التقت شبكة الإعلام العربية «محيط» في حوار خاص مع مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين في دولة فلسطين"عبد الناصر فروانة" لتفتح ملف الأسرى والمعتقلين داخل السجون الإسرائيلية وتتعرف على معاناتهم للتنديد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد الإنسانية، فإلى تفاصيل الحوار: ما هي أوضاع المعتقلين والأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية في الوقت الراهن؟ أوضاع الأسرى تزداد سوءاً داخل السجون، وقد تزايدت الإجراءات الانتقامية والعقابية بشكل خطير لاسيما منذ حادثة اختفاء المستوطنين الثلاثة، والتي استخدمتها إسرائيل كذريعة وصعدت من إجراءاتها القمعية وصادرت الكثير من الحقوق داخل السجن، وأيضا اتخذت إجراءات عقابية بحق الأسرى بشكل عام، وبحق أسرى حركة حماس والجهاد والجيوش العربية بشكل خاص، وأصبح هناك تضييق على الزيارات بما فيها زيارات المحامين إلى الأسرى، وقد تزايد العزل الانفرادي بشكل كبير لأتفه الأسباب، وهناك اعتداءات مستمرة واقتحامات لغرف السجون مما تسبب في إصابة العديد من الأسرى، وكان آخرها الشهيد الأسير رائد الجابري، الذي اتضح فيما بعد أنه تعرض لاعتداءات، وبالتالي فهناك جملة من الاعتداءات القمعية حيث تم اعتقال أكثر من 2500 مواطن فلسطيني منذ 12 يوليو 2013. هل هناك مفاوضات حالية لعقد لتبادل الأسرى ؟وكيف تتم ؟ هناك مفاوضات تجرى في القاهرة بين الجانب الفلسطيني و"الإسرائيلي" برعاية مصرية، وملف الأسرى هو ملف حاضر بقوة على طاولة المفاوضات ولكن حتى هذه اللحظة هو جزء من الملفات الأخرى، مثل وقف إطلاق النار والمطار والمعابر وما إلى ذلك من القضايا التي أثيرت من قبل والتي كانت جزءاً من الاتفاق الذي كان على أساسه تم وقف إطلاق النار. هل تستجيب إسرائيل لاتفاقياتها بشأن تبادل الأسرى الفلسطينيين والإفراج عنهم؟ إسرائيل لم تلتزم باتفاقياتها السابقة، وعلينا أن نستفيد ونتعلم من التجارب السابقة فقد اخترقت هذه الاتفاقيات أكثر من مرة وتنصلت من استحقاقاتها، وكان ذلك متعلق بصفقة "شاليط" في أكتوبر 2011، والتي تمت في القاهرة برعاية مصرية، وقد انتهكت إسرائيل هذه الاتفاقية وأعادت اعتقال العشرات من هؤلاء الأسرى وإسرائيل لا تزال حتى هذه اللحظة تحتجز 73 أسير منهم دون تهمة ودون محاكمة، كذلك الاتفاقيات السياسية التي جرت على أساسها استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية في يوليو 2013، وكان من المفترض الإفراج عن كل الأسرى القدامى على أربع دفعات، إسرائيل التزمت بالإفراج عن ثلاث دفعات ولم تلتزم بالدفعة الرابعة، وبذلك تنصلت من هذه الاتفاقيات، وهذه الاتفاقيات كانت برعاية أمريكية بمعنى أن إسرائيل لا تلتزم باتفاقياتها مع فصائل المقاومة ولم تلتزم أيضا باتفاقياتها على الجانب السياسي، وعلينا أن نستفيد من هذه التجارب ونتعلم منها ونبحث دائما عن ما يمكن أن يلزم إسرائيل بتنفيذ اتفاقاتها. حدثنا عن ثقافة الأسر عند الشعب الفلسطيني؟ قضية الخطف والأسر هي ثقافة متجذرة لدى المقاومة الفلسطينية، ومنذ انطلاقتها وقد سجل التاريخ العديد من صفقات التبادل ونجحت فصائل المقاومة في الإفراج عن آلاف الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية، والتاريخ يذكر أن أول صفقة تبادل كانت عام 1968 حينما نجحت الجبهة الشعبية في احتجاز طائرة وأجبرتها على الهبوط في الجزائر، وأبرمت آنذاك أول صفقة تبادل وأطلق بموجبها سراح 37 أسيرا من السجون الإسرائيلية ثم تلاها العديد من صفقات التبادل ؛ فقد كان عام 1983 صفقة تبادل مع حركة فتح وأفرج بموجبها عن 4700 معتقل فلسطيني ولبناني وعربي، وفي عام 1985 كانت صفقة التبادل الأكثر زخما وقوة، وكان من بينها أيضا العديد من صفقات التبادل وكانت آخر صفقة تبادل هي صفقة "شاليط" في أكتوبر 2011وافرج بموجبها عن 1027 أسير وأسيرة ولكنها كانت الصفقة الأولى التي أسر فيها إسرائيليين داخل فلسطين وتم التبادل أيضا داخل فلسطين . فروانة مع فريق محيط هل هناك صفقات جديدة لتبادل الأسرى الفلسطينيين والإفراج عنهم؟ يدور الحديث الآن عن صفقة تبادل جديدة؛ فإسرائيل تتحدث عن جثامين وأشلاء جنديين، ولم تفصح المقاومة عن تفاصيل ما لديها، ولكن بالتأكيد لديها ما يمكن أن يقودها إلى إتمام صفقات تبادل. ما دور المنظمات الدولية والحقوقية في الدفاع عن قضية الأسرى الفلسطينيين؟ غالبية المنظمات مسيّسة، وهي تحتكم إلى رؤية عامة وإلى من يقودها ويحركها، وهذه المؤسسات حتى هذه اللحظة رغم طرقنا لأبوابها لأكثر من مرة، ورغم علمها بكل الانتهاكات التي تمارس في السجون الإسرائيلية ضد أسرانا، فهي لم تستطع على الأقل حتى هذه اللحظة أن تفرض رؤيتها في فرض المواثيق الدولية، ولم تستطع أن تلزم إسرائيل بتطبيق الاتفاقيات الدولية في تعاملاتها بشأن قضية الأسرى،وغالبية هذه المؤسسات تقف موقف المتفرج وموقف الصامت. وما الذي يجب أن نفعله تجاه هذا الموقف؟ علينا أن نتحرك على المستوى السياسي لإجبار حكومة الاحتلال على التعامل بشكل إيجابي مع الأسرى وتطبيق الاتفاقيات الدولية، لكن إسرائيل حتى هذه اللحظة لم تتجاوب مع القرارات الدولية حتى مع تلك المؤسسات الإنسانية كمنظمة الصحة العالمية التي أقرت قبل فترة بضرورة إرسال لجنة إلى السجون وزيارتها، وهي أيضا لم تسمح للاتحاد الأوروبي بإرسال لجنته إلى زيارة السجون ولم تسمح لأي مؤسسة حقوقية أو إعلامية بزيارة السجون الإسرائيلية، وبالتالي فإسرائيل تغلق أبوابها أمام كل هذه المؤسسات بغض النظر عن طبيعتها ومهامها وهذا ما يؤكد ارتكاب إسرائيل للجرائم بحق الأسرى. ما هي سبل الضغط التي يمكن أن تلجئوا إليها في حالات عدم الاستجابة ؟ الشعب الفلسطيني انتهج كل الخيارات وكل أشكال المقاومة السلمية والمقاومة المسلحة، وأعتقد أنه لن يتردد في انتهاج أي شكل من أشكال المقاومة التي تتيح له استرداد حقوقه، وإسرائيل هي من تحدد الشكل الذي يمكن أن يلجأ له الشعب الفلسطيني، إلا أن الخيار السلمي لا يزال مطروحا وأكدت عليه كل الفصائل. وماذا عن دور الدول العربية في دعم القضية الفلسطينية؟ هناك تراجع في حجم الدعم والإسناد العربي للقضية الفلسطينية بملفاتها المختلفة، وربما هذا له علاقة بالأوضاع الداخلية بالدول العربية، لكن هذا بالتأكيد غير مبرر؛ لأن القضية الفلسطينية هي قضية كل العرب وكل المسلمين لهذا نحن نطالب بدعم عربي أكثر فعالية وأكثر تأثيرا. مع فريق محيط ماذا عن دور تركيا في الفترة السابقة؟ هل كان بالحجم الكبير الذي أبرزه الإعلام؟ نحن مع أي جهد عربي أو إسلامي أو دولي داعم ومساند لقضية فلسطين والشعب الفلسطيني، ولكن إذا تطرقت بشكل خاص إلى تركيا وإلى فإن التصريحات الإعلامية التي صدرت عن مساعدة "أردوغان" للشعب الفلسطيني أكبر بكثير عن ما تم تطبيقه على أرض الواقع، ومع ذلك نحن نقدر أي جهد من دولة عربية أو إسلامية تجاه فلسطين. ماذا عن الدور المصري في دعم القضية الفلسطينية ؟ مصر دائما هي عمقنا التاريخي والقومي، ومصر هي قبلتنا وعزتنا وعروبتنا، وارتباطنا التاريخي بمصر يدفعنا دائما إلى تعزيز أواصر هذه العلاقة، ولن ننسى أبدا الدور المصري الداعم للقضية الفلسطينية . ومصر كان لها دور في الفترة الأخيرة في دعم القضية الفلسطينية، ورعت أكثر من جولة مفاوضات فلسطينية، وكذلك صفقة تبادل الأسرى السابقة "شاليط"، كما رعت اتفاق إنهاء إضراب الأسرى عام 2012م، ومؤخرا قدمت مبادرة وقف إطلاق النار على غزة، كما كان لها دور في رعاية المفاوضات (الفلسطينية الفلسطينية) و(الفلسطينية الإسرائيلية). ولكن في النهاية تظل مصر شأنها شأن الدول العربية، فنحن نقدر الظروف التي تمر بها مصر ونأمل أن تكون دائما بخير، لأنه إذا كانت مصر بخير ستكون الدول العربية جميعها بخير، وأعتقد أن مصر في طريقها لاستعادة دورها التاريخي والقومي بشكل عام، ودورها تجاه القضية الفلسطينية بشكل خاص. قالت حماس عن المبادرة المصرية لإنهاء الحرب بأنها لاتسمن ولا تغني من جوع.. ما رأيك في هذا؟ عند العودة إلى الأحداث وما قالته حماس، نرى أنه كان من الخطأ أن تقول حماس "لا" للشقيقة مصر، وكان يجب عليها أن تقبل بالمبادرة المصرية، ومن ثم إرسال وفداً للتشاور، وما يؤكد خطأ حماس هو ما جرى فيما بعد، فما رفضته حماس بعد ثمانِ أيام من الحرب،عادت وقبلت به بعد 51 يوما، وعاد الوفد إلى القاهرة وبنفس الظروف وبنفس الحيثيات على أساس اتفاق 2012، وعلى أساس المبادرة المصرية. ما تعليقك على فكرة لجوء إسرائيل للتصفية الجسدية بدلا من الأسر؟ إسرائيل مع بداية انتفاضة الأقصى اتخذت قراراً واضحاً بتصعيد عمليات الاغتيال، وبالتالي فهي تريد إنهاء حياة أي شخص تجد بأنه يشكل أي خطر على أمنها، وهو قرار قديم اتخذته منذ سنوات وحظي بدعم سياسي إسرائيلي، وكان قراراً معلناً، فهي تريد أن تتخلص من هذه الشخصيات بشكل نهائي. أخيرا.. ما مصير المصالحة الفلسطينية؟ هو سؤال صعب؛ الواقع في غزة هو واقع مرير، وهناك حالة من الإحباط تسود كل الفلسطينيين تجاه هذا الموضوع نتيجة إبرام أكثر من اتفاقية بما فيها اتفاقية "مكة"، ولم ينجز أي شيء منها على أرض الواقع، حتى أصبح الفلسطيني ممن يقطن قطاع غزة غير مبديا أي اهتمام لهذه الاتفاقيات، لأنه يدرك أن مصيرها الفشل مثل مصير باقي الاتفاقيات.