واشنطن: رغم تداعيات أزمة الرهن العقاري الأخيرة إلا أن الاقتصاد الأمريكي قد تمكن من إحراز معدل نمو خلال الربع الثاني بوتيرة أسرع مما كان متوقع. وتأتي البيانات الإيجابية المتعلقة بمعدل النمو في ظل الانتعاش القوي لحركة الصادرات الأمريكية التي استفادت من الانخفاضات المتتالية للدولار منذ بداية العام الحالي. ووفقا لتقرير وزارة التجارة الأمريكية فقد سجل الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة معدل نمو خلال الشهور الثلاثة من أبريل حتى يونيو بلغ نحو 3.3% متجاوزا مستويات النمو المتوقعة من قبل والتقديرات الأولية التي صدرت الشهر الماضي والتي حددت المعدل ب 1.9%.وكان الاقتصاد الأمريكي قد سجل معدل نمو خلال الربع الأول ب 0.9%. وقد اسهمت المستويات القياسية للصادرات والإجراءات التي اتخذتها الحكومة الأمريكية لرد بعض أموال الضرائب بهدف تنشيط حركة الإنفاق قد اسهمت في تجنيب الاقتصاد الأمريكي مخاطر الركود خاصة وأن القطاع العقاري ما زال يعاني انعكاسات أزمة أسواق الائتمان. ويعد معدل النمو المسجل في الربع الثاني الأعلى من نوعه وذلك منذ الربع الثالث من العام الماضي. واسهمت بيانات التجارة الخارجية للولايات المتحدة في إعطاء الدعم الأكبر للاقتصاد الأمريكي خلال الربع الثاني حيث تراجع عجز الميزان التجاري إلى أقل مستوى منذ 8 سنوات. غير أن ذلك الدعم للاقتصاد الأمريكي من قبل حركة التبادل التجاري قد يتضاءل بعض الشيء خلال الشهر المتبقية من العام الحاري وذلك في ظل بوادر تباطؤ النمو الاقتصادي في كل من أوروبا واليابان اللذين يمثلان أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. وقد سجلت حركة الإنفاق الاستهلاكي في الولاياتالمتحدة التي تسهم بأكثر من 66% من حجم الاقتصاد الأمريكي ، معدل نمو خلال الربع الثاني من العام الحالي مقارنة بالتقديرات السابقة التي حددت النمو ب 1.5% ومقارنة بالمعدل المسجل في الربع الأول والبالغ 0.9%. غير أنه وفقا لمسح اجرته شبكة بلومبرج الإخبارية في وقت سابق من الشهر الحالي فإن مرحلة الانتعاش في مستويات الانفاق الاستهلاكي بالولاياتالمتحدة والتي تعد أطول فترة من نوعها قد تنتهي العام الحالي وتدعم تلك التوقعات بيانات وزارة التجارة الأمريكية والتي اظهرت انخفاض مبيعات تجارة التجزئة الشهر الماضي وذلك لأول مرة منذ خمسة أشهر. وترجح بعض الأراء أن يكون ضعف أداء سوق العمل بمثابة أحد الأسباب وراء الانكماش المتوقع في حركة الإنفاق الاستهلاكي. ومن واقع بيانات وزارة العمل فإن السوق الأمريكي قد فقد 463 ألف وظيفة العام الحاري في الوقت الذي لم تواكب فيه مستويات الأجور معدل التضخم. هذا ويبدو أن الولاياتالمتحدة على أعتاب مرحلة انكماش اقتصادي في النصف الثاني من العام الجاري بعد أن أصبحت المشكلات التي تواجه أكبر اقتصاد في العالم واضحة للعيان بفعل البيانات التي تشير إلى أبطأ معدل في إنشاء المساكن الجديدة خلال أكثر من 17 سنة. ويقول ديميتري فليمنج، وهو اقتصادي لدى مؤسسة "آي إن جي"، إن البيانات الأمريكية "تحمل معها طابعاً قوياً من الكساد التضخمي"مؤكدا أن بيانات المساكن الجديدة قد تشوهت بفعل القواعد الجديدة للمباني التي تضم عدة عائلات في مدينة نيويورك، لكن الأرقام الخاصة بالمساكن المخصصة لعائلة واحدة تكشف عن الاتجاه العام الحقيقي قائلا: "هذه البيانات لا تدع مجالاً للشك في أن الانقباض الإسكاني ما يزال موجوداً"،كما أوردت صحيفة الاقتصادية الالكترونية. ويؤكد هذا الاتجاه ما أعلنه مصرف "يو بي اس" السويسري ان الولاياتالمتحدة قد تدخل مرحلة انكماش اقتصادي في النصف الثاني من السنة بسبب التأثيرات الضئيلة للإجراءات النقدية والمالية. ومن جانبه حذر ألان جرينسبان رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي السابق في مقابلة مع صحيفة الفاينانشيال تايمز في وقت سابق من أن الولاياتالمتحدة مازالت معرضة لمخاطر الركود، معربا عن اعتقاده بأن هناك احتمال أكثر من 50% بحدوث ركود اقتصادي بالولاياتالمتحدة. ويؤكد جرينسبان أن الخطر الأساسي الذي يراه يكمن في أن معدل الادخار على مستوي الأفراد في الولاياتالمتحدة سينمو بشكل أسرع عما يتوقع أغلب المحللين وهو ما سيؤثر على الإنفاق الاستهلاكي مع إمكانية شراء المساكن وظهور بوادر ضعف أسواق العمل من حيث القدرة على إيجاد فرص توظيف جديدة فضلا عن تراجع الإقبال على منتجات الائتمان المصرفي. يذكر أن أوساط اقتصادية مستقلة قد قدرت خسائر الاقتصاد الأمريكي والعالمي بسبب أزمة الرهن العقاري بحوالي 300 مليار دولار. وعلى الجانب الأخر أكد التقرير السنوي لمنظمة "إي إم دي" التي تتخذ من مدينة لوزان السويسرية مقرا لها في وقت سابق إن الاقتصاد الأمريكي هو الأكبر في العالم وهو أيضا الأكثر قدرة على التنافس تليه سنغافوره وهونج كونج ولوكسمبورج والدنمارك.