قال "يوكسل سيزجين" الخبير التركي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة سيراكوز بالولايات المتحدةالأمريكية، إنه لو وُجد نموذج للديمقراطية بين الدول الإسلامية في فترة ما بعد ثورات الربيع العربي سيكون تونس وليس تركيا، بل إنه على تركيا أن تتعلم الديمقراطية من التجربة التونسية القائمة على التفاهم والتسامح بين الاتجاهات السياسية المختلفة. وتابع "سيزجين" في سياق مقال له نشر بصحيفة "واشنطن بوست" أمس السبت، يكمن الاختلاف الجوهري بين كلًا من تونس وتركيا في الرؤية التي كُتب بها دستور كلا البلدين، حيث أن المشرعين في تونس قدّموا دستورًا عادلًا ديمقراطيًا حاز تأييد 94% من أعضاء المجلس الوطني، بعكس تركيا التي فشل فيها البرلمان للتوصل لاتفاق لإنتاج أول دستور مدني للبلاد. وأضاف الخبير التركي أن تونس وتركيا شهدا استقطابًا كبيرا بين الاتجاهين الديني والعلماني، حيث أسهم هذا الاستقطاب في خلق مناخ من عدم الثقة أعاق تقدم التعاون بين الأحزاب السياسية المختلفة، إلا أن هذا المناخ سيطر على الحياة السياسية في تركيا ما أدى إلى فشل جميع القوى في التوافق على الدستور، أما في تونس أدركت جميع الأحزاب أن تجاوزها لهذه الأزمة هو سبيلها نحو الديمقراطية. وتعتبر السياسة التي اتبعتها القيادة في كلًا من البلدين السبب الرئيسي في نجاح التجربة الديمقراطية في تونس وفشلها في تركيا، كما أن كثرة أعداد الوسطيين في تونس وقلة أعداد من يتبون أيدلوجيات جامدة عزز بشكل كبير فرص نجاح التفاهم بين الأحزاب الدينية والأخرى المدنية والذي كلله الدور الإيجابي الذي لعبه الغنوشي في إنجاح العملية الدستورية، من ناحية أخرى أدّى سياسات أردوغان المتسلطة والمتحيزة إلى تدمير المحاولات الدستورية في تركيا. واختتم الكاتب بقوله "إن الغنوشي أثبت بالفعل أنه مثقف يتمتع بوعي عميق لكل من فلسفة الشرق والغرب، كما أنه ظهر كصوت معتدل في المجتمع التونسي منذ الإطاحة بزين العابدين بن على، أما أردوغان فلا يمكن القول بأنه مثقفًا ولا حتى متدينًا، صحيح أنه أسهم في تحرير السياسة التركية بين عامي 2002 و2011 إلا أنه سرعان ما تحول إلى الدكتاتورية والفساد".