثل هذا المسائل، وعلى المجتمع الدولي اتخاذ موقف قوي تجاهها وهي ما تزال تقوم على أسس عنصرية تجاوزها الزمن، وتدلل على نواياها العدوانية وأنها لا يمكن أن تفكر بالسلام". وحول أثر القرار في حال تم تمريره من البرلمان الإسرائيلي "الكنيست" على الأردن وإضفاءه مزيداً من حملات التهجير إلى شرق النهر، أكد الوزير داوود أن أبواب الأردن ليست منخفضة لأية قرارات تريد إسرائيل أن تمررها على حسابنا. وقال النائب مصطفى الرواشدة وهو النقيب السابق للمعلمين في الأردن ل "الأناضول": "إن القرار الصهيوني يشكل خطرا على الأردن". وأضاف الرواشدة أن الخطر على بلاده يتمثل بمزيد من حملات اللجوء إذ أن قيام دولة إسرائيل المصطنعة على أساس ديني يعني رفض أي جنس ودين أخر، وهذا يمكن أن يؤدي ربما إلى حملات تهجير للدول العربية المختلفة. وتابع: "نحن سنقف بحزم ضد أي قرار يمكن أن يهدد بلدنا ودولتنا وسنرفضه، معتبراً أنه يمكن التصدي لهكذا قرار بموقف عربي موحد وحازم". وقام، يوم الاثنين، أربعة أعضاء في مجلس النواب "إحدى غرفتي البرلمان" بزيارة إلى سفارتي السويد واسبانيا في عمان، لتقديم الشكر لموقف بلادهما بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهم النواب خليل عطية وسمير عويس وعلي السنيد وعساف الشوبكي. وقال النواب، في بيان، يوم الاثنين، تلقت "الأناضول" نسخة منه: "نرفض مخططات الصهاينة الهادفة إلى تهويد الدولة باعتبار ذلك يمس حقوق العرب الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين في فلسطين التاريخية أصحاب الارض الاصليين منذ الأزل مثلما يقوض ذلك الأمن والاستقرار والسلم وينمي بؤر الإرهاب والتطرف في المنطقة والعالم". كذلك اعتبر رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة خلال لقائه بوفد من مجلس العموم البريطاني، يوم الاثنين، أن "عدم استقرار الأمن وتنامي العنف والارهاب وكل المشكلات والتحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط سببه عدم ايجاد حل عادل للقضية الفلسطينية وللممارسات والانتهاكات الاسرائيلية بحق فلسطين ارضا وشعبا ومقدسات". وبحسب بيان للمجلس وصل "الأناضول" نسخة منه فقد قال الطراونة للوفد الذي ترأسته النائبة "كريسبين بلنت": "إن بلاده دولة محبة للسلام وتحترم المواثيق وقد وقعت اتفاقية سلام مع دولة الكيان الصهيوني التي لا تحترم المواثيق ولا العهود وتقوم بانتهاكات يوميه ضد الفلسطينيين والمقدسات الاسلامية والمسيحية خاصة في القدس والمسجد الأقصى". ومساء الأحد تقدم 11 عضواً في مجلس النواب الأردني بمشروع قانون جديد لرئاسة البرلمان يقضي بالسير في الإجراءات الدستورية لإلغاء اتفاقية السلام الأردنية-الإسرائيلي والمسماة "وادي عربة" والتي عقدت عام 1994. وبرر النواب مطلبهم بإصدار القانون الذي وصل الأناضول نسخة منه لاعتبارهم أن "مصادقة الحكومة الإسرائيلية على قانون يهودية الدولة يعني تكريس القدس عاصمة أبدية للدولة الإسرائيلية وسيعطي القدرة على خداع العالم في عملية تحويل المسجد الأقصى إلى معبد يهودي ما يسمى هيكل سليمان المزعوم". وقال النواب في مذكرة بعثوا بها لرئيس مجلس النواب وتبناها النائب خليل عطية إن "قانون يهودية الدولة يخالف أحكام ومواد اتفاقية وادي عربة، كما أن القرار يقتضي من النواب على وجه السرعة إلغاء معاهدة السلام ليس فقط من أجل الاختراقات الإسرائيلية، بل لأن المعاهدة أصبحت بلا أطراف، فالطرف الإسرائيلي أصبح غير موجود لا بل بحكم العدم ومع عدم تسليمنا بكافة اتفاقية السلام جملة وتفصيلا". وجاء في مشروع القانون المقترح من النواب، أن "معاهدة السلام فقدت ركنا أساسيا فيها وهو الطرف العاقد "إسرائيل"، وإن مصادقة الحكومة الإسرائيلية على قانون يهودية الدولة يعني تكريس القدس عاصمة أبدية للدولة اليهودية، ونحن أمام تحلل كامل من الاتفاقية ولم يتبق لدينا سوى المصادقة على هذا التحلل بإلغاء المعاهدة وبالسرعة الممكنة". وكانت الحكومة الإسرائيلية صوتت في الثالث والعشرين من نوفمبر/ تشرين ثان الماضي على قانون يعتبر إسرائيل دولة قومية لليهود، بموجبه يتم التعريف عن إسرائيل في القوانين الأساسية التي تحل محل الدستور "كدولة قومية للشعب اليهودي" بدلا من "دولة يهودية وديمقراطية" مما يفتح الباب على إضفاء الطابع المؤسساتي على التمييز ضد العرب. ويمكن وصف شهر نوفمبر/ تشرين ثان الماضي بأنه واحد من أكثر الشهور الذي شهد توتراً في العلاقات الأردنية-الإسرائيلية منذ توقيع البلدين اتفاق السلام بينهما العام 1994، إذ بدأت نواة الجدل والتوتر في العلاقة ما بين عمان وتل أبيب منذ اقتحام عضو الكنيست الإسرائيلي موشيه فيجلن باحات المسجد الأقصى في الثاني من نوفمبر/ تشرين ثان الماضي. وهو ما تسبب في حالة غضب رسمي وشعبي أردني عبرت عنه الحكومة الأردنية في الخامس من نوفمبر/ تشرين ثان الماضي بسحبها لسفيرها في تل أبيب وليد عبيدات احتجاجاً منها على ما اعتبرته خرقاً إسرائيل لمعاهدة السلام الموقعة بين البلدين والتي تعتبر بموجبها المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس تحت الوصاية الهاشمية الأردنية. وفي الرابع عشر من نوفمبر/ تشرين ثان الماضي شهدت عمان لقاءً ثلاثياً جمع العاهل الأردني الملك عبد الله بوزير الخارجية الأمريكي جون كيري ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، شدد خلالها العاهل الأردني على ضرورة التزام الجانب الإسرائيلي باتخاذ الإجراءات العملية اللازمة للحفاظ على الوضع القائم في القدس، خصوصا في المسجد الأقصى ومحيطه. ومساء السبت الماضي ذكرت القناة السابعة الإسرائيلية أن الملك عبد الله الثاني أنذر نتنياهو في عمان بأن العلاقات ستنتهي مع إسرائيل إذا استمرت الانتهاكات في القدس، وأن بلاده ستقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل إذا استمر عمل قواتها الأمنية في القدس في منطقة المسجد الأقصى، وإذا عملت على تغيير الوضع الراهن القائم هناك. وعاودت العلاقات بين البلدين لتشهد مزيداً من التوترات عقب تصريحات للسفير الإسرائيلي في عمان دانييل نيفو وصف فيها نواب البرلمان الأردني بالذين يهتمون بالأمور الهامشية فقط، وأن حديثهم عن القدس ما هو إلا رسائل للديوان الملكي فقط. حديث السفير جاء عقب قيام نواب البرلمان بقراءة الفاتحة على أرواح منفذي عملية القدس التي نفذها شابان فلسطينيان بكنس يهودي أودت بحياة خمسة إسرائيليين في الثامن عشر من نوفمبر/ تشرين ثان الماضي بينهم جندي اسرائيلي وخلفت 13 عشر جريحاً. وبعد حالة من تبادل التصريحات بين أعضاء البرلمان والسفير الإسرائيلي، قامت وزارة الخارجية الأردنية باستدعاء نيفو في الخامس والعشرين من نوفمبر/ تشرين ثان الماضي، وطالبته وفق بيان الوزارة ب"احترام جميع المؤسسات في الدولة والتزام الأعراف الدبلوماسية وعدم تجاوز الحدود".