في الساعات الأولى من صباح يوم 14 أغسطس2013 شهد ميداني رابعة والنهضة واحدة من أبشع عمليات فض الاعتصام التي راح ضحيتها ما يقرب من 2000 شهيد و أكثر من 10000 آلاف مصاب وجريح ومفقود ومعتقل. حقيقة فض الاعتصام غابت ما بين الإعلام الحكومي الموالي لثورة 30 يونيو، والمعارض المؤيد للرئيس المعزول، حتى تاهت وجعلته يتشتت بين ما هو صائب وما هو كاذب. في التقرير التالي نرصد شهادات جديدة عن حقيقة فض الاعتصام والانتهاكات التي صاحبته وفقا لشهود عيان كانوا على مسافة واحدة مع دخول قوات الأمن للميدانين لفض الاعتصام. فض "النهضة" بدأ في الخامسة فجرا في البداية يقول معاذ رضا صحفي، علمت من مصادر أن يوم الفض سيكون بعد صلاة الفجر مباشرة فجهزت نفسي وذهبت مباشرة إلى ميدان النهضة في حوالي الساعة 4.30 ومكثت أنا وزملائي الصحفيين وبعض الزملاء المصورين عند كوبري الجامعة، وفي حوالي الساعة الخامسة سمعنا أصوات الإنذارات تنطلق من ميكروفونات المدرعات وتدعوا المتظاهرين للخروج من محيط ميدان النهضة وسيكون الخروج آمنا واستمر هذا الوضع لحوالي النصف ساعة. وتابع، سمعنا صوت الرصاص بشكل كثيف جدا ولم ندري إذا كان من ناحية المتظاهرين أم من ناحية الشرطة، وبعدها منعتنا الشرطة من دخول الميدان حتى قاموا بالمداهمة وإرجاع المتظاهرين إلى الخلف. ودخلنا الميدان وكان الدخان كثيفا جدا فلم نرى شيئا ثم بدأت الشرطة تتعامل بالخرطوش والرصاص الحي والمسيل للدموع، واستمر هذا الوضع من الجانبين المتظاهرين والأمن، يتبادلان إطلاق الرصاص، حيث كان يحمل بعض المتظاهرين أسلحة آلية ويضربون من خلف ساتر أقاموه واشتعلت النيران في بعض الخيام ولم ندري من كان السبب في ذلك. واستمرت المعركة بين المتظاهرين والشرطة من ناحية كوبري الجامعة لمدة ساعة ونصف تقريبا، وقامت الشرطة بإدخال المتظاهرين كلية الهندسة، وحدث إطلاق نار عشوائي فأصبت بطلق خرطوش في ظهري ورجلي. قتلوا الأطفال وحرقوا الخيام أما إيمان سعد فتقول إن الشرطة كانت تضرب النار في ميدان رابعة، وكأنها مستعينة بجنود مرتزقة من الخارج فقد أطلقوا علينا النيران وكأننا لسنا بمصريين أو مسلمين مثلهم، وساهموا في قتل أكثر من خمسين طفلا بجانب المجازر التي ارتكبوها منذ الصباح الباكر. وأضافت انه عندما قامت قوات الشرطة بإحراق الخيام دخل أحد الضباط خيمة كان بها دكتورة تسعف إحدى المصابين بالرصاص الحي فقال الظباط للدكتورة "أخرجي يا ولية بره". وعندما رفضت الدكتورة الخروج هددها الضابط بأنه سيطلق عليها الرصاص فأخبرته أنها لن تترك المصاب وهو حي بل ستسعفه، فأطلق الضابط النار على المصاب ثم طردها خارج الخيمة ثم حرقها. وتابعت كان هناك صديق أخيها ويدعى مصطفى قامت قوات الشرطة بحبسه في عمارة"المنايفه" التي قتل فيها ما يقرب من 60 إلى 80 فردا بعد ما أمرتهم قوات الأمن بالنوم على بطونهم وأيديهم على رأسهم، ثم أطلقت الرصاص عليهم فاخترقت الرصاصة يده وفجرت دماغه وتوفي في الحال. وأكدت أن الشرطة استخدمت رصاص محرم دوليا فاستخدموا رصاص "الجرينوف" الذي يدخل السم ويفجره على الفور ومن شدة الصرب ترك الرصاص علامات على العمائر تمثلت في حفر عميقة. وذكرت أن هناك بعض الأفراد كتبوا أسمائهم وعناوينهم حتى يتم العثور عليهم بعد وفاتهم فقام