شيع مصريون اليوم، شرطيين قتلا في تفجير بمدينة منوف، أحدهما اعتاد حضور جنازات ضحايا الشرطة في الآونة الأخيرة، وترك ورائه زوجة مكلومة لم يكن الشرطي، محمد عبد المقصود الخولي، يعلم أن مصيره لن يختلف كثيرا عن ضحايا هجوم في سيناء، شمال شرقي مصر، قبل نحو أسبوعين، عندما قال لزوجته قبل أيام "أنا مش أغلى من شهداء سيناء". كلمات الخولي، أمين الشرطة بمحطة قطار منوف، شمالي مصر، كانت ترمي لاقناع زوجته بالانتقال للعمل في سيناء، للمشاركة في عمليات يشنها الجيش ضد عناصر يصفها ب"الإرهابية" و"التكفيرية"، إلا أن ما أراد المساهمة في مواجهته، عاجلة في محل عمله، وأوداه قتيلا، بعد أن، تم تفجير قنبلة، أمس، في أحد عربات قطار متوقف بالمحطة، وكان أحد ضحاياها. زوجة الخولي، وفاء فرحات دياب، وهي أم لطفلين، قالت في تصريحات للصحفيين قبيل تشييع جثمان زوجها، إنه "كان يتمنى الشهادة فى سيناء مثل زملائه من رجال الشرطة وأنه كان حريص على حضور جنازتهم خاصة المنتمين إلى محافظة المنوفية"، وأضافت: "كان على وشك أن يقدم طلبا لنقله إلى سيناء لكنى طالبته بالعدول عن ذلك من أجل أبنائه، ولكنه أصر على تلك القرار قائلا: أنا مش أغلى ممن استشهدوا فى سيناء". السيدة المتشحة بالسواد، مضت قائلة بوجه يكسوه الحزب والتأثر: "غادر المنزل فى الساعة الثامنة من صباح أمس وكان يودعنا كأنه الوداع الأخير"، مطالبة بالقصاص لزوجها. ولم تستمر علامات الحزن التي بثتها الأرملة الشابة في كل النساء المحيطين بها، أمام منزلها بقرية الحامول، التابعة لمدينة منوف طويلا، إذ بادرت النسوة وبينهن وفاء بإطلاق الزغاريد؛ أحد أهم مظاهر الفرح في مصر، احتفاءً ب"شهادة" لها منزلة كبرى في الإسلام، قبل أن يهتفون بصوت واحد "في الجنة يا شهيد"، وفق مراسل وكالة الأناضول. كانت تلك الزغاريد والهتافات ايذانا بوصول جثمان الفقيد وبدء الجنازة. ولم تختلف جنازة الخولي، في مهابتها وأعداد المشاركين فيها، عن جنازات ضحايا سيناء، إذ كانت جنازة عسكرية شارك فيها الآلاف من أهالي قرية الحامول التابعة لمدينة منوف، بحضور العديد من المسئولين والقيادات الأمنية الرفيعة. وردد الأهالي هتافات ضد جماعة الإخوان المسلمين، التي تتهمها السلطات بالوقوف وراء سلسلة من الهجمات الإرهابية استهدفت عناصر الجيش والشرطة في مناطق متفرقة من البلاد، وخاصة في سيناء، منذ عزل الرئيس محمد مرسي في يوليو 2013، وهو ما نفته الجماعة مرارا، وأدانت في بيانات لها هذه الهجمات. ومن بين الهتافات التي ترددت في الجنازة: "لا اله إلا الله.. الشهيد حبيب الله"، و"لا اله إلا الله.. الإخوان أعداء الله"، و"الشعب يريد إعدام الإخوان". مشهد الوداع، انتقل إلى قرية شبرا زنجي، بمدينة الباجور، بالمنوفية أيضا، حيث خرجت الجنازة العسكرية الثانية للشرطي أحمد مسعود، وهو قتيل آخر في التفجير، وشهدت، أيضا، هتافات ضد جماعة الإخوان. وردد المشيعون هتافات من قبيل: "الإخوان هما الارهاب"، و"ياشهيد نام وارتاح.. واحنا نكمل الكفاح"، و"لا الة الا الله.. الشهيد حبيب الله"، حسب مراسل "الأناضول". ومنذ 3 يوليو 2013، قتل العشرات من رجال الجيش والشرطة في هجمات مسلحة وتفجيرات بمناطق متفرقة من البلاد، وخاصة في سيناء، تاركين ورائهم أرامل وأطفال وأباء وأمهات، وهو نفس حال كثيرين سقطوا في مصر منذ ذلك التاريخ في أحداث عنف ومظاهرات. كانت وزارة الداخلية المصرية قالت أمس، إن شرطيين قتلا، بينهما الخولي، في تفجير قنبلة بدائية الصنع، داخل إحدى عربات القطار، بعد أسبوعين من هجوم مسلح، شمل تفجير سيارة مفخخة، على عناصر الجيش المصري بمحافظة شمال سيناء، ما أدى إلى مقتل 31 جنديا، وجرح آخرين. واليوم، أعُلن عن وفاة مدنيين أصيبا في التفجير. وأدانت جماعة الإخوان في بيانها الحادث، لكنها حملت السلطات الحالية المسؤولية عنه، متهمة إياها ب "صنع التفجيرات هنا وهناك لكي يشغل الشعب المصري عن الجرائم الحقيقية التي يرتكبها". وكانت الجماعة أدانت في أوقات سابقة هجمات طالت قوات الأمن والجيش في مناطق متفرقة من البلاد، وكان أخرها الهجوم الأخير الذي نقطة تفتيش في محافظة شمال سيناء.