رحلة مؤرخ أكاديمي ومتمرد سياسي اختار قول الحق في عز الطغيان كحيلة رفع الشبهات عن العهدة العمرية .. وخاض موضوعات شائكة محمد عفيفي: كحيلة شخصية أسطورية .. وأصدقائه : كان نهر عطاء ابنة الراحل : جائزة باسمه للمتفوقين وباحثي الأندلسيات مشاهد كثيرة استدعاها منتدى الراحل "عبادة كحيلة" للدراسات التاريخية، من وقوفه على سلالم نقابة الصحفيين للمناداة بالتغيير ضمن حركة "كفاية" التي كان أحد مؤسسيها، أو علمه الغزير وأبوته الحانية على كل الباحثين خاصة في مجال التاريخ الإسلامي والأندلسيات، وأخيرا مشاهد المؤرخ الفذ الذي ينتقي الطرق الوعرة للخوض فيها بلا وجل .. إنه الدكتور عبادة كحيلة الذي وافته المنية مؤخرا، وفي لمسة وفاء مستحقة فكر تلامذته في تدشين منتدى باسمه لرعاية الباحثين بحقول التاريخ والذي انطلق أمس الأول بدار الأوبرا المصرية، كما تدرس جامعة القاهرة التي أفنى فيها عمره بأن تدشن جائزة باسمه، فيما تسعى كلية الآداب لأن يكون باسمه مدرج وان يكون اسمه على جائزة رفيعة لأوائل دفعة قسم التاريخ والمتميزين من الباحثين .. حضر الحفل أسرة الراحل ولفيف من الأكاديميين في حقل التاريخ وعلى رأسهم الدكتور محمد عفيفي أمين المجلس الأعلى للثقافة والدكتور محمد إبراهيم رئيس قسم التاريخ الأسبق بجامعة بني سويف والدكتور أحمد الشربيني رئيس قسم التاريخ بجامعة القاهرة. تبدأ أولى جلسات المؤتمر في السادس في أكتوبر القادم متزامنا مع احتفالية بالنصر العظيم وذلك وستكون الاحتفالية في بيت السناري بالقاهرة. عبادة المتمرد الثائر عبر الدكتور أحمد الشربيني عن حزنه الشديد علي فراق الدكتور عبادة كحيلة قائلا أن التأبين يكون للراحلين أما كحيلة فباق بآثاره وأفكاره التي تحض على احترام حقوق الإنسان وقيم المواطنة وحب التعلم . كحيلة أيضا كان متمردا سياسيا وأكاديميا ؛ فكان يختار الموضوعات المثيرة للجدل التي يراها الباحثون صعبة . وقد اقترح الشربيني جائزة تحمل اسم كحيلة تُمنح للطلبة المتفوقين بحقل الدراسات التاريخية الأندلسية. وفي هذا السياق أعلن الدكتور محمد إبراهيم أن أسرة الراحل طرحت جائزة مالية تمنح للطالب الأول علي الدفعة بقسم التاريخ أو أفضل الرسائل العلمية في تاريخ المغرب والأندلس وهو التخصص الذي كان الراحل يهواه كما طالبت الأسرة بإطلاق اسم الدكتور عبادة كحيلة علي أحد مدرجات الجامعة. من جانبه، اعتبر الدكتور محمد عفيفي أن كحيلة كان موسوعة ثقافية متحركة، بل إنه كان أشبه بأسطورة تعيش بين الطلبة والباحثين يندر تكرارها . ورقات في الزمن الصعب عن عطاء المؤرخ عبادة كحيلة تحدث الدكتور عبد الناصر عبد الحكم أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة أسيوط، حيث عرف هناك بكونه نصير الطلاب . كما تذكر مواقف كحيلة السياسية ومشاركته بحركة 9 مارس وحركة كفاية ومهاجمته للنظام الأسبق في عز طغيانه وذلك خلال مقدمة كتابه "ورقات في الزمن الصعب". الدكتور عبد الباقي السيد أستاذ التاريخ اعتبر أن كحيلة كان بصدد إصدار سيرته الذاتية للكشف عن أسرار كثيرة لم يمهله القدر الفرصة لنشرها مضيفا أن هذا الرجل تخطى اسمه أسوار الجامعة وسيرته تفضح المتلونين بالجامعة والسياسة، وقال أنه سيصدر كتابا عن جهود الراحل في المغرب والأندلس وأعماله بالشعر والأدب والجغرافيا. وأضاف أن كتابه "العهدة العمرية " يعد "قنبلة" خاصة أنه أثبت نصوصا لم تكن مثبتة، ودعا لرفع الشبهات حول تلك الحقبة التي لا تتفق وسماحة الإسلام ومنها التمييز ضد المسيحيين، فهذا غير ثابت تاريخيا. كما كان كحيلة أحد المبادرين بكتاب عن الغجر، وبخاصة أنهم جنس أثر كثيرا بالأدب العربي، لكنه حين خاض هذا المجال كان يعلم بأنه غير مطروق في الكتابات التاريخية العربية كثيرا. ولم تترك الدموع الفرصة للدكتورة أروي ابنة الراحل للحديث عن أبيها فقد كان يشجعها دوما على السفر للخارج ، وكان معروفا بكونه فيلسوفا وليس مجرد مؤرخ .