تنوعت الأنشطة الثقافية التي أقيمت مع انطلاقة الدورة 33 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب - رابع أكبر معرض يقام للكتاب في العالم، والذي تنعقد فعالياته بمركز الشارقة الدولي للمعارض المؤتمرات "إكسبو" بمشاركة إقليمية وعالمية واسعة - وسجلت حضوراً لافتاً في طبيعة الموضوعات التي ناقشتها، ومكانة وطبيعة الشخصيات الفكرية والأدبية والفنية والمتخصصين الذين أثروا الندوات الحوارية بتجارب ذاتية رائدة. وفي ضوء ذلك، أقيمت العديد من الفعاليات الثقافية، أبرزها: جغرافيا المكان، وقراءة في الأدب الروسي، وقراءة أخرى لأول كتاب مخصص لتعريف القارئ العربي حول التنمية الصينية المعاصرة. واستضافت الفعالية الأولى التي أقيمت بقاعة ملتقى الأدب كلاً من الأديبة الباكستانية كاملة شمسي، والأديبة العراقية إنعام كجة جي، ود. صالح هويدي، وأدارت الحوار فتحية النمر، واستعرضت جغرافيا المكان التي تتيح للكاتب حركة بين أماكن واقعية وأخرى خيالية، كما تناولت طرق تشكل الأمكنة مع خلال تتابع الأحداث السردية للرواية، وطبيعة الأسئلة التي تثيرها الشخوص الحقيقية والوهمية التي يبني المؤلف فكرته عليها. ونقلا عن وكالة أنباء الشرق الأوسط ، أوضحت الكاتبة الباكستانية أديبة شمسي أن المدينة الأولى للمؤلف هي المهلم الرئيسي في كل مايبني عليه من مؤلفات ووقائع، حيث انطلقت في بداياتها من خلال الكتابة عن العاصمة الباكستانية كراتشي، ووجدت فيها المكان الناطق الحقيقي بسيل من الأحداث المختلفة التي راوحت بين التطور والصراع وما يترتب على ذلك من المشاعر الإنسانية التي تقود مسارات الرواية، لكنها اكتشفت أن تجربة الكتابة عن أمكنة أخرى لاتقل بهاء عن كراتشي، مبينة أن الرواية لايمكن أن تبقى حبيسة مكان واحد، وأن جزءاً من أسرار نجاحها يعود الى انتقالها بين أمكنة عدة، يمكن ان تكون فيما بعد أوطانا متعددة لروائي واحد. من جانبها تحدثت الكاتبة العراقية أنعام كجة جي -التى رشحت لنيل جائزة الرواية العربية البوكر عن روايتها "طشاري"- عن تجربتها الأدبية المتعلقة بالمكان، مبينة أنها مغتربة عن بلدها الأم لأكثر من 3 عقود، لكنها كانت تكتب رواياتها التي تصور أبناء وطنها من المنفيين والمغتربين والمهاجرين ضمن نطاق الوطن والأم، لاسيما العاصمة بغداد التي لاتزال تلهم الجميع على الكتابة برغم ماتعانية من عدم استقرار، حيث تجلى المكان من خلال أحاديث الوجوه المهاجرة، لتبقى سطوته وحضوره في ملامح الرواية برغم ابتعاد شخوصها عنه، وكشفت كجة جي خلال الحوار عن انشغالها حالياً بتأليف رواية عاطفية تدور احداثها بين عراقية من اصل ايراني وفلسطيني يعيش في كراتشي. و اختتم الدكتور صالح هويدي فعاليات الندوة بالإشارة إلى أن المكان أكبر من مجرد موقع جغرافي عادي، وإنما هو عنصر من عناصر الرواية، وأنه - كشأن الكثير من عناصر الرواية الأخرى مثل الشخوص والزمان- يكتسب دلالة استثنائية في التعبير عن مكنونات الكاتب وسير الأحداث ورسم سياقات واسعة يتحرك النص في فضاءاتها دون قيود تذكر، ثم اشار الى بعض التجليات الناجحة للمكان من خلال نماذج روايات أخذت شهرة واسعة في العالم العربي.