مخاوف من تأجيل الوحدة النقدية ل2012..والسعودية تنفي محيط - السيد حامد رغم مرور خمسة أيام على قرار الإمارات الانسحاب من اتفاقية الاتحاد النقدي الخليجي لم نشهد تطور و تحرك جدي لحل الأزمة التي تهدد مشروع الوحدة النقدية من الأساس والمقرر له أن ينطلق في 2010. كانت الإمارات قد أعلنت الأربعاء أنها لن تكون طرفا في اتفاقية الوحدة النقدية, دون أن تعلن أن اختيار الرياض مقرا للمركزي الخليجي هو السبب, وفي اليوم التالي أكد سلطان بن ناصر السويدي محافظ المركزي الإماراتي أن انسحاب الإمارات جاء نتيجة تجاهل رغبة الإمارات في استضافة المركزي, موضحا بان قرار اختيار الرياض كان "قرارا سياسيا", وفي نفس الوقت فتحت الإمارات الباب أمام العودة بعدما أعلن وزير خارجيتها أنها تقبل العودة بشروط ومنها مراعاة حقها في استضافة المركزي الخليجي. كان هذا الإعلان يوم الخميس وعاد الوزير وأكده يوم الجمعة, وإلى الأن لم نجد ردا سعوديا علي العرض, بل استمرت الحرب الإعلامية الباردة بين الطرفين. ففي الوقت الذي تجاهلت فيه معظم الصحف السعودية القضية كصحيفة الرياض, اقتصر بعضها الأخر علي بيان أن الخاسر سيكون الإمارات وأن السعودية هي الأحق باستضافة المركزي. ومن ناحية الصحف الإماراتية, فقد نشرت علي مدار الأيام الماضية موضوعات تؤكد كلها حق الإمارات في استصافة المركزي لعدة اعتبارات: أنها اول دولة تقدمت لاستضافة المركزي, كما يتمتع نظامها المصرفي بالقوة, واقتصادها ثاني أكبر اقتصاد خليجي, وهي الأولي عربيا من حيث حجم الودائع في البنوك. وأمس نشرت وكالة الأنباء السعودية تقريرا مطولا بعنوان "مجلس التعاون الخليجي ... 28 عاما من الانجازات" بمناسبة مرور 28 عاما علي انشاء مجلس التعاون الخليجي تناولت فيه أبرز وأهم المنجزات الاقتصادية التي حققتها دول المجلس في نطاق التكامل الاقتصادي. وكان من الملاحظ أن التقرير لم يتحدث طويلا عن مشروع الوحدة النقدية. أما صحيفة الاتحاد الإماراتية فقد اعادت نشر تقرير "متابعة تنفيذ القرارات الذي تعده اللجان التابعة للأمانة العامة لدول المجلس", وكان قد تم استعراضه خلال قمة قادة دول التعاون في مسقط في ديسمبر 2008. وركزت الصحيفة في عرضها للتقرير علي أن الإمارات احتلت المركز الأول بين دول الخليج الست من حيث الالتزام بتنفيذ قرارات التعاون المشترك, كما تعتبر الدولة الوحيدة التي ليس لديها متأخرات في تنفيذ القرارات الصادرة منذ قيام "التعاون" عام 1981. وبينت الصحيفة أن الإمارات طالبت باستضافة مقار ثلاثة دون أن تحظى بأي منها. وأضافت أنه, وفقا للتقرير, بلغ عدد المقار والهيئات التابعة للأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي حتى الشهر الجاري نحو 20 مركزا وهيئة. وجاءت السعودية في المركز الأول من حيث استضافة المقار، بعدد 10, والبحرين في المركز الثاني ب4 مقار, وقطر في المركز الثالث ب3 مقار, ويتوافر في كل من الكويت وعمان مقران. وعلي صعيد أخر التطورات, أكدت صحيفة القبس الكويتية اليوم ان قرار الإمارات قلب الأوراق وأربك الخطط الاقتصادية المتعلقة باطلاق العملة الموحدة في موعدها المعلن عام 2010, وأنه بحسب معلومات استقتها من مصادر وأوساط اقتصادية خليجية مسئولة شاركت في العديد من اجتماعات الاتحاد النقدي، فان وزراء مالية دول التعاون اتفقوا في لقاءاتهم الأخيرة على تأجيل الاتحاد النقدي. وبالتالي، اطلاق العملة الخليجية الموحدة الى عام 2012، وربما ما بعده بدلا من 2010، وان لم يعلن ذلك بشكل رسمي. وأضافت المصادر ان خطوة الامارات أكدت الآن ضرورة التأجيل بعد الخلافات التي ظهرت حول تحديد مقر البنك المركزي الخليجي الذي سيكون مسؤولا عن ادارة واصدار أوراق النقد ومسكوكات العملة الخليجية، فضلا عن عدم الاتفاق علي مسمى العملة، وشكلها ووزنها وسعر صرفها، بالاضافة الى أوجه أخرى للخلافات بدأت تظهر مع قيام دول التعاون بالتوقيع على اتفاقية مجلس النقد وتتمثل في كيفية ممارسة المجلس لصلاحياته في رسم السياسة النقدية، وفي اصدار العملة الموحدة وادارة الاحتياطي النقدي وحدود الصلاحيات التي سيتمتع بها. ووفقا للمصادر ذاتها، فان إعلان الامارات انسحابها من المشروع قضى على آمال كانت تلوح في الأفق باحتمال عودة سلطنة عمان الى الاتحاد النقدي الذي كانت قد انسحبت منه أوائل عام 2007. من جانبه, أكد أمس عبد الرحمن العطية أمين عام مجلس التعاون الخليجي، أنه لا نية لتأجيل موعد الوحدة النقدية الخليجية والمقرر إطلاقها في 2010، وأن الطموح هو أن تمضي كل دول الأعضاء في مجلس التعاون في هذا المشروع الاستراتيجي. وقال العطية في حوار مع صحيفة "الاقتصادية السعودية "بلا شك فإن رغبة الإمارات أخيراً في ألا تكون طرفاً في اتفاقية الاتحاد النقدي لا تعني أبداً خروجها عن نسق العمل الخليجي المشترك..ولا أتصور أي تأجيل أو تأخير لمشروع الاتحاد النقدي. ونتطلع لأن يمضي المشروع بمباركة ومشاركة جميع دول مجلس التعاون بعد زوال الأسباب التي أدت إلى عدم الانضمام". من جانبه دعا مدير عام منظمة التجارة العالمية باسكال لامي دول مجلس التعاون الخليجي لأن تترك اختلافاتها وتضع جانبا مختلف القضايا من مواضيع الوحدة النقدية ومقر البنك المركزي وإن كانت أساسية، وتركز جهودها من أجل التكتل كجسم واحد في المحافل الدولية والمؤسسات مثل منظمة التجارة العالمية. وقال خلال اجتماع عقده مع وزراء التجارة في دول مجلس التعاون في مسقط "نصيحتي لكم أن تعتمدوا البراجماتية في مقاربة المواضيع وبان تكثفوا من وجودكم في جنيف وتشكلوا فريقا واحدا للتعامل مع منظمة التجارة العالمية كي نستطيع أن نساعدكم".