في الوقت الذي تنشر فيه وسائل الإعلام الغربية في الآونة الأخيرة موضوعات توجه أصابع الاتهام لتركيا فيما يتعلق بزيادة قوة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وتنامي خطره على المنطقة، يرى خبراء أن سياسات الولاياتالمتحدة في المنطقة، وتحديدا في العراق، هي التي مهدت الأرضية لظهور داعش. ووفقا لما جاء على وكالة "الأناضول" للأنباء ومن أمثلة الأخبار التي تدّعي وصول الدعم البشري والمالي لداعش عبر تركيا بشكل مباشر أو بالوساطة، ما نشرته وكالة "رويترز"، أمس الأربعاء، تحت عنوان "العزوف التركي يعوق الخطط الأمريكية لبناء تحالف ضد الدولة الإسلامية"، قالت فيه إن الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" ورئيس الوزراء "أحمد داوود أوغلو" يرفضان "المشاركة في تحرك يخشيان أن يؤدي إلى تقوية عدوهما الرئيس السوري بشار الأسد ويؤدي إلى تفاقم التوترات الطائفية في العراق". ونشرت ال"وول ستريت جورنال" خبرا، قالت فيه إن أنقرة لم تعد حليفا للولايات المتحدة، وأنها على الرغم من كونها عضوا في الناتو فإنها لم تعد منذ فترة تتصرف كحليف للولايات المتحدة والدول الغربية، مضيفة أن رفض تركيا السماح للطائرات الأمريكية باستخدام قاعدة "أنجرليك" الجوية على أراضيها لقصف مواقع داعش، يصعب من مهمة الولاياتالمتحدة ضد التنظيم. بدورها نشرت ال"نيويورك تايمز " خبرًا ادّعت فيه أن تركيا هي أكبر مصدر للمقاتلين المتجهين للقتال في صفوف تنظيم "الدولة الإسلامية"، وأوردت فيه قصص انضمام شباب ل "داعش" يعيشون في المنطقة التي يقع فيها مسجد "حاجي بايرام" بالعاصمة التركية أنقرة، وزعمت الصحيفة في خبرها أن المسؤولين الأتراك يتجنبون اتخاذ تدابير جدية في مواجهة تنظيم "الدولة"، ووضعت صورة "أردوغان"، و"داود أوغلو" وهما يخرجان من جامع "حاجي بايرام ولي" بعد أداء صلاة الجمعة، مع الخبر المذكور، وتسببت تلك الصورة في الإيحاء بأن المسؤولين الأتراك على علم بانضمام الشباب لتنظيم داعش. وبعد ردود الأفعال الغاضبة والانتقادات، الصادرة عن الرئيس أردوغان وجهات أخرى، اضطرت الصحيفة إلى نشر تصحيح حول الخبر، وذكرت إدارة الصحيفة، في ملاحظة نشرتها في نسخة الخبر على الإنترنت، أن الصورة استُخدمت بالخطأ في سياق الخبر. وأوضحت أن المسجد في الصورة، وزيارة أردوغان له لا علاقة لهما بموضوع الخبر. وفي مقابل تلك الاتهامات التي توجه إلى تركيا، يرى خبراء أن سياسات الولاياتالمتحدة في المنطقة هي التي هيأت الظروف لنشأة تنظيم الدولة الإسلامية. ومن هؤلاء مندوب الولاياتالمتحدةالأمريكية الأسبق لدى الأممالمتحدة "جون بولتون"، الذي قال في تصريحات للأناضول، إن الانسحاب المبكر للقوات الأمريكية من العراق أدى إلى زيادة نفوذ إيران به، مؤكدا أنه "لو لم يقم الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" بسحب القوات الأمريكية من العراق قبل ثلاث سنوات، لكان من الممكن منع المأساة الحالية من الوقوع تماما، إذ إن سحب القوات الأمريكية من العراق قضى على إمكانية تعايش العناصر العراقية المختلفة مع بعضها البعض، وإنشاء حكومة قادرة على الاستمرار". وأضاف بولتون أن سياسات رئيس الحكومة العراقية السابق "نوري المالكي" المهمشة لسنة العراق، أدت إلى دفع شيوخ القبائل السنة وأنصار حزب البعث باتجاه الانضمام إلى داعش. وأشار بولتون إلى أن ترك المالكي لمنصبه لم يقلل من تأثير إيران على الحكومة العراقية. بدوره أرجع الخبير الاستراتيجي "روبرت كريمر" في مقالة نُشرت في "The Huffington Post" ، أسباب ظهور داعش إلى ما قبل ذلك، وتحديدا إلى قرار الرئيس الأمريكي السابق "جورج بوش" ونائبه "ديك تشيني"، شن حرب "غير ضرورية" في العراق، حيث يقول كريمر إن قرار بوش باجتثاث البعث، أدى إلى إبعاد السنة عن الجيش والوظائف البيروقراطية. ويرى كريمر أنه ليس من قبيل المصادفة وجود اثنين من كبار ضباط الجيش العراقي في عهد الرئيس الأسبق "صدام حسين"، بين أهم القادة العسكريين في تنظيم الدولة الإسلامية.