نفى عمر الحاسي رئيس ما يعرف بحكومة الإنقاذ الليبية ، المدعومة من المؤتمر الوطني المنتهية ولايته ، وجود أي دعم أو تدخل قطري في الشأن الليبي ، ودلل على ذلك بأن ليبيا لا ينقصها سلاح ولا مال. وأكد الحاسي في اتصال هاتفي أجرته معه وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) من القاهرة أنه "لا وجود لأي تدخل أو دعم قطري أو ممارسة قطر لحرب بالوكالة فوق الأراضي الليبية كما يدعي البعض .. ولم يحدث أن هبطت طائرة قطرية داخل ليبيا لتزويد عناصر فجر ليبيا أو غيرهم بالسلاح". وتابع :"أرفض بوصفي رئيس الحكومة هذا الحديث بشدة ، فأنا أنادي بإيقاف الصراع والحرب ، فكيف أسعى لإيقاد النار؟ .. ثم إن السلاح سواء كان متوسطا أو خفيفا متوافر مع الثوار .. كما أننا لا نحتاج إلى مال : الأموال كثيرة جدا لدينا ونستطيع بها أن ننمي الجيران .. نحن لا نحتاج إلى مال بل إلى عقل سياسي مسالم وحريص على استقرار الوطن ومنطقة الشمال الأفريقي بأكملها". وحول اعتبار البعض دعوته لإجراء انتخابات مبكرة أمرا غير قابل للتنفيذ في ظل ما تشهده مناطق عدة بليبيا من صراعات مسلحة ، قال الحاسي :"جميعنا لا يوافق على استمرار المؤتمر الوطني .. وأقول إنه حتى لو لم نتمكن من إيصال صناديق الاقتراع للأماكن التي تشهد صراعات ومعارك ، فلابد أن تجرى الانتخابات .. وقد أجري بالفعل أكثر من اقتراع في البلاد لم تتمكن فيه سلطة الدولة من إجرائه في كامل القطر الليبي". ولفت إلى أن "الأممالمتحدة والمجتمع الدولي بإمكانهما الضغط لإيقاف الصراع خاصة وأن ما يدور هو حرب بين مجموعات وليس جيوشا .. بإمكانهما اعتبار مناطق الاشتباكات مناطق منكوبة وفتح ممرات آمنة بها خاصة وأن ليبيا لا تزال تحت البند السابع .. ومتى توقفت الحرب سيخرج الناس ويمارسون حياتهم". وقال الحاسي إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كان أول من تحدث عن وجود تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في مدينة درنة شرق ليبيا ، وادعى بأن السيسي أشاع ذلك "لكي يبرر الحرب بالوكالة التي يقوم بها على ليبيا الآن". وكان ما يسمى ب"مجلس شورى شباب الإسلام" الذي يسيطر على درنة أعلن في تشرين أول/أكتوبر الماضي مبايعة تنظيم داعش وإعلان المدينة إمارة للتنظيم. وكشف الحاسي عن أن زيارة رئيس وزراء الحكومة المدعومة من مجلس النواب عبد الله الثني لمصر مؤخرا شهدت تفعيلا لاتفاقية حماية أمنية بين البلدين كانت قد وقعت في عهدي حسني مبارك ومعمر القذافي ، وقال :"لقد تم إحياء وتفعيل تلك المعاهدة الخاصة بالحماية الأمنية خلال زيارة الثني الأخيرة للقاهرة ، وهذا الأمر بالطبع لم ينشر ، ولكننا واثقون من حدوثه". وتابع :"الحقيقة الآن هي أن مصر يتم توريطها .. وكنت أتمنى أن يتم الالتفات للمصالح الحقيقة التي تجمع بين الشعبين ، لا أن يستخدم جنود مصر أو سماؤها أو بحرها أو أرضها لإيذاء الجيران الليبيين". وردا على سؤال حول أدلة إثبات التدخل المصري في الشأن الليبي خاصة مع النفي المصري المتكرر ومن أعلى المستويات ، قال الحاسي :"إنني متأكد من حدوث تسهيل ، لأن الحرب الآن قائمة بالوكالة .. حفتر يحارب الآن بالوكالة ، وهم يمنحونه كل الصلاحيات والتسهيلات بموجب تلك الاتفاقية التي أشرت لها". واعتبر الحاسي أن الحوار هو أفضل وسيلة للتعامل مع الجماعات الموجودة خارج كيان الدولة مثل جماعة أنصار الشريعة ، مستبعدا اللجوء للخيار العسكري لإعادتهم لسلطة الدولة ، وقال :"التكوينات الموجودة خارج الدولة هي تكوينات دينية لا سياسية .. يأخذون مقارا لهم ويجتمعون فيها لنشر دعوتهم وفكرهم .. وقتالهم قد يشعل المنطقة خاصة في ظل انتشار السلاح .. ومن يشعل حربا الآن عليه أن يدرك أنها حرب طويلة الأمد وقد تمتد لتؤثر على استقرار دول الجوار الليبي ". وتابع :"كنا نتحاور مع هذه الجماعات ببنغازي ، ومنها جماعة محمد الزهاوي (زعيم أنصار الشريعة) ونحاول إقناعه بفكرة الدولة ومؤسساتها وأهمية دور وجود جيش وشرطة ، وكنت أجد منهم قبولا في المحاورة .. كما أنهم زاهدون في الحكم ويركزون على الجانب الدعوي والإصلاحي ولذا أشكك كثيرا في أنه توجد إمارة لهم كما يردد البعض .. ومن هذا المنطلق أستبعد محاربتهم". وفي رده على تساؤل لماذا يصف الثني ورفقاءه بالانقلابيين وسواهم كمليشيات فجر ليبيا وغيرها من التنظيمات ثوار ، خاصة وأن كتائب الزنتان المتحالفة مع الثني واللواء المتقاعد خليفة حفتر كانت في مقدمة كتائب ثورة 17 شباط/فبراير ودورها في الثورة معروف ، قال الثني :"كما هو معروف عن كل الثورات ، أحيانا يخرج منها من يكون أسوأ من الديكتاتوريين عندما لا يملك برنامجا حقيقيا لإصلاح البلاد". وأشار إلى أنه من الوارد أن يخرج من بين الثوار من يرى مصلحته فوق مصلحة الثورة ويتنكر لها "ومن ثم يتحالف عليه باقي الثوار لإرجاعه للحق". وقلل الحاسي من شأن إغلاق العديد من الصحف والقنوات الفضائية بالعاصمة طرابلس ، معتبرا إياه خطوة ضرورية لعودة الهدوء للعاصمة ، وقال :"تلك القنوات لم تكن تبث إعلاما محايدا ، بل كانت أشبه بغرف عمليات تحرض المواطنين وتستفزهم بمهاجمتها للطرف الآخر ، والآن بعد إغلاقها صار لدينا هدوء إعلامي". ونفى الحاسي إصداره قرارا بإغلاق تلك القنوات ، وأكد :"نحن لم نغلقها .. عندما هرب المسوؤلون عن تلك الفضائيات بعد هروب الجماعات التي كانوا يناصرونها أغلقت .. وكثير من الإعلاميين بتلك القنوات موجودون الآن بقنوات أخرى". وطالب الحاسي بالتريث والمعقولية عند الحكم على الأشياء ، وقال :"لا تتوقعوا أن تكون الأمور جنة في أي دولة .. نحن ما زلنا نصلح الأمور في بلد لم تكن فيه حكومة حتى وقت قريب".