رغم سلسلة إجراءات التحفيز الاقتصادي التي أقرتها الحكومة الأمريكية إلا أن الاقتصاد الأمريكي مازال يعاني ضغوط الركود بصورة واضحة منذ بداية العام الحالي ليسجل انكماشا في الربع الأول بنحو 6.1 % وهو ما يعد أسوء أداء منذ حوالي 50 عاما في ظل الكساد الحاد الذي تعاني منه الأسواق خاصة مع استمرار التراجع في قطاع الإسكان ، غير أن هناك انخفاضات قياسية في مستويات المخزون السلعي. وأشارت وزارة التجارة الأمريكية في بيان لها اليوم إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنحو 6.1 % متجاوزا التقديرات السابقة وذلك بعد تراجعه ب 6.3 % خلال الربع الأخير من 2008 . وأشار تقرير أوردته شبكة بلوم برج الإخبارية إلى أن بيان وزارة التجارة الأمريكية والذي يعكس اضعف أداء للاقتصاد الأمريكي على مدى ستة اشهر منذ فترة عامي 1957و 1985 ، يأتي في الوقت الذي يعقد فيه مسئولو بنك الاحتياط الفيدرالي اجتماعاتهم لليوم الثاني. ويشير التقرير إلى انخفاض مستويات المخزون قد يكون بادرة ايجابية تمهد لاستعادة النمو الاقتصادي خلال الربع الحالي من العام خاصة وان مساعي بنك الاحتياط الفيدرالي لخفض تكاليف الاقتراض وتنشيط الائتمان قد بدأت تؤتي ثمارها كما ترجح بعض المؤشرات. وتقدر نسبة انكماش الاقتصاد الأمريكي في الربع الأول ب 2.6 % مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي .غير أن المؤشرات التي تعكس إمكانية ظهور بوادر تعافي خلال الربع الثاني تلك البيانات الجديدة المتعلقة بالأنفاق الاستهلاكي الذي يسهم بنحو 70 % من حجم الاقتصاد حيث سجل معدلا نمو سنوي خلال الربع الأول ب 2.2 % ليمثل ذلك اكبر ارتفاع منذ عامين. وكان حجم الإنفاق الاستهلاكي متمثلا في المشتريات قد سجل تراجعا خلال النصف الأخير من العام الماضي بنحو 4.1 % وهو ما اعتبر اكبر تراجع منذ عام 1980 . وقد تمكنت الشركات الأمريكية من تقليص المخزون السلعي لديها بمعدل سنوي بلغ 103.7 مليار دولار خلال الربع الأول ليعد ذلك اكبر تراجع في قيمة المخزون منذ بدء رصد البيانات في عام 1947 . وتشير التقديرات إلى انه مع استبعاد ذلك التراجع في قيمة المخزون السلعي فأن معدلا انكماش الاقتصاد الأمريكي كان سيبلغ نحو 3.4 % مقارنة بمستويات الناتج المحلي في الربع الأول من العام الماضي. وقد تمكنت الشركات الأمريكية من خفض حجم الإنفاق الإجمالي بمعدل قياسي بلغ 38 % ليشمل الإنفاق على المعدات والبرمجيات فضلا عن تقليص الإنفاق على المشاريع الإنشائية . وقد تراجع أيضا الإنفاق على الإنشاءات الخاصة بالمشاريع السكنية ب 38 % خلال الربع الأول ليعد ذلك اكبر تراجع منذ عام 1980 . ويشير التقرير إلى أن السبب الوحيد لانكماش الناتج المحلي الأمريكي بصورة اكبر مما كان متوقع يرجع إلى إقدام الحكومة على خفض الإنفاق لديها بمعدلات وصلت إلى 3.9 % ليعتبر ذلك اكبر خفض منذ عام 1955 . وقد أظهرت بيانات وزارة التجارة الأمريكية تقلص مستوى العجز التجاري في ظل الهبوط الحاد للواردات بمعدل سنوي بلغ نحو 34 % وهو ما يبرر ذلك التراجع المسجل لمستويات المخزون بالأسواق الأمريكية. ويضيف التقرير أن البيانات التي تم الكشف عنها خلال الأسابيع الأخيرة والتي اظهرت بوادر استقرار في حجم المبيعات بالقطاع العقاري فضلا عن الانتعاش النسبي للقراءات الخاصة بثقة المستهلك، قد تعد مؤشرا على أن الاقتصاد الأمريكي قد يشهد تباطؤ في معدلات الانكماش خلال المرحلة المقبلة خاصة في ظل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لاحتواء أزمة القطاع المالي والتي تضمنت خطط مضاعفة إعادة شراء الديون العقارية فضلا عن تمويل شراء سندات الخزانة طويلة الآجل.