أكد فاروق لوغ أوغلو، نائب رئيس حزب "الشعب" الجمهوري، المعارض التركي، أن مصر دولة كبرى بمنطقة الشرق الأوسط، وهي القائد الطبيعي للعالم العربي، وبالنظرة إلى العالم العربي، فإن الدولة الأولى التي تقفز إلى ذهن الجميع هي مصر. وذكر لوغ أوغلو، في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط، أن مصر حققت كل ما هو متوقع منها كقيادة بالمنطقة خلال جميع الأوقات، بما في ذلك التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل.
وقال إن الأتراك لديهم ثقة تامة في قدرات مصر على تحقيق مستقبل مشرق لها، مشيرا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي هو اختيار الشعب المصري، ونود كثيرا أن نرى مجتمعا أكثر انفتاحا، وهو الأمر الذي نفتقده في تركيا حاليا.
وأشار إلى أن العلاقات "التركية-المصرية" كانت إيجابية دائما قبل أن تصل إلى أسوأ درجاتها حاليا، مضيفا أن أكثر شىء لاحظه خلال زيارته لمصر على رأس وفد من الحزب هو ما قاله أردوغان عن شيخ الأزهر، وأنا مدرك تماما أن هذا تسبب في جرح كبير للشعب المصري.
وأكد أنه عندما عاد إلى تركيا وجه نداء إلى رئيس الوزراء أردوغان وقتها لسحب هذه التصريحات والاعتراف بأنه أخطأ في حق شيخ الأزهر لكنه لم يقدم، مشيرا إلى أنه عندما التقي شيخ الأزهر، وجده رجلا وعالما جليلا وشخصا ناضجا.
وتابع لوغ أوغلو: "أود أن أؤكد أنه ليست لدينا أي مشاعر سيئة على الإطلاق تجاه الشعب المصري، ولا حتى تجاه الحكومة المصرية، وما يقال ليس موجودا إلا في عقل ولسان أردوغان وداود أوغلو فقط، وأعتقد أنه في هذه الأيام هما لا يتحدثان عن مصر، وأعتقد أن الرئيس السيسي والحكومة المصرية قد عضدا من مصداقيتهما واحترامهما في المنطقة والمجتمع الدولي.
وقال إن الفشل الأكبر للرئيس المعزول محمد مرسي كان في مجال الاقتصاد، حيث لم يستطع فعل الكثير، فلو كان، إلى جانب احترامه الدستور، قد اتخذ خطوات محددة لرفع مستوى معيشة الشعب، لاختلف الأمر كثيرا.
وأكد أنه قد يكون من الخطأ على المدي البعيد محاولات قمع وحظر جماعة الإخوان المسلمين كقوة سياسية، ونحن ندرك ذلك من خبراتنا هنا في تركيا، فإذا حاولت أن تلغيها نهائيا فلن تختفي، ولذلك أتمنى خلال الأشهر أو السنوات القادمة أن يظهر هذا الاحتمال في طريقة التفكير هذه.
وكما أكد أن حزب الشعب الجمهوري يدعم بقوة فكرة العلاقات المثلى بين تركيا ومصر، فلدينا احترام كبير ومحبة وتعاطف مع الشعب المصري، ونؤمن بأن مصر، شعبا ودولة، ستحظي بمستقبل مشرق وستصبح بلدا كبيرا ومسؤولا ومستقرا في هذه المنطقة التي تضربها التوترات.
وحول التقارير الصحفية الأخيرة التي أشارت إلى تورط الحكومة التركية في دعم الجماعات الإرهابية مثل تنظيم "داعش"، أوضح لوغ أوغلو أن "هذا مع الأسف هو أحد المظاهر السيئة لهذه الحكومة، فسياسات وزير خارجيتنا (السابق) الخاصة بالعراقوسوريا هي المسؤولة بشكل كبير عن امتداد الصراع في هذين البلدين، فهذا الأمر هو مسؤولية داود أوغلو، بنفس القدر من مسؤولية الرئيس السوري بشار الأسد والمعارضة السورية، ومسؤولية رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي وجميع المسؤولين العراقيين.
وقال إن سياسة أردوغان وداود أوغلو الخاصة بسوريا كانت تقوم على فكرة واحدة واضحة، وهي مستمرة حتى اليوم، ألا وهي أن "أي شخص يحارب بشار الأسد هو في نفس جانبي، وسأساعده، حتى ولو كان تنظيم "داعش"، وبالطبع كان هناك وقتا يحارب فيه تنظيم داعش وغيره نظام بشار الأسد، ولكن تغير هذا الأمر فيما بعد، فأصبح تنظيم "داعش" وجبهة النصرة وآخرون في حرب بين بعضهم البعض، وجميعهم يحاربون النظام السوري، بل والمعارضة السورية، وبهذه الطريقة أصبحت سوريا أرضا خصبة للتنظيمات الإرهابية الراديكالية، حيث يعمل هناك ما يزيد عن ألفي مجموعة.
وقال إن ما يحدث في سوريا تسبب في الكثير من الأضرار لتركيا، حيث كانت هناك هجمات إرهابية مثل تفجير ريحانلي الذي قامت به جبهة النصرة، إضافة إلى أكثر من مليون لاجئ سوري توافدوا على تركيا، ومؤخرا آلاف اللاجئين من العراق، كما تسببت في أضرار اقتصادية من ماردين إلى مرسين، حيث تعاني السياحة والفنادق والمطاعم من مشكلات كبيرة، إلى جانب الضرر الذي أصاب تركيا دوليا، حيث أصبح ينظر إلى تركيا على أنها دولة تمنح كل أشكال الدعم من أسلحة وأموال ومقاتلين للتنظيمات الإرهابية.
وحول التقارير المحلية والعالمية حول مزاعم بوجود مكتب غير رسمي يتخذ من اسطنبول مقرا له ويوفر المقاتلين والمتطوعين الجدد للانضمام إلى صفوف "داعش"، أوضح لوغ أوغلو:" ليس لدي مستند أو وثيقة رسمية تؤكد ذلك، ولكن الصور والعناوين والأسماء في الصحافة التركية ووسائل الإعلام العالمية تثبت صحة هذه المزاعم".
وأضاف لوغ أوغلو أنه كانت هناك تظاهرات بالفعل بإسطنبول مؤيدة لتنظيم داعش ورفعت أعلام التنظيم السوداء، وهذا يحدث في بلد يقتل فيه المتظاهرون السلميون في إسكيشهير، وأنقرة ومتنزه جيزي بارك باسطنبول، وفي نفس الوقت يستمتع مؤيدو "داعش" بحق التظاهر دون أن يتعرض إليهم أحد، وهذا بالتالي يوضح السياسة الطائفية لهذه الحكومة، ولذلك تدعم هذه الحكومة جماعة الإخوان المسلمين في سوريا ومصر.
وولد لوغ أوغلو في أنقرة في عام 1941، وهو سفير متقاعد وخريج كلية العلوم السياسية من جامعة برانديس الأمريكية، وحاصل على شهادة الدكتوراة في العلوم السياسية من جامعة برنستون الأمريكية، كما عمل عضوا بالهيئة التدريسية في كلية العلوم السياسية في جامعة ميديل آيوري الأمريكية.
وبدأ لوغ أوغلو عمله في وزارة الخارجية التركية في عام 1971، وشغل منصب مستشار الشؤون الخارجية، ومستشار الشؤون السياسية للممثلية الدائمة بالأمم المتحدة.
كما كان سفير بلاده في كل من الدنمارك وآذربيجان والولايات المتحدةالأمريكية، وهو يجيد الإنجليزية والفرنسية، وقد فاز بالانتخابات البرلمانية في عام 2011 كنائب عن مدينة أضنة لحزب الشعب الجمهوري، كما شغل منصب رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية التركية–الأمريكية، ومنصب مساعد رئيس حزب الشعب الجمهوري للشؤون الخارجية.