أحد العساكر بسحل شاب وسأله "أيه المكتوب على أيدك ده " فأخبره أنه أسمه حتى يتعرف عليه أهله بعد وفاته، فقال له العسكري "أنت كداب أنت كداب الشهادتين على أيدك ". الممر الآمن كان كذبة أما إسلام ابو خضر" طالب أزهري" فقال انه كان معتصما في ميدان رابعة العدوية منذ بداية إعلان 3 يوليو، وظل مرابطا في الميدان حتى يوم الفض وكان يتردد علي أهله كل فترة مشيرا إلي أن مكان اعتصامه كان في خيمة علي يسار مسجد رابعة العدوية مباشرة. وفي صباح يوم 14 أغسطس سمع أصوات طلقات الخرطوش وانتشر بين المعتصمين أنباء محاصرة الشرطة للميدان، وأنها هذه المرة تبدو من أعدادها عازمة علي فض الميدان بمجزرة بشرية، وليس مجرد مناوشات مثل أحداث المنصة أو الحرس الجمهوري. وأكد أن الشرطة بدأت مباشرة بإطلاق الخرطوش والغاز المسيل للدموع بكثافة دون أن تطلق تحذيرات للمعتصمين، وان الشرطة استخدمت طلقات الخرطوش التي أصابت معتصما بالرأس علي بعد سنتيمترات منه. وأشار إلي انه بحلول ظهر هذا اليوم المستشفي الميداني اكتظت بالقتلى والمصابين، وعجز الفريق الطبي عن التعامل مع حالاتهم لكثرتها حتى الطرقات ودرجات السلالم كانت مكدسة بالجثث والمصابين، لافتاُ إلي أن إعلان الشرطة عن وجود ممر امن كانت مجرد كذبة وانه شاهد بعينه الشرطة وهي تطلق الخرطوش علي أشخاص يخرجون من هذا الممر وانه خرج من الميدان بعد أن هدأت الأجواء تماما مستخدما احد الشوارع الخلفية، وقضي ليلة كاملة في بير سلم إحدى العمارات متخفيا من رجال الأمن؛ لأن ملابسه كانت ملطخة بالدماء أثناء ما كان يقدم مساعدات للمصابين. إحراق خيم بها أطفال فيما قالت شاهدة عيان أخرى وتدعى أمل ربة منزل، أن إحدى الفتيات أثناء الاعتصام وتدعى هند هشام كانت ضمن مجموعة من الفتيات، يجرين بين المصابين لإسعافهم، فكن يحتمين من وقت لآخر بجدار أو ببرميل لكن أيديهن لم تكن تصل إلى المصابين من وراء الجدران والبراميل، فاضطررن للخروج إلى أماكن غير محمية، فإذا بضابط ملثم يقف فوق سطح حد البنايات ويصوب النار ناحية هند أثناء ميلها لتسقي أحد المصابين فتخترق الرصاصة جانبها ثم صوب الرصاصة الثنية لتخترق عمودها الفقري. وروت أمل أن صديق والدها اتصل بها لكي يطمئن على والدها عندما عاد من فض اعتصام النهضة، فروى لها أنه شهد بعينه سيدة وابنها كانوا في إحدى الخيام وكانت ترضع ابنها وعند خروجها رآها ضباط وقال لها "أدخلي زي ما كنتي" ثم أطلق رصاصة على الخيمة لتشتعل الخيمة بها وبابنها. وتبقى الحقيقة حائرة ما بين روايات شهود العيان وتقارير الطب الشرعي وجماعات حقوق الإنسان، ولكن الأكيد أن الكثيرين راحوا نتيجة فض الاعتصام، ولعل الأيام القادمة تحمل الكثير مما خفي. اقرأ فى الملف " ذكرى فض رابعة .. من سيدفع الثمن ؟" * ما الذي جنته جماعة الإخوان من الاعتصام ؟ * مفاوضات ما قبل فض الاعتصام تكشف صدمة الإخوان وانفصامهم عن الواقع * عام على فض اعتصامي رابعة والنهضة .. والموقف الدولي لم يتغير * سياسيون : فض الاعتصام حقق هدفه.. وآخرون: قضا على المعارضة * خبراء : فض رابعة لم يحقق أهدافه والذكرى تزيد المشهد تعقيدا * تقارير "تقصي الحقائق" وثيقة إدانة للنظام أم شهادة حق لصالحه * قصة اعتصام ميدان رابعة وشهادة حية من قلب الميدان ** بداية الملف