أكد د. جابر عصفور وزير الثقافة المصري أن كتابات نجيب محفوظ كانت مثل ضخامة المعابد الفرعونية وبساطة البيوت الريفية وعراقة الحارة المصرية. كلمات نجيب محفوظ كانت تحض على الثورة والحرية، وأحفاده هم من قاموا بثورتي 25 يناير و30 يونيو لإزاحة الاستبداد . هكذا عبر وزير الثقافة المصري خلال ندوة عقدت أمس احتفالا بذكرى رحيل نجيب محفوظ، شيخ الرواية العربية، والتي نظمتها لجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة ، بحضور رئيس اللجنة الأديب يوسف القعيد، والدكتور محمد عفيفي الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة، والعديد من الكتاب وأصدقاء نجيب محفوظ ولفيف من الصحفيين والإعلاميين . وتذكر عصفور أنه عرض على محفوظ فكرة ملتقى القاهرة للإبداع الروائي، والذي تنطلق دورته الجديدة مارس المقبل، وقد كتب على درع الملتقى كلمات محفوظ في روايته "السكرية" والتي تؤكد قيم العدل والخير والجمال لقد استطاع محفوظ أن يحمل الحارة المصرية الضيقة إلى العالم برواياته ، وكان ينظر للماضي ويستشرف المستقبل معا ، لذلك سيظل نجيب محفوظ بأدبه باقيا لأجيال قادمة ، واستطرد وزير الثقافة أنه يشعر بالفخر حين ينظر للأجيال الجديدة التي تقرأ بنهم أعمال محفوظ ، كما يرى الإقبال على ترجمة أعماله للغات عدة . كانت كلمات محفوظ كما يؤكد عصفور، تغني عن الكثير من الصفحات وسطر واحد يجعلك تبحر معه إلى سماوات الإبداع ودون أن تشعر بالوقت وهذا ما يميز كاتب عن آخر ، ثم تأتي بعد الموهبة الثقافة والدأب على القراءة والمتابعة ، فأعمال نجيب محفوظ من نتاج مثقف بثقافة مذهله. وكشف عصفور أن محفوظ حمد الله على أنه لم يعش عصر الانترنت.وأضاف أن إنتاج نجيب محفوظ لم يقف عقبة أمام المبدعين الجدد وخاصة مبدعي الستينات بدأ محفوظ الكتابة في الثلاثينات من القرن العشرين، وذكر عصفور أن أول ما بدأ به ترجمة كتاب لكاتب بريطاني وقد تأثر به في رواياته الثلاث الأولي وهي "عبث الأقدار ورادوبيس وكفاح طيبة" ، كما تأثر أيضا بكتابات سلامة موسى المفكر الاشتراكي. في رواية رادوبيس يصف محفوظ الملك اللاهي إشارة إلى الملك فاروق، أما في كفاح طيبة فهي ذروة الروايات الثلاث حت تنتصر مصر في النهاية ، وعندما بدأ نجيب محفوظ في كتابة الرواية الواقعية ظلت المبادئ الأساسية له في الكتابة الحق والخير، فكل كاتب له ثلاث أركان لرؤية العالم الله و الانسان والعالم ، وفي الروايات الفلسفية تمتزج الصوفية بالبوليسية في روايات تبدأ باللص والكلاب، ولم ينس نجيب محفوظ السؤال الديني في كتاباته قط عن المعذب الأبدي والبحث عن القيم الأبدية الثابتة والتوازن بين العلم والدين والعقل والروح، والبعد الاجتماع يجعل كل ذلك متوازنا في تقبل الآخر وأن العالم يسير بالتوازن وإلا سيحدث التطرف الاجتماعي والديني وكانت البدايا برواية " المرايا " . وأكد عصفور إن محاولة اغتيال نجيب محفوظ كانت بداية لسلسلة من العمليات الإرهابية التى مازلنا نعانى منها حتى الآن، وعلى الدولة أن تتعامل وتواجه هذا الخطر، مؤكدا أن الخطر الذى سيواجه مصر لمدة سنوات مقبلة خطر ثقافى، وأفكار تعود للقرون الوسطى، وليست محاولات تضييق سياسى يمارسها النظام كما يدعى البعض. من جانبه قال الكاتب الكبير يوسف القعيد أن نجيب محفوظ يعيش في ضمائرنا ووجداننا بعد رحيله بثماني سنوات ، وتساءل يوسف القعيد لو كان بيننا نجيب محفوظ الآن ماذا كان سيكتب عن ثورتي 25 يناير و30 يونيو ، و ماذا كان سيكتب في عام حكم الأخوان. يذكر أن عصفور أكد أن محفوظ ناقش شخصية سيد قطب فى رواية المرايا، بسبب آراؤه المتطرفة، ضد الثقافة الغربية، وضد حرية المرأة، ورفضه لوسطية الدين، وكانت هذه الرواية رصد لظاهرة التطرف والإرهاب الذى ظهر وقتها والتى نعيشها حتى الآن، وقد ظل نجيب يكتب عن الإرهابيين فى رواياته، وقد وضع أصابعه على الكارثة التى تهدد ثقافة مصر وهويتها). وأكد عصفور أن مكتبة الأسرة ستصدر خلال العام المالى 2014-2015 أكبر عدد إصدرات منذ إنشاؤها، حيث خصصت لها ميزانية تتجاوز ال20 مليون جنيه، بعد أن كانت ميزانيتها 2 مليون جنيه فقط، مشيرا إلى أن هذا العام ستصدر مكتبة الأسرة عدد من روايات أدب نجيب محفوظ بأسعار رمزية حتى تتاح لكل القراء، لمحاولة تجاوز أزمة احتكار أعمال نجيب محفوظ من قبل إحدى دور النشر الخاصة.