لاقى تقرير لجنة "تقصي حقائق 30 يونيو"، الصادر أمس "الأربعاء" ترحيبا حقوقيا حكوميًا إلى حد وصفه بأنه "أكثر التقارير دقة"، فيما تعرض لانتقادات حقوقية حادة من جهات غير حكومية ومعارضة. وقال حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن "تقرير لجنة تقصي الحقائق أكثر دقة من كل التقارير التي صدرت". وفي تدوينات علي حسابه الرسمي بموقع التدوينات القصيرة "توتير"، أوضح أبو سعدة أن التقرير "جمع أدلة موثقة تصلح أساس لتحقيق جدي في الوقائع". وأشار أبو سعدة إلي أن "توصيات التقرير موضوعية"، لافتا إلي أن التوصية الأساسية "هي انتداب قاضي للتحقيق فيما جاء بالتقرير وتحديد المسؤولية الجنائية في كل واقعة". وتابع: "التوصية بتدريبات لأفراد الشرطة علي فض التجمعات دون وقوع خسائر في الأرواح، مهمة ويجب أن تنفذ علي الفور". وكانت لجنة تقصى الحقائق بمصر، التي شكلها الرئيس السابق عدلي منصور، حملت، في تقريرها الصادر في وقت سابق اليوم، جماعة الإخوان، المسؤولية عن معظم أعمال العنف التي وقعت عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، في 3 يوليو/ تموز 2013. في المقابل، اعتبر متحدث باسم منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية أن تقرير لجنة "تقصي حقائق 30 يونيو" بمصر، "غير واقعي" في تناوله لأحداث فض اعتصامي "رابعة" و"النهضة"، مشيرة إلى أنه تضمن بعض الحقائق "المتناقضة". وفي تصريحات لوكالة الأناضول، عبر الهاتف اليوم، قال المتحدث باسم المنظمة الدولية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فادي القاضي: "تعليقنا الأولي على تقرير لجنة تقصي الحقائق أنه قدم صورة غير واقعية لطبيعة ما جرى في اعتصامي رابعة والنهضة، لأنه أولاً ركز بشكل مفرط على أفعال المعتصمين، وقدم صورة أقل وضوحاً بشأن مسؤولية قوات الشرطة، والدولة والجهات السيادية التي تصدر أوامرها فيما يتعلق بالتعامل مع الاعتصامات". واعتبر المتحدث باسم المنظمة ومقرها نيويورك أن صدور التقرير بهذه الصورة، "أمر مؤسف بالنسبة لنا؛ كونه من المفترض أن يصدر من جهة تستهدف استخلاص الحقائق، لكنه حمل المسؤولية لطرف واحد، دون الآخر، وتعامل معه دون أن ينظر إليه باعتباره جزءا من الدولة، ومواطنين لهم حقوق في مواجهة جهة سياسية منظمة وهي قوات الشرطة". وقال القاضي إن "تضمن التقرير حقائق تتناقض مع تصريحات سابقة لمسؤولين حكوميين عن طبيعة فض الاعتصامين، ومثال ذلك ما أورده بشأن ضبط 51 بندقية في أيدي المعتصمين في فض اعتصام رابعة، في الوقت الذي قال فيه وزير الداخلية محمد إبراهيم في تصريحات سابقة إنه تم العثور على 15 بندقية، وهو ما يدفعنا للسؤال عن الجهة التي تمتلك المعلومات". وأضاف: "في تقريرنا الماضي، أشرنا إلى وجود بعض الأسلحة النارية القليلة في أيدي المتظاهرين، لكنه لا يبرر سقوط أعداد كبيرة من القتلى خلال الاعتصامين". وكانت "هيومن رايتس ووتش"، نشرت، في 14 أغسطس الماضي، مع الذكرى الأولى لفض اعتصام ميدان رابعة العدوية، تقريرا عما وصفته ب"القتل الجماعي في مصر خلال شهري يوليو، وأغسطس عام 2013"، قالت فيه إن "قوات الأمن المصرية نفذت واحدة من أكبر عمليات قتل المتظاهرين في العالم خلال يوم واحد في التاريخ الحديث"، وذلك خلال فضها اعتصام رابعة العدوية، وهو التقرير الذي لاقي اعتراضا واسعا في الوسط المصري الرسمي. أما النقطة الثالثة، والأخيرة، بحسب القاضي، فهي أن "تقرير لجنة تقصي الحقائق خلا تماماً من التوصيات بالمساءلة والمحاسبة للمسئولين عن أعمال العنف". وبشأن ما إذا كانت "هيومن رايتس" قدمت للجنة، الشهادات والوثائق التي تضمنتها في تقريرها السابق حول فض اعتصامي رابعة والنهضة، قال القاضي: "لم تخاطبنا لجنة تقصي الحقائق بشكل رسمي، ونرى أن التعاون المثالي يتلخص في النظر بتفاصيل التقرير الذي أصدرناه". فيما قال مصطفي عزب، وهو شاهد عيان علي اعتصام رابعة العدوية وباحث قانوني بالمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا: "التقرير لا يمت إلى المهنية والموضوعية بصلة وقد جاء منافيا للواقع". وفي تصريحات للأناضول، أضاف عزب: "التقرير يعبر عن مصلحة السلطات الحالية وبرءها من جريمة خطيرة، ويُرجع مقتل مئات الضحايا إلى أخطاء إجرائية وسوء تخطيط من قبل الشرطة ويلغى المسؤلية الجنائية للقائمين على السلطة". في السياق ذاته، قالت هدى عبد المنعم عضو "اللجنة الحقوقية بالتحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" المؤيد لمرسي، إن التقرير "معيب". وفي بيان حصلت "الأناضول" على نسخة منه، قالت عبد المنعم: "التقرير يؤكد صحة كل ما سبق وصدر عنا ومن كل الحقوقيين المستقلين وذوي القضايا بشأن عدم استقلال اللجنة وعدم حياديتها وانحيازها المسبق". فيما قالت جبهة استقلال القضاء التابعة للتحالف الداعم لمرسي: "نعتبرالتقرير الصادر اليوم عن لجنة تقصي الحقائق هو أحد الأدلة الدامغة علي محاولات إخفاء الحقيقة وافلات الجناة من العقاب". وفي بيان لها حصلت الأناضول علي نسخة منه، أشارت الجبهة إلي "عدم اعترافها جملة وتفصيلا بما جاء في التقرير"، لافتة إلي أن "مصر تخطو بهذا التزييف الذي أعلنه التقرير مسارا خاطئا مناهضا لأي عدالة". وشهدت الأشهر الماضية شدًا وجذبًا بين قيادات بجماعة الإخوان المسلمين واللجنة عقب مطالبات بالحضور للإدلاء بالشهادة، ومقاطعة الجماعة للجنة، باعتبارها "غير مستقلة"، وهو توصيف رفضته لجنة تقصي الحقائق.