أودعت محكمة جنايات شبرا الخيمة برئاسة المستشار حسن فريد، حيثيات "أسباب" حكمها الصادر في شهر سبتمبر الماضي بمعاقبة القياديين الإخوانيين عبد الله بركات عميد كلية الدعوة بجامعة الأزهر وحسام ميرغني تاج الدين محاسب، بالسجن المؤبد لمدة 25 عاما لكل منهما، في إعادة إجراءات محاكمتهما في قضية اتهامهما بالتحريض على العنف وقطع الطريق السريع بمدينة قليوب (محافظة القليوبية) أواخر شهر يوليو 2012 . وأضافت المحكمة أن المصريين خرجوا في 30 يونيو 2013 باختلاف أعمارهم وطبقاتهم وانتماءاتهم، تجمعهم رغبة أكيدة وعزيمة قوية مطالبين بإقصاء رئيس الجمهورية (آنذاك) - لما لمسوه فيه من أنه نسيج غير متجانس مع فطرتهم التي جبلوا عليها، واستجابت القوات المسلحة لنداءات الملايين الذين استنفروا فيها الحس الوطني ودورها في الدفاع عن البلاد، وفقا لما ذكرته وكالة انباء الشرق الاوسط. وقالت المحكمة إن المتهم عبد الله بركات أصدر بيانا من اعتصام رابعة العدوية، حث فيه المعتصمين على ما أسماه ب "الجهاد والقتال" موحيا للمعتصمين أن هذا المسلك هو "طريق الشهادة وأن من يجاهد ضد الأعداء سيفوز بإحدى الحسنيين، إما النصر أو الشهادة" . وذكرت المحكمة أن بركات قال في حديث مصور له مرفق ضمن ملفات القضية: "أعداؤنا اتفقوا مع إسرائيل وإمريكا أعداء الدين، إيه رأيكم عودة الشرعية ونصر الراية في كفة والشهادة في كفة.. عايزين إيه غير الشهادة.. يبقى لو كنتم صادقين لن ينتصروا عليكم ابدا". وأكدت المحكمة أن المتهم أوحى للمعتصمين ولمؤيديه سبيلهم الذي يجب عليهم أن يسلكوه، إذ لن ينال الشهادة إلا من جاهد ضد الأعداء ليفوز بإحدى الحسنيين إما النصر وإما الشهادة (على حد قوله) .. وبذلك يكون قد ساهم في رسم خريطة الطريق لهم، وأعوز لهم السبيل الذي يسلكون بمشاركة من اعتلوا منصة رابعة وحرضوا على تلك الأفعال، من المتهمين الذين سبق الحكم عليهم، فكانت كلماته مباركة ومؤيدة ومكملة لكلمات اخر فباتوا وكانهم بنيانا واحدا يشد بعضه بعضا. وقالت المحكمة إن المتهمين عبد الله بركات و حسام ميرغني وآخرين سبق الحكم عليهم، جمعهم هدف واحد، فألفوا من جمعهم هذا عصابة تهدف إلى مهاجمة طائفة من السكان ومقاومة رجال السلطة العامة بالسلاح، وتأكيدا على ذلك وتفعيلا له نفذ المتهمان وآخرون سبق الحكم عليهم تجمهرا داخل نطاق مدينة قليوب لتنفيذ أغراض ارهابية تهدف الى قطع طريق القاهرة / اسكندرية الزراعي، وتعطيل وسائل النقل العامة والخاصة وإصابة الطريق بالشلل المروري واشاعة الفوضى والاخلال بالسلم والأمن العام من خلال إثارة أعمال الشغب والعنف والنظام الحاكم وعدم قدرته السيطرة على مقاليد الدولة وعجزه عن إدارة الفترة الانتقالية وتصدير هذا المشهد دوليا للخارج من بعد تصوير أن الفوضى العامة تجتاح البلاد . وأكدت المحكمة أن القيادات المركزية بجماعة الاخوان، والتي من بينها المتهم عبد الله بركات، اصدرت تكليفات للقيادات اللامركزية بالجماعة وكذا الجماعات المتشددة داخل محافظة القليوبية والتي من بينها المتهم الثاني حسام ميرغني، بتنظيم التجمهر موضوع القضية، على ضوء الاهداف السابق ذكرها، وقاموا بتوزيع بعض المنشورات على مستقلي السيارات عبارة عن كتيب بعنوان "الانقلاب العسكري في ضوء الشريعة والدستور" وآخر بعنوان "أرفض الانقلاب العسكري" والثالث معنون "إلى اهلنا و اخواننا وشركاؤنا في الوطن". وأوضحت المحكمة أن مسيرة المتجمهرين تحركت بالطريق الزراعي حتى وصلت مدخل العوادم بقليوب وهم يرددون هتافات عدائية ضد القوات المسلحة والشرطة ويحملون لافتات بذات المعنى ويرفعون صورا للرئيس المعزول. وأشارت المحكمة إلى أن التجمهر انخرطت به عناصر مسلحة من المتجمهرين، وبحوزتهم أسلحة بيضاء ونارية عبارة عن بنادق آلية ومسدسات وأسلحة خرطوش وشماريخ وعصى وشوم وطوب وخوذ يرتديها بعضهم ودروع يدوية الصنع. وجاء بالحيثيات أن المحكمة تطمئن إلى ما جاء بأقوال المحكوم عليه هشام شعبان الصاوي بالتحقيقات، من انه حال تواجده في مسكنه بمدينة كفر الشيخ، سمع في التلفاز ان هناك مليونية لتأييد الرئيس المعزول في 22 يوليو 2013 وإزاء ذلك توجه الى ميدان رابعة العدوية وقضى ليلته بالميدان واعتلى منصة رابعة المتهم الاول واخرون واتفقوا على التظاهرة المزمع إجراؤها بطريق قليوب الزراعي.. مشيرة إلى أن هذا القول من المحكوم عليه يؤكد ان المتهم بركات كان من بين خطبوا في المعتصمين صباح يوم الواقعة وليس في المساء حسبما يدعى المتهم. وأضافت المحكمة أن عبد الله بركات كان من بين اعتلوا منصة رابعة و خطب في المعتصمين، بما يكشف عن قدرته ومنزلته لديهم، علاوة على أن القائمين على الاعتصام ما كانوا ليسمحوا للمتهم الاول باعتلاء المنصة لولا علمهم اليقين بأن ما يقوله حتما سيصب في مصلحتهم ويخدم قضيتهم وهوما يرشح للقول بأن ثمة اتفاق مسبق قد وقع فيما بين المتهم بركات وقادة الاخوان على مضمون الخطاب الذي سيوجه للمعتصمين. وأشارت المحكمة إلى أن العبارات التي جاءت في خطاب بركات لمعتصمي رابعة، انما هي دعوى للجهاد الذي يبلغ حد الشهادة، وهوما يعني يحثهم على الجهاد المستمر الذي لا رجعة فيه ولو كلفهم حياتهم، بما يحمل في طياته التحريض على العنف حتى تحسم قضيتهم بالنصر أو الشهادة، فضلا عن أن لغة الخطاب الواحدة اتفقت في سياقها ومضمونها بين ما القاه المتهم بركات على مسامع المعتصمين وبين جميع من تحدثوا من على المنصة، بما يقطع بأن الأمر قد تجاوز مرحلة توارد الخواطر وارتقى إلى مرتبة الاتفاق. وأكدت المحكمة أن ظهور بركات صباح يوم الواقعة يخطب في المعتصمين ضمن من خطبوا فيهم بالحث على التوجه لطريق القاهرة / الاسكندرية الزراعي بقليوب - حسبما قرر المحكوم عليه هشام الصاوي - هو خير دليل يكشف على علم المتهم واشتراكه في ارتكاب التهم المسندة اليه. جدير بالذكر أن عبد الله بركات وحسام ميرغني قد سبق وأن قضي بمعاقبتهما غيابيا بالإعدام شنقا، و 8 متهمين آخرين، وجميعهم هاربين.. قبل أن يتم إلقاء القبض عليهما وتعاد إجراءات محاكمتهما في القضية من جديد بصفة حضورية، ويصدر في ختام المحاكمة الحكم بالسجن المؤبد لكل منهما. وسبق وأن أصدرت المحكمة حكمها بالنسبة ل 37 متهما محبوسا، يتصدرهم محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان، والقياديين الإخوانيين محمد البلتاجي وصفوت حجازي، ومعاقبتهم جميعا بالسجن المؤبد، وذلك بجلسة النطق بالحكم في 5 يوليو الماضي، والتي صدر فيها الحكم بالإعدام غيابيا بالنسبة للمتهمين العشرة الهاربين.