"الزراعة" تزيل 20 حالة تعدٍ على الأراضي في المهد خلال عيد الأضحى    لليوم الثاني.. أهالى الأقصر يذبحون الأضاحى لتوزيعها علي الأسر الاكثر احتياجا فى عيد الأضحى    ميدينسكي: من الصواب أن تستقبل كييف قتلاها في سبت الآباء    مراكز شباب الغربية تستقبل المواطنين بأنشطة ترفيهية وفنية في ثاني أيام عيد الأضحى    التصريح بدفن جثة طفل سقط من أعلى سطح عقار فى الغربية    "وفاءً لرمز المسرح العربي".. إطلاق اسم سميحة أيوب على المسابقة الرسمية بالمهرجان القومي للمسرح    «إيبارشية إسنا وأرمنت» تعلن إخماد الحريق المحدود ب كنيسة السيدة العذراء في الأقصر    بعد تخطي إعلان زيزو 40 مليون مشاهدة في 24 ساعة.. الشركة المنفذة تكشف سبب استخدام ال«ai»    شتيجن يحسم الجدل: لم أرحل.. ومستمر مع برشلونة في الموسم المقبل    الأمم المتحدة: 71 ألف طفل بغزة سيعانون قريبا من سوء تغذية يهدد حياتهم    عبد العاطي ونظيره النيجيري يبحثان سبل تعزيز العلاقات المشتركة    ما حكم من صلى باتجاه القبلة خطا؟.. أسامة قابيل يجيب    بعد وجبات عيد الأضحى الدسمة.. 6 مشروبات طبيعية لتحسين الهضم وتجنب الانتفاخ    إعلام إسرائيلي يدعي عثور الجيش على جثة يعتقد أنها ل محمد السنوار    فرنسا تدعو إسرائيل للانسحاب سريعا من كامل الأراضي اللبنانية    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب اليونان    مجدي البدوي: تضافر الجهود النقابية المصرية والإفريقية للدفاع عن فلسطين| خاص    مها الصغير: أتعرض عليا التمثيل ورفضت    إعلام إسرائيلي: يحتمل وجود جثامين لمحتجزين إسرائيليين بمحيط المستشفى الأوروبي    رونالدو يعلن موقفه من المشاركة في كأس العالم للأندية    الخرفان أولًا والعجول آخرًا.. تدرّج في الطلب بسبب تفاوت الأسعار    وزارة النقل: الأتوبيس الترددى يعمل طوال أيام العيد فى هذه المواعيد    المالية: صرف المرتبات للعاملين بالدولة 18 يونيو المقبل    الصناعة: حجز 1800 قطعة أرض في 20 محافظة إلكترونيا متاح حتى منتصف يونيو    "الزراعة": إزالة 20 حالة تعد في المهد بعدد من المحافظات    اتحاد تنس الطاولة يناقش مستقبل اللعبة مع مدربي الأندية    مرسال: اتحاد العمال يرسخ مكانته الدولية في مؤتمر جنيف| خاص    ضبط 156 شيكارة دقيق بلدي مدعم وتحرير 311 مخالفة فى الدقهلية    نتيجة الصف السادس الابتدائي 2025 بالاسم ورقم الجلوس    الداخلية ترسم البسمة على وجوه الأيتام احتفالا بعيد الأضحى| فيديو    الأحوال المدنية: استمرار عمل القوافل الخدمية المتنقلة بالمحافظات| صور    لبنان.. حريق في منطقة البداوي بطرابلس يلتهم 4 حافلات    الأحزاب تستغل إجازات العيد للتواصل مع الشارع ووضع اللمسات الأخيرة على قوائم المرشحين    البابا تواضروس الثاني يعيّن الأنبا ريويس أسقفًا عامًا لإيبارشية ملبورن    12 عرضا في قنا مجانا.. قصور الثقافة تطلق عروضها المسرحية بجنوب الصعيد    بشرى تتألق بإطلالة صيفية أنيقة في أحدث جلسة تصوير لها| صور    رسميًا.. غلق المتحف المصري الكبير في هذا الموعد استعدادًا للافتتاح الرسمي    محمد سلماوي: صومعتي تمنحني هدوءا يساعدني على الكتابة    تعرف على الإجازات الرسمية المتبقية فى مصر حتى نهاية عام 2025    تعرف على أسعار الحديد مساء ثاني أيام عيد الأضحى    «الفيروس لم يختفِ».. الصحة العالمية تحذر: كوفيد 19 يعود بمتحور جديد    البحيرة.. عيادة متنقلة أمام النادي الاجتماعي بدمنهور لتقديم خدماتها المجانية خلال العيد    رئيس جامعة المنوفية: معهد الكبد القومي يخدم أهالي المحافظة والدول العربية    عميد طب كفر الشيخ يتفقد أداء المستشفيات الجامعية خلال إجازة العيد    شهباز شريف: باكستان تسعى دائما إلى الحفاظ على السلام والأمن في المنطقة    "دفعها للإدمان وحملت منه".. تفاصيل بلاغ من سيدة ضد والدها في الوراق    عواد: أنا وصبحي نخدم الزمالك.. وسيناريو ركلات الترجيح كان متفقا عليه    العيد أحلى بمراكز الشباب.. فعاليات احتفالية في ثاني أيام عيد الأضحى بالشرقية    السيسي يقود أحدث إنجازات الدولة في تطوير التعليم الجامعي    إصابة 8 أشخاص نتيجة انقلاب «ميكروباص» بطريق أسيوط- الفيوم الغربي    دعاء يوم القر مستجاب للرزق والإنجاب والزواج.. ردده الآن    الطبطبة على الذات.. فن ترميم النفس بوعى    اليابان: لا اتفاق بعد مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية    دار الإفتاء تكشف آخر موعد يجوز فيه ذبح الأضاحي    دوناروما: أداء إيطاليا لا يليق بجماهيرنا    محمد عبده يشيد ب " هاني فرحات" ويصفه ب "المايسترو المثقف "    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    معلومات من مصادر غير متوقعة.. حظ برج الدلو اليوم 7 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة تربية
نشر في محيط يوم 27 - 10 - 2014

جلست لأتابع أحوال أم الدنيا مثلما أفعل كل مساء مثلي مثل ملايين المواطنين المصريين الذين صارت متابعة التوك شو ووسائل الإعلام عموماً مهمة يومية لابد منها لمعرفة مختلف الأحداث، وبتحويل المحطات وجدت الأخبار كالآتي: "اقتحام الطلاب للجامعات .. إغتصاب طفل من خلال 3 من زملائه في المدرسة .. ضرب رئيس نادي الزمالك على قفاه وإلقاء كيس بول عليه .. رئيس نادي هيئة تدريس جامعة الأزهر: عندي طلبة جواسيس بيجيبوا لي المعلومات طازة".
اطفأت التليفزيون وأنا مذهولة من هذه الأخبار، ووجدت نفسي أفكر "هل هذه مصر حقاً؟ وما السبب وراء كل هذه الممارسات؟" .. وبعد تفكير قصير وجدت أن السبب وراء كل هذا هو أننا نعاني من أزمة في التربية .. نعم! إننا أمام أزمة تربية ومجتمعنا اليوم بحاجة إلى إعادة النظر في القيم المجتمعية والثقافية به.
فالمظاهر التي نراها اليوم من شغب في الجامعات وفي المدرجات، والمشاجرات اليومية بسبب المرور ومشاكله التي صار السباب والضرب وقلة الأدب هو المعتاد والعادي فيها، وظواهر كالتحرش والغش الجماعي وغيرها من المظاهر السلبية في المجتمع يعد أهم أسبابها ببساطة هو غياب أو قصور التربية.
التربية كلمة تحمل الكثير من المعاني التي صرنا في هذه الأيام نعاني من فقدانها، وهي بالتأكيد مهمة صعبة، بل قد تكون الأصعب على الإطلاق، خاصةً وأننا لم نعد كأمهات وآباء الطرف الأهم لتربية أبنائنا، ففي الماضي كانت مسئولية التربية تقع على عاتق الأسرة والمدرسة فقط، لكن الآن صار هناك دور للإعلام والانترنت والمجتمع في تربية الأجيال الجديدة.
ولكننا عندما ننظر للواقع نجد أن أغلبنا لا يراعي ضميره فيما يخص هذا الأمر، فأغلب أولياء الأمور صار شغلهم الشاغل هو توفير سبل العيش فقط دون الاهتمام بواجبهم الديني والدنيوي في التربية الصالحة، فصارت بيننا وبين أبنائنا فجوة واسعة نزيدها كل يوم اتساعاً من خلال تركهم يجلسون بالساعات أمام التليفزيون وأجهزة الآيباد والتاب وغيرها دون رقابة أو ملاحظة.
وإلى جانب الأسرة كانت المدرسة هي الطرف الأهم في التربية، وكنا نطلق على المعلم أنه "مربّي الأجيال" ، وعندما أطلق اسم وزارة (التربية والتعليم) لم يكن إطلاق الاسم بهذا الترتيب من قبيل الصدفة، بل لأن التربية فعلاً مقدمة على التعليم لأنها الأساسي الذي يجب أن يشب ويشيب عليه الإنسان في حياته. ودائماً يعد دور المدرسة مكمل لدور الأسرة، فهي تعمل على تأكيد المفاهيم السليمة التي تربى عليها الطفل من خلال أسرته، فدور المدرسة أكبر من مجرد التعليم فقط.
ولكننا للأسف وجدنا أنه منذ سنين عديدة مضت بدأ كثير من المدرسين في إغفال فهم رسالتهم الهامة في تربية أبنائنا على القيم والأخلاق، وصار بعضهم يعتقد أن رسالته تنحصر في حشو رأس الطالب بالمنهج الدراسي فقط، بل ونجد بعض المدرسين يصرخ ويشتم خلال شرحه في الفصل، ويمرر للأطفال الصغار أفكار منحرفة كنت قد رصدتها في مقالات سابقة وبيانات سابقة، فتارة نجد مدرس يقول للطلبة أن المسيحيين كفرة، وفي مرة أخرى نجد مدرسة تقص شعر الفتيات الغير محجبات، ومدرسة ثالثة تسخر من طلبة أصحاب بشرة سمراء وتقول عليهم أنهم قردة!! .. هل هذه هي القيم التي يتربى عليها أبنائنا؟ .. الاضطهاد وإزدراء الأديان والعنصرية، هل هذا هو ما نود حقاً أن تتربى عليه الأجيال الجديدة؟
وهذه الأيام صار أبنائنا يتعرضون بكثرة للإعلام واللغة البذيئة التي صارت منتشرة في كافة القنوات، حتى في قنوات الأطفال. وصرنا نُجلس أبنائنا أمام برامج التوك شو وما تتضمنه من جذب وشد ولغة خطاب تتنافى مع الأخلاق في كثير من الأحيان، والتي تصدر أحياناً من الإعلاميين أنفسهم للأسف،وليس فقط من الضيوف.
وحتى في قنوات الأطفال وجدت أكثر من مرة أنها تبث السم في العسل لأطفالنا بأفلام ومسلسلات الكارتون التي تذيعها، فتعبيء رؤوس أطفالنا بأفكار سيئة أو تنشر ألفاظ على لسان أبطالهم الذين يحبونهم ويرددون كلامهم بلا تفكير!
وحتى عندما نحوّل المحطة نجد في البرامج والقنوات الرياضية أن حتى الرياضيين عندما يندلع ما بينهم خلاف على الشاشات يقومون بسب بعضهم البعض بالأم والأب أحياناً، بل ويصل الأمر في بعض المرات إلى النيل من عرض الطرف الثاني والتشهير به وبسمعته!! .. أي مثال هذا الذي يقدمه هؤلاء الرياضيون؟ .. على ما أذكر أنه في الماضي كنا نطلق على من لديه أدب وأخلاق وتسامح إنه صاحب "روح رياضية" .. فهل تلك الروح التي يبثها بعض الرياضيين هذه الأيام هي المثال للروح الرياضية الآن؟!!
الحل يا سادة هو في التربية .. فمواجهة التحرش أساسها التربية وليس الفصل بين الذكور والإناث في المدارس والجامعات، ومواجهة الشغب في الجامعات أساسها التربية وليس إلغاء العام الدراسي أو زرع الجواسيس فقط ..وهكذا الأمر في بقية الممارسات الخاطئة.
وهنا أنا لا أقول إن التربية وحدها هي الكافية لإنهاء الممارسات والمظاهر السلبية في مجتمعنا المصري الأصيل، ولكنني أقول أنها أمر جوهري وحيوي ومسألة أمن قومي. فعندما نربي أبنائنا مثلاً على الإنتماء وغنى النفس والوعي فقد يساهم ذلك في منعهم من أن يتحولوا لمرتزقة يخربون المنشآت والجامعات والمدرجات والشوارع ويؤذون الآخرين. لإننا الآن للأسف وصلنا إلى مرحلة تجعلنا نقول على من يفعل الصواب أنه شخص "أهبل" ، فمنذ يومين رأيت على الفيسبوك صورة لمواطن وجد 2,7 مليون جنيه مسروقة من وزارة الكهرباء فسلمها للشرطة، وشاهدت التعليقات وكنت أعتقد أنها ستشيد بالمواطن وما فعله، ولكنني فوجئت أنهم بدلاً من أن يقولوا عليه "أمين" أنهم يقولون عليه "أهبل" ، ما الذي أدى إلى هذه النظرة وهذا التفكير من هؤلاء سوى التربية؟
وفي النهاية أوجه نداء إلى كل شخص يشترك في تربية الجيل الجديد إلى مراعاة أهمية دوره لنهوض الوطن.. فيا أمهات وآباء مصر دعوني أذكركم بأنكم الأساس في تربية الأجيال الجديدة التي ستبني مصر الجديدة، فلا تنسوا أن هذه المهمة -وإن كانت شاقة- إلا أنها واجب ديني ودنيوي أنتم منوطين به برعاية هؤلاء النشء، ولا تنسوا أن الله قال في كتابه العزيز: "ربِ ارحمهما كما (ربياني) صغيرا" ، فالرحمة بكم مقرونة بحسن تربيتكم لأبنائكم، فبرّوهم بتربيتكم الحسنة لهم حتى يبروكم عندما يكبروا. وهذه التربية هي التي سترتقي بهم وتسمو بأخلاقهم وتجعلهم بناة صالحين لوطنهم .. وتذكروا أن "هكذا كل شجرة جيّدة تصنع أثمارا جيدة وأما الشجرة الرَدِيَّة فتصنع أثمارا رَدِيَّة".
وإلى المعلم أقول: إعلم أن لك دور تربوي هام بخلاف دورك التعليمي، وسلوكك محسوب عليك أمام طلابك حتى وإن كان خارج المدرسة، فراعي أنك قدوة لهؤلاء الأطفال والمراهقين الصغار، ولا تنسى أنك رسول تحمل رسالة، فلتوصلها بأمانة ونزاهة وأن لم تستطع هذا فأنصحك ألا تعمل في هذا المجال من أساسه.
وإلى الإعلامي، والرياضي، والمواطن العادي لا تنسوا أن جميعكم لكم دور في تربية أبنائنا، ففكروا قبل كل كلمة تقولونها وقبل أي فعل يصدر عنكم، فإنكم راع وكلكم مسئول عن رعيته.
رئيسة مجلس إدارة جمعية نهوض وتنمية المرأة
وخبيرة دولية في السياسة الاجتماعية وقضايا المرأة والتنمية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.