وينفلت من بين إيدينا الزمان .. كأنه سَحبة قوس فى أوتار كمان .. وتنفطر ليّام عقود كهرمان .. الشر شرَّق وغرَّب داخل لحوشنا ..حوشوا لا ريح شاردة تقشقش عشوشنا ..حوشوا شرارة طيش تشقق عروشنا .. وتهيل تراب ع الهالة والهيلمان .. وينفلت من بين إيدينا الزمان هكذا كانت كلمات الشاعر سيد حجاب بمسلسل ارابيسك في حقبة التسعينات من القرن الماضي والذى كان يذاع على التليفزيون المصرى ، وكان بطله يعمل فى تلك المهنة العريقة ، المسلسل الذي لفت انظار الكثيرين الى فن الارابيسك وقيمته في مصر . فالارابيسك يتغلل في وجدان وفكر الشخصية المصرية فهو شاهد على اهم احداث التاريخ المصري وجزء اصيل لايتجزء من الحضارة المصرية فمن منا لايتذكر المشربية والبرفان الارابيسكي في افلام وروايات الاديب نجيب محفوظ بفترة الاحتلال الانجيلزي لمصر من منا يتجول بأحياء مصر العتيقة دون ان تبحث عيناه على اعمال فن الارابيسك بين ارجائه فنفحات الارابيسك تتجلى بين جدران الحضارة المصرية . الأرابيسك أحد الفنون الزخرفية ومن اهم الصناعات الموجودة بالاسواق السياحية وتجذب عددأ كبيراً من السائحين من مختلف الجنسيات ، وفن الاربيسك تميزت بها الحضارة الإسلامية ويعود تاريخه إلى أكثر من ألف عام وازداد الأرابيسك تألقاً فى القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين وهذا ما جعل العثمانيين يأخذون الفنانين المصريين المبدعين فى هذا الفن إلى بلادهم ليزينوا لهم القصور ويظهر فى فن الأرابيسك التوافق والانسجام مع البيئة الحضارية العربية والاسلامية ، وقطع الأرابيسك هي التي تسمح برؤية ما بخارجه ولكنه لا يسمح برؤية ما بداخله ليحافظ على خصوصية المكان ، كذلك يعطى إضاءة خافتة غاية في الجمال عندما يتخلله ضوء الشمس . خان الخليلي اشهر المناطق وقد تخصصت مدن وأحياء بأكملها فى انجاز أعمال الأرابيسك وشكلت ما يشبه العمل الفنى أو المدارس التعليمية له. ومن أشهر هذه الأماكن منطقة خان الخليلي . ولكن فى نهاية السبعينيات من القرن العشرين بدأت تظهر هذه الورش فى بعض المناطق الأخرى من محافظات الجمهورية ومنها قرية كفر المنشى بمحافظة المنوفية والتى حققت شهرة واسعة على مستوى الدولة وتعدت شهرتها إلى بعض الدول العربية ولكنها منذ عام 2000 بدأت تعانى من بعض حالات تدهور هذه الصناعة. صناعة الارابيسك مهددة بالاندثار في البداية تحدث عم امين صاحب احدى محلات مشغولات الارابيسك بخان الخليلي ويقول ان صناعة الارابيسك مهددة بالاندثار وحركة البيع والشراء "صفر" من بعد ثورة 25 يناير فكانت في البداية هناك 80 ورشة لصناعة الارابيسك في مصر والان اصبح هناك 15 ورشة فقط على مستوى الجمهورية بالاضافة لاتجاه "الصنايعية" الى مهن اخرى لتوفير حياة كريمة لهم فمن اين يأتي صاحب الورشة بدفع اجر يومي "للصنيعي" يقدر ب 80 جنيه مصري وحركة البيع متوقفة . واضاف ان صناعة الارابيسك فى مصر فى الاغلب تكون صناعة متورثة اباً عن جد فالاجيال الجديدة لاتعجبها تلك المهنة وتفضل العمل فى مجال اخر مما يساعد ذلك على اندثار المهنة . واجاب عن سؤال من اكثر الزبائن حرصاً على اقتناء اعمال فن الاربيسك اجاب الخلجيون الاكثر شراء لمنتجات الارابيسك وخاصة القطع الكبيرة وذلك لوجود مساحات كبيرة في منازلهم والاجانب يفضلون شراء القطع الصغيرة التذكارية وليست القطع الكبيرة كالاثاث الارابيسكي او غيره . اما عن اقبال المصريين فليس كبير ولايقارن بأقبال الخليجة او الاجانب . وعن سؤاله عن اكثر الدول المنافسة لمصر في فن الاربيسك قال تركيا وسوريا واضاف ان مصر وسوريا تأثرت بشكل سلبي بعد ثورات الربيع العربي بها ، وتركيا هي الان المنافس الوحيد بلا منازع وتحاول ان تستقطب الصنيعي المصري والاستفادة منه في الصناعة التركية ، وهذا مايهدد بشكل مباشر فن الارابيسك في مصر فهو يعتمد اثناء صناعته على الايدي وان تدخل به الماكينات فقد رونقه وهذا ماسيلجأ اليه اصحاب الورش بالفترة المقبلة لقلة الايدي العاملة فمن اين يأتي بأجور وحركة البيع متوقفة تماماً وتسأل لماذا يأتي السائح الى بلد تشهد اعمال ارهابية وانفجارات طوال الوقت فمن حقه ان يستمتع بأجازته بشكل كامل يحقق له السعادة دون توتر . غلاء اسعار الخامات يوضح عم جمال "عامل أرابيسك" أن فن الأرابيسك يتشكل من فنون الحفر والزخرفة والخط والرسم والتعشيق والنقش والتطعيم ولذلك تمر عملية تصنيع الأرابيسك بالعديد من المراحل وأضاف أن مهنة الأرابيسك لم تعد مثلما كانت سابقا وغير مجزية لهم فى ظل غلاء الأسعار وأن معظم عمال الأرابيسك تركوا هذه المهنة للعمل فى مهن أخرى. وأضاف أن عامل الأرابيسك يعمل بالإنتاج وفى حالة وجود طلبيات فإن العامل يحصل يوميا ما بين 50 جنيه الى 80 جنيها. واقترح جمال أن تقوم الدولة بعمل مراكز للتدريب على هذه الصناعة للحفاظ عليها وذلك بالتدريب الكافى حتى يحصل العامل على خبرة كافية للعمل فى هذه المهنة ثم بعد ذلك تتولى الدولة توفير الخامات للعمل ثم نأخذ الأرابيسك وتتولى تسويقه دوليا وتكون الدولة هى المسئولة عن مرتبات العمال. وكذلك عمل معارض للنجارة المستخدمة فيها الأرابيسك حيث أن الأرابيسك صناعة مكملة للنجارة ولكى يتم عرضها لابد من عرض النجارة المستخدم فيها الأرابيسك وكذلك التعريف للعالم بها من خلال الصحافة والقنوات الفضائية.. ويضيف عامل رزق صاحب ورشة أن الأرابيسك أو صناعة الأثاث على الطراز الإسلامي هي مهنة قديمة توجد منذ زمن طويل، إلا أنها أصبحت نادرة في الأيام الحالية بعد ظهور الأشكال الأخرى الأكثر حداثة، موضحًا أن ورش تلك الصناعات توجد أغلبها في المناطق الأثرية لارتباطها بالتاريخ . وعن أسعار الأرابيسك، يقول رزق ، إنها تختلف من قطعة إلى أخرى، وحسب نوع المادة المصنع منها الأثاث، فمثلاً طقم الأنتريه، قد يبلغ 12 آلاف إلى 30 ألف جنيه، موضحًا أن زبون تلك المنتجات معروف وغالبًا يكون هاويًا، إضافة إلى رغبة بعض العرب بدول مثل الأردن والعراق وإيران وتركيا، في شراء تلك المنتجات والذين قل ترددهم على البلاد عقب الثورة واضطراب الأوضاع الأمنية